أغلقت روسيا والصين بصورة نهائية قضية الحدود والأراضي المتنازع عليها بتوقيع بروتوكول إضافي للاتفاقية الموقعة بينهما في عام 2004 لترسيم القسم الشرقي من الحدود بين البلدين. وبمقتضى هذا البروتوكول، الذي وقع عليه في العاصمة الصينية بكين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، تنازلت روسيا للصين عن جزيرة تاراباروف بالكامل وعن نصف جزيرة أوسورسكي على نهر آمور. وزير الخارجية الروسي أكد أن الانتهاء بشكل تام من حل مشكلة الحدود بين روسيا والصين سيعني دفع العلاقات الإستراتيجية بينهما إلى الأمام. ومن المعروف أن غياب اتفاقية نهائية للحدود بين البلدين أدت إلى صدامات مسلحة بينهما في عام 1969. غير أن الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف حاول حل هذه المشكلة في عام 1991 بتوقيع اتفاقية لم ُتنهي مشكلة الأراضي المتنازع عليها بين موسكووبكين حيث ُنظر إليها على أنها اتفاقية مرحلية. وفقط في عام 2004 تمكن الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين من توقيع اتفاقية نهائية لتسوية مشكلة الحدود بين البلدين أنهت بذلك صراعا على الحدود طال لمدة أربعين عاما تقريبا. الصين شريك تجاري وعسكري هام بالنسبة لروسيا ، فهي تشتري أكثر من 50 % من منتجات المجمع الصناعي العسكري الروسي. كما أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين يتخطى الستين مليار دولار. في نفس الوقت تتعرض روسيا والصين لنفس التحديات من قبل الولاياتالمتحدة. فكلاهما ( أي روسيا والصين) يعتقدان بأن الولاياتالمتحدة تحاول حصارهما من خلال التغلغل في جمهوريات آسيا الوسطى. وتدعم بكينموسكو في رفضها لنشر الدرع الصاروخية الأميركية في شرق أوروبا، وتدعمها أيضا في رفض توسع الناتو. ومن جانبها تدعم موسكوبكين في المسألة التايوانية من خلال التأكيد على وحدة أراضي الصين. روسيا والصين تناديان بالتعددية القطبية ويعارضان انفراد الولاياتالمتحدة بإدارة العالم. وفي ظل احتياج الصين لموارد الطاقة بسبب نموها الاقتصادي المتصاعد تتشابك مصالحها مع روسيا صاحبة المخزون الكبير من هذه الموارد. ولذلك حل مشكلة الحدود والأراضي المتنازع عليها بين البلدين ستقوى بدون شك الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وستزيد من درجة التنسيق بينهما على الساحة الدولية وفي مناطق متعددة في العالم. ومظاهر هذا التنسيق لا يمكن تجاهلها، ومنها مسألة الملف النووي الإيراني، وقضية كوريا الشمالية النووية. وامتد التنسيق بينهما إلى درجة الاستخدام المشترك للفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد القرار الأميركي البريطاني بشأن زيمبابوي. ويمكن انتظار الكثير من هذا التنسيق الذي دفع عملية التعددية القطبية من مجرد طرح نظري إلى واقع عملي ولو جزئيا في الوقت الراهن. واللافت أن روسيا التي تنازلت طواعية عن قسم من الأراضي المتنازع عليها تاريخيا مع الصين ، لم ُتقدم على نفس الخطوة مع اليابان في ما يتعلق بجزر الكوريل المتنازع عليها.