أعلنت المحاكم الإسلامية بالصومال أنها سيطرت على مدينة كسمايو الواقعة جنوب البلاد في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين 25 سبتمبر، وذلك دون أية اشتباكات بعد فرار قوات أمراء الحرب الذين كانوا يسيطرون على المدينة التي تُعتبر ثالثَ أكبر المدن الصومالية. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية شيخ شريف شيخ أحمد تأكيده أن عددًا من قوات المحاكم قد دخلت المدينة بينما تحاصرها بعض القوات الأخرى، فيما أوردت وكالة (رويترز) عن أحد مصادر المحاكم الإسلامية في العاصمة مقديشيو قوله إن المحاكم سيطرت على كسمايو و"لم تطلق رصاصةً واحدةً"، بينما أكد أحد سكان كسمايو أن قوات المحاكم وشاحناتها العسكرية دخلت المدينة.
وقد انسحبت الميليشيات التي كانت تسيطر على المدينة والتي كان يقودها أمير الحرب والعقيد عبد القادر أدن شير، المعروف أيضًا باسم باري هيرالي، والذي يشغل أيضًا منصب وزير الدفاع في الحكومة الصومالية المؤقتة، وقد أكد نائبه يوسف ميري محمود خروج عبد القادر أدن شير أمس من كسمايو بعد خلافٍ داخل تحالفه بشأن أسلوب الردِّ على قوات اتحاد المحاكم الإسلامية، كما ذكر شهود عيان أن الميليشيا التابعة لعبد القادر شير قد انسحبت في 40 شاحنةً دون إطلاق أية طلقة على قوات المحاكم الإسلامية التي كانت طلائعُها قد وصلت قبل بدء انسحاب قوات أمراء الحرب منها.
وتشير الأنباء الواردة من كسمايو أن أهالي المدينة خرجوا لاستقبال قوات المحاكم الإسلامية ترحيبًا بها، وهو ما يؤكد تصريحات رئيس المحاكم الإسلامية التي قال فيها إن قواته وجدت المعونةَ من الأهالي؛ حيث انضمَّت المدينة إلى المحاكم طوعًا.
وتكتسب مدينة كسمايو أهميةً إستراتيجيةً كبيرةً لكونها ثالث أهم مدينة في الصومال، إلى جانب أنها الميناء الوحيد الباقي خارج سيطرة المحاكم الإسلامية في جنوب البلاد، وكان المتحدث باسم الحكومة الصومالية المؤقتة عبد الرحمن ديناري قد قال في وقت سابق إن الهجوم على المدينة يُعتبر خرقًا لوقف إطلاق النار المتفَق عليه ضمن تفاهمات السلام التي تم التوصلُ إليها في العاصمة السودانية الخرطوم بين ممثِّلي الحكومة والمحاكم الإسلامية.
لكنَّ الحكومة المؤقَّتة قامت في البداية بخَرق الاتفاق عندما وافقت على دخول قواتٍ تابعةٍ للاتحاد الأفريقي، وهو ما يخالف تفاهمات السلام، بالنظر إلى أنها تمنع استعانة أيٍّ من الحكومة أو المحاكم بجهات خارجية، الأمر الذي دفع المحاكم إلى التوجه للسيطرة على كسمايو لمنع قوات الاتحاد الأفريقي من استخدامها كرأس جسر للانتشار في الأراضي الصومالية.
وتسيطر المحاكم الإسلامية حاليًا على العاصمة مقديشيو وعدد من المدن الإستراتيجية في البلاد، ومن بينها مدينة جوهر التي كانت معقل أمراء الحرب في البلاد، فيما تُسيطر الحكومةُ المؤقتةُ فقط على مدينة بيداوا وتتخذ منها مقرًّا لها، وتَلقَى الحكومة مساندةً من جانب أثيوبيا التي تحاول التدخل في الصومال لتحقيق بعض المصالح الإستراتيجية.
وقد أكد شهود عيان أن التدخل الأثيوبي وصل إلى حدِّ إرسال قواتٍ لدعم الحكومة المؤقتة، ويحظَى ذلك الدعمُ الأثيوبي بموافقة الأمريكيين الذين كانوا يؤيِّدون في السابق دعمَ أثيوبيا لأمراء الحرب كما كانوا يقدمون الدَّعم لهم سرًّا.