كشفت مصادر طبية فلسطينية ارتفاع أعداد الإصابات والضحايا الذين ارتبط عملها بالأنفاق، التي تصل قطاع غزة بجمهورية مصر في الأشهر الماضية، نتيجة انهيارات في الأرض وتشققات في التربة أثناء عملية الحفر، أو بسبب استنشاق الغاز السام الذي يضخه الأمن المصري في الأنفاق التي يكتشفها، أو عملية تفجيرات صهيونية داخل النفق. وفي يوم الاثنين (11/8) تحديداً قتل ثلاثة فلسطينيين جراء انهيار نفق، فيما أصيب سبعة آخرون جراء استنشاق الغاز داخل نفق آخر، على الحدود الفلسطينية المصرية. قنابل دخانية وغازات سامة وقد أعادت هذه التطورات إلى الأذهان مشكلة الحصار المحكم والمستمر على قطاع غزة منذ حوالي 14 شهراً، بسبب إغلاق المعابر، سواء عدم التزام الجانب الصهيوني باتفاق التهدئة الذي يقتضي منه فتح المعابر رغم مرور حوالي شهرين على بدء سريانه، أو تقاعس الجانب المصري عن القيام بواجبه الأخوي والإنساني بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين باعتباره معبراً مصرياً فلسطينياً صرفاً، رغم كل الحوارات والتفاهمات التي تمت بين الحكومة المصرية وحكومة إسماعيل هنية وحركة "حماس" منذ عدة أشهر، ورغم كل المناشدات الشعبية للتخفيف من معاناة وآلام الفلسطينيين التي فاقت الحدود، بحسب محللين. واستغرب مراقبون أن تعمد أجهزة الأمن المصرية إلى استخدام وسائل خطرة في محاربة الأنفاق في الأيام الأخيرة، والتي مثلت ضرورة لتلبية احتياجات أهالي غزة من الأغذية والأدوية وغيرها، رغم المحدودية الشديدة لما يمكن أن يعبر خلالها، رغم عدم وفائها بوعود قطعتها لفتح معبر رفح. وكانت تقارير للصحافة العبرية قد أشارت إلى أن قوات الأمن المصرية قامت خلال الأسابيع الماضية بتدمير حوالي 40 نفقاً يستخدم في عمليات التهريب إلى داخل قطاع غزة، مشيرة إلى استخدامها قنابل دخانية سامة في للحد من العمل عبر تلك الأنفاق. الاستعانة بخبراء أمريكيين ولعل هذا ما دفع وزارة الداخلية الفلسطينية من خلال الناطق باسمها المهندس إيهاب الغصين للحديث عن الضغوط الصهيونية الأمريكية التي تقف وراء حرب مصر المتصاعدة ضد الأنفاق، وربط لجوء أهالي غزة إلى الأنفاق بالحصار وغلق المعابر. فقد أكد الغصين أن جمهورية مصر العربية تشدد من مراقبتها ومحاربتها للأنفاق على الحدود مع قطاع غزة، بفعل الضغوطات الأمريكية والصهيونية الكبيرة التي تتعرض لها. وقال الغصين في تصريح له نشر على الموقع الرسمي لوزارة الداخلية، "إن الحكومة المصرية تستخدم وسائل خطرة في محاربة الأنفاق، بالاستعانة بخبراء أمريكيين كاستخدامها الغاز والمياه، واللذين أسفرا عن قتل العديد من الفلسطينيين، وردم الأنفاق على من فيها". وأوضح أن الوزارة وجهاز الأمن الوطني والشرطة كان لها دور كبير في منع بعض ما يتم تهريبه من الممنوعات عبر الأنفاق، والسماح بإدخال ما يخدم الفلسطينيين، لتزويد قطاع غزة بالحد الأدنى من احتياجاته في ظل إغلاق المعابر. وأشار إلى مساعي وزارة الداخلية والحكومة الفلسطينية مع الجانب المصري للوصول إلى حلول بشأن الأنفاق، مؤكداً على أن الحصار وإغلاق المعابر من الأسباب التي دفعت المواطن الغزي إلى اللجوء لذلك. 800 نفق للالتفاف على الحصار وتقدر أوساط فلسطينية وجود ما يقارب 500 800 نفق تحت الأرض بين رفح المصرية والفلسطينية، وتغض الحكومة الفلسطينية في غزة الطرف عن الأنفاق وتكتفي بالمراقبة من بعيد خشية تهريب المخدرات عبرها. وزعم تقرير "لوفيغارو" الفرنسية أنه بعد مرور عام على سيطرة حركة "حماس" على غزة تم حفر أكثر من 350 نفقاً للالتفاف على الحصار الذي تفرضه السلطات الصهيونية على القطاع، وأصبح على الفلسطينيين قطع ثمانمائة متر على عمق 25 متراً للوصول إلى الجانب المصري من الحدود والتزود بالسلع الغذائية الضرورية للحياة. وتتراوح الأنفاق في طولها ما بين 100 1000 متر، وهي تبدأ وتنتهي في أماكن غير اعتيادية تحت بلاط الأرضيات في المطابخ وداخل خزانات، غرف النوم أو في حظائر الماشية أو زوايا البنايات المهجورة. ويعود حفر الأنفاق إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي، واستثمرتها الفصائل الفلسطينية المسلحة لجلب أسلحة في التسعينات للتصدي للاحتلال الصهيوني، وقد قام جيش الاحتلال بتفجير عشرات الأنفاق، قبل انسحابه من قطاع غزة، لكنه لم يستطع القضاء عليها بصورة نهائية. مزاعم تهريب السلاح وتزعم حكومة الكيان الصهيوني أن "حماس" تستغل هذه الأنفاق لتهريب الأسلحة إليها، وفي هذا الصدد قال متحدث باسمها "إن حماس تواصل إشغال نفسها بتهريب كميات ضخمة من الأسلحة لاستخدامها ضد إسرائيل، وهذه الأنفاق تستمر في كونها المصدر الرئيسي لإمدادات السلاح إلى (إرهابيين) فلسطينيين"، في إشارة إلى فصائل المقاومة. ويرى مراقبون أن السلاح الذي هو بيد حركة حماس منه ما هو محلي الصنع، ومنه ما هو من تصنيع خارجي ، ومصادر وصول الأخير متنوعة ومن طرق مختلفة، ولا يجب تحميل الأنفاق بمفردها هذه المسؤولية، خصوصا أنها صارت تستخدم لتلبية ولو جزء يسير جدا من المتطلبات المعيشية اللازمة للسكان في ظل الحصار المطبق. وقامت الإدارة الأمريكية بالضغط على مصر لمواجهة الأنفاق، من أجل ما تدعية عن تهريب السلاح إلى قطاع غزة، وفي زيارة عدّت الأولى من نوعها لسفير أمريكي قامت مارجريت سكوبى سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقاهرة بزيارة خط الحدود الدولي، الفاصل بين مصر وقطاع غزة، تفقدت خلالها أحد أنفاق غزة، بحسب مصادر مصرية مطلعة. وكشفت مصادر مصرية مطلعة - رفضت ذكر اسمها- أن زيارة سكوبي لخط الحدود يأتي في إطار الاهتمام الذي توليه الإدارة الأمريكية بقضية منع تسريب الأسلحة لقطاع غزة. وفي هذا السياق تقوم الولاياتالمتحدة بمساعدة الجانب المصري بمعدات لكشف الأنفاق، ويقوم فريق خبراء أمريكي بتدريب المصريين على التعامل مع هذه المعدات، بحسب تقارير إعلامية مصرية. كيفية إنهاء مسألة الأنفاق ويرى مراقبون أن غض الطرف من جانب "حماس" عن الأنفاق في ظل الحصار وإقفال المعابر يعد مشروعاً، ويشددون على أن الطريق إلى زوالها هو بفتح المعابر، لا سيما معبر فتح الذي لمصر السيادة عليه، وليس بمساعدة الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية على تدمير رئة تتنفس منها غزة في ظروف استثنائية وقاهرة، وكتم أنفاس أهلها المحاصرين، وقد لخص الناطق باسم الداخلية الفلسطينية إيهاب الغصين هذه المعادلة بقوله: "عندما يفتح معبر رفح وينتهي الحصار فإن موضوع الأنفاق سينتهي أيضاً".