في ترّهات المشهد الحالي يتساءل عقلي كثيرا ، هل نحن حقا في ورطة؟ هل نحن بالفعل ما عاد أمامنا إلا أن ننتظر المخلص لينتشلنا من وحل المشاكل والأزمات التي نحن فيها الآن؟ هل لن تستقيم أمورنا حتى يأتينا مبعوث القدر لأننا لم نبلغ بعد مرحلة الرشد لنختار قناعاتنا بدقة ونحدد إلى أين المسير بالوطن؟ أسئلة كثيرة طافت في عقلي لم أستطع أمامها إلا أن أعود إلى التاريخ لأجد تفسيرات منطقية لكيفية مواجهة الأمم لهذه الحوادث حين لم يعد لديها وقت لعبور مفارق الطرق التي تواجها دوما في اللحظات المصيرية... بدا أدولف هتلر لي مثالا، مثالا بارزا من بعيد ، حين جاء هتلر إلى الحكم كانت ألمانيا تعاني من حالة عبثية وضياع وتشظي لم تعشه من قبل فالاقتصاد يعاني ، السياسة الألمانية لا مكان لها تحت شمس أوروبا الباردة بعد أن كانت معادل حقيقي لكل القارة العجوز في وقت من الأوقات، المواطن الألماني في أسوأ حالاته يعاني من البطالة والتيه والضياع وينظر بجواره فيرى البلدان الأخرى تعيش رغدا وبحبوحة من العيش وهو يعيش أسيرًا لمعاهدة إذعان فرضت عليه الإذعان والمذلة والتبعية للذين انتصروا عليه في الحرب العالمية الأولى. وفي هذا الظلام سمع الألمان صوت هتلر القوي ليبشّر الألمان أنهم سيقهروا كل هذا وسيعودا أسياد القارة من جديد ووعدهم بالفردوس المفقود على الأرض وهتف بأعلى صوته أنه سيمنع استغلال الساسة العجائز لهم مرة أخرى ورفع راية ألمانيا فوق الجميع عالية فوق كل نسيج المجتمع الألماني المتمزق، صدّق الألمان هذا الصوت وساروا خلفه هربا من واقعهم المأساوي، ذهبوا وإنتخبوه وعلّموا على اسمه في القائمة التي شملت أسماء كثيرة لم تتمتع بسحره ولا منطقه وبالفعل اكتسح هتلر الإنتخابات وفاز حزبه بالمقاعد وما هي إلا سنوات قليلة حتى قاد هتلر الذي صعد بالديمقراطية ألمانيا إلى حروب لا تنتهي ومواجهات لا مكسب لهم فيها بل خسائر لا نهائية سواء من الناحية البشرية أو الاقتصادية فبعد أن كان الألماني يحارب من أجل لقمة العيش أصبح يحارب من أجل مجد الزعيم الفوهرر صاحب الفردوس المفقود وبائع الأماني الخادعة، ووجد الأم والأب الألمانيين الذين كانا يبحثان عن فرصة عمل لأبنائهم الذين أتوا في صناديق خشبية تتقدمها الموسيقى العسكرية تقديرا لجهودهم على الجبهة ومحاربة الأعداء. سيدي القارىء لا تصدق كل الذي يريد أن يبيع لك أمل المستقبل الزاهر إلا حين ترى حاضرا يبشر به هذا الكلام المعسول،حاضرا يؤكد صدق النوايا وإلا فلا وألف لا لأننا لم نعد نتملك غيره.