ترجمة: هالة عبدالتواب نقلاً عن صحيفة لوموند - في طوكيو نادرا ما تتعرض دولة مضيفة لواحدة من القمم الإقليمية لمثل هذا الموقف الذي وقعت فيه اليابان باستضافاتها لأعضاء منتدي التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في ال 13 و 14 من نوفمبر في جزيرة يوكوهاما، وفي حين يُنتظر من الحكومة التي تستضيف مؤتمرًا دوليا أن تلعب دور الوسيط، فإن حكومة ناوتو لم تستطع أن تلعب هذا الدور وهي غارقة في الصراعات الإقليمية مع اثنين من أكبر جيرانها: الصين وروسيا. فمنذ شهرين توترت العلاقات بين طوكيو وبكين وأصبحت «علي حد سكين»، وذلك عقب الحادث الذي وقع بين مركب صيد صيني وقارب تابع لحرس الحدود اليابانية علي سواحل جزر سينكاكو، الواقعة بين أوكيناوا وتايوان، والمتنازع عليها بين البلدين. من جانب آخر فالعلاقة بين اليابانوروسيا ليست في أفضل حالتها منذ الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف لجزر كوريل (شمال هوكايدو)، التي تُعد أراضي روسية منذ هزيمة 1945 وتدعي اليابان أنها جزء من أراضيها. فضلا عن العديد من العوامل التي ساهمت في اشتعال التوتر، سواء كانت عوامل ظرفية مثل قلة الخبرة الدبلوماسية لحكومة ناوتو كان، أو عوامل أخري تعكس صراعا أكثر استدامة (المطامع الصينية الإقليمية في شمال بحر الصين، رغبة روسيا في التواجد في المحيط الهادي لتأكيد سيادتها علي جزر الكوريل ورفض اليابان الاعتراف بوجود مشاكل إقليمية مع هذه الدول من الأساس). وبينما يبدو النزاع الإقليمي بين اليابانوروسيا مستقرا، فإن مطالبة الصين بجزر سينكاكو تأتي في إطار استراتيجية صينية أكثر اتساعا تتمثل في تأكيد سيادتها علي بحر الصين الشمالي الذي يعتبر منطقة ذات أهمية حيوية لبكين، التي تعتزم توفير حرية الحركة فيها وفي الوقت نفسه إدانة الوضع الراهن. ثمة عامل آخر يتجسد في قضية جزر الكوريل التي لا تزال تُعكر العلاقات بين اليابانوروسيا منذ الخمسينيات، وتعوق توقيع اتفاقية السلام بين البلدين، في المقابل فإن قضية جزر السينكاكو كانت حتي وقت قريب قضية عالقة تنتظر التسوية دون أن يؤثر ذلك علي العلاقات السياسية أو الاقتصادية مع اليابان إلا أن الحال لم تعد كذلك. والعامل الأول وراء اندلاع التوتر بين الصين واليابان يرجع إلي «عجز» حكومة كان - وفقا لصحيفة أساهي اليومية - التي تورطت في أزمة كان يمكن تسويتها بالطرق السياسية. فبعد أن ألقت القبض علي قبطان مركب الصيد المسئول عن الحادث، تراجعت طوكيو وأطلقت سراحه مجددا لتهدئة بكين، وكان خطأ الديمقراطيين، الذين يقودون الحكومة منذ عام، هو محاولة إظهار قوتهم دون أن تكون لديهم الوسائل السياسية لإتمام ذلك، وقد أدي هذا التراجع المُخزي إلي هبوط شعبية رئيس الوزراء إلي 32%. وهذه «الهزيمة الدبلوماسية»، التي كشفت أيضا عن افتقار وزير الخارجية سيجي ما إهارا للرؤية النافذة وتشدده غير المُبرر مع الصين في حين يسعي فقط لتعزيز التحالف مع الولاياتالمتحدة، ترجع أيضًا لغياب قنوات التواصل المباشرة بين الديمقراطيين والقادة في الصين، بالإضافة إلي انعدام الثقة بين الإدارة والحكومة الحالية. كان رد الفعل الصيني عنيفا عندما اتخذت إجراءات اقتصادية غير متوازنة، إذ يبدو أن اليابان فاجأتها بما فعلت، وأثناء فترة حكم الليبراليين الديمقراطية في اليابان، كانت طوكيو وبكين تتفهمان تجنب مثل هذه الأحداث التي تؤدي للتصعيد: في 2004، رسا مجموعة من النشطاء الصينيين علي جزر السينكاكو وتم القبض عليهم إلا أنهم أعيدوا علي الفور للصين. ودخلت روسيا في اللعبة مع زيارة ميدفيديف لجزر الكوريل، لكن هل كان التوقيت محض صدفة؟ ففي سبتمبر الماضي، وقع الرئيس الروسي ونظيره الصيني بيانا ينص علي «الدعم المتبادل في الدفاع عن المصالح الحيوية للبلدين، منها السيادة الوطنية، والوحدة وسلامة الأراضي». فهل تستطيع اليابان أن تدخل في صراع مع روسيا والصين في نفس الوقت؟