الربان عمر المختار صميدة رئيس حزب المؤتمر:الجمهورية الجديدة سمحت للأحزاب بممارسة دورها الحقيقى    لموظفي العام والخاص.. موعد انتهاء إجازة في عيد الأضحى 2025؟    مجلس الوزراء: التوجيه بالمتابعة المستمرة لذبح الأضاحي بالمجازر الحكومية    انفجار عبوة ناسفة بآلية إسرائيلية وسط جنين    زيزو: إمام عاشور "صفقة القرن".. وحلمي دوري أبطال أفريقيا الذي لم أحققه    الرايات الخضراء ترحب بزوار الشواطئ |حفلات شواء بالمتنزهات وإقبال كبير على قرى الساحل    10 أسئلة متوقعة فى الأحياء لطلاب الثانوية استعدادًا لامتحانات نهاية العام    بسمة على وجوه المسنين    المهرجان القومي للمسرح المصري يُطلق اسم سميحة أيوب على مسابقة العروض المسرحية    مها الصغير: رفضت فرصة للتمثيل أمام أحمد زكي.. وأستعد لإقامة معرض فني للوحاتي    قوافل ومبادرات صحية تجوب المنوفية في ثاني أيام العيد.. صور    سبورت: برشلونة يقدم عرضًا لشتيجن مقابل الرحيل هذا الصيف    مصدر بالنقل: الأتوبيس الترددي أصبح واقعًا وعقوبات مرورية رادعة تنتظر المخالفات (خاص)    بالكليات والبرامج الدراسية، 7 جامعات أهلية جديدة تبدأ الدراسة العام المقبل    تقرير: ايران تكشف إحدى أكبر الضربات الاستخباراتية في التاريخ ضد إسرائيل    رئيس الوزراء الباكستاني يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    الصين توافق على تصدير بعض المعادن النادرة قبل المحادثات مع الولايات المتحدة    القاهرة الإخبارية: شرطة الاحتلال تعتدي على المتظاهرين وسط تل أبيب    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    استمرار أعمال التجميل ورفع المخلفات بميادين الإسماعيلية    لأول مرة.. دعم المعمل المشترك بمطروح بجهاز السموم GC/MS/MS    اليوم.. آخر موعد للتقدم لترخيص 50 تاكسي جديد بمدينة المنيا    استعدادات مكثفة لتأمين مركز أسئلة الثانوية الأزهرية في كفر الشيخ    لبنان يحذر مواطنيه من التواصل مع متحدثي الجيش الإسرائيلي بأي شكل    كل عام ومصر بخير    عيّد بصحة.. نصائح مهمة من وزارة الصحة للمواطنين حول أكل الفتة والرقاق    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    حركة فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية    سلمى صادق واندريا بيكيا وشريف السباعى فى أمسية ثقافية بالأكاديمية المصرية بروما    أحمد موسى: قالوا زيزو مش إمام عاشور ولن يبيع الزمالك.. وفي الآخر مع الأهلي بميامي    إعادة هيكلة قطاع الكرة داخل الزمالك بخطة تطويرية شاملة.. تعرف عليها    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار فى البحيرة    هدية العيد    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    اللحوم بين الفوائد والمخاطر.. كيف تتجنب الأمراض؟    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    اندلاع حريق داخل كنيسة العذراء مريم بالأقصر.. والحماية المدنية تتدخل    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    وزير الزراعة يتابع أعمال لجان المرور على شوادر وأماكن بيع الأضاحي وجهود توعية المواطنين    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الكيمياء (فيديو)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهزيمة العسكرية والهزيمة السياسية
نشر في الشعب يوم 14 - 06 - 2008


بقلم: الياس سحاب

أعتقد أن اختلافاً كبيراً، قد يصل حد التناقض الكامل، سينشأ في مرحلة لاحقة من هذا القرن الحادي والعشرين، بين المؤرخين الجدد الذين سيعيدون حتماً تاريخ الثلث الأخير من القرن العشرين في التاريخ العربي المعاصر، وبين الكتابات التأريخية والصحافية (خصوصاً)، التي أرّخت للفترة نفسها، قبل رحيل القرن، والتي ما زالت حتى الآن تعتبر يوم الخامس من يونيو/ حزيران من العام ،1967 اليوم المفصلي في هذا الثلث العربي الأخير من القرن العشرين، تحت اسم “النكسة”، التي نستعيد في هذه الأيام ذكراها الحادية والأربعين.
محور الاختلاف الرئيسي بل التناقض الرئيسي، بين التأريخ القديم لهذه المرحلة، والتأريخ الجديد (القادم في مرحلة لاحقة)، هو تحويل الأضواء الرئيسية (في الكتابة التاريخية الجديدة)، من الأداء العسكري في أيام يونيو/ حزيران من العام 1967(مرحلة عبد الناصر)، إلى الأداء السياسي الذي تجلى في تلك المرحلة، خاصة في

ما بين العامين 1973 و1978 (مرحلة السادات).

الغريب في أمر الرواية الراهنة لهذه المرحلة الأشد حساسية من تاريخ العرب المعاصر، أن معظم الكتابات التاريخية والصحافة العربية تتوقف بشكل أساسي عند الأداء العسكري لقيادة النظام المصري، في تلك الأيام السود من يونيو/ حزيران ،1967 وتتجاهل (بعضها عن عمد وبعضها عن غير عمد)، السنوات الثلاث البالغة الأهمية التي فصلت بين عودة عبد الناصر عن التنحي (بعد تحمل المسؤولية كاملة عما حصل يوم الخامس من يونيو/ حزيران) وبين رحيله، بعد ثلاث سنوات من حرب الاستنزاف المجيدة (عسكرياً وسياسياً)، وبعد إعادة بناء القوات المسلحة المصرية على أسس حديثة، أمنت وحققت الإنجاز العسكري الذي تم في حرب العبور عام 1973.
لقد شنت “إسرائيل” حربها (بدعم وتحريض أمريكيين) في العام ،1967 ليس فقط لإنزال هزيمة عسكرية بالقوات المسلحة للنظام المصري (وهو ما تم إنجازه فعلاً)، بل لتوظيف هذه الهزيمة العسكرية في كسر الإرادة السياسية لذلك النظام، تنفيذاً لرسالة الرئيس الأمريكي الأسبق جونسون التهديدية التي كانت تريد من مصر إلغاء كاملاً لدورها العربي في تلك الحقبة.
لقد أثبت تطور الأحداث في السنوات الثلاث الأخيرة لحكم عبد الناصر، أن القسم الأول من الخطة الأمريكية - “الإسرائيلية” (إنزال الهزيمة العسكرية بنظام عبد الناصر) قد تحقق بنجاح باهر لم يكن يتصور سهولته أكبر المتفائلين في واشنطن وتل أبيب. لكن القسم الثاني من الخطة، أي كسر الإرادة السياسية للنظام وتصفية دور مصر العربي، لم يفشل فقط، بل إن التحدي الذي أوجدته الهزيمة العسكرية (النكسة)، قد أطلق حيوية جديدة داخل نظام عبد الناصر، جعلت تلك السنوات الثلاث الأخيرة هي أنضج سنوات ذلك النظام، وأحقها بالدراسات التاريخية الموضوعية، الخارجة من أسر حصر التاريخ في يوم الهزيمة العسكرية فقط.
إن من الحقائق الثابتة بالوثائق، لتلك المرحلة الحساسة فيما بين 1967 و،1970 أن إعادة سيناء لمصر (كاملة السيادة)، كانت عرضاً أمريكياً مطروحاً، من غير حرب جديدة، شرط قبول عبد الناصر بالشروط السياسية للهزيمة العسكرية السابقة، أي إنهاء دور مصر العربي، بانسحابها من الصراع العربي- “الإسرائيلي”، قبل تسوية قضية فلسطين تسوية عادلة. وهو الشرط الذي رحل عبد الناصر دون قبوله، رغم ما تمثله إعادة سيناء (كاملة السيادة) من إغراء لمصر بالانكفاء عن دورها القومي العربي، داخل حدودها الوطنية.
الذي حدث بعد ذلك ببساطة واختصار، أن القيادة السياسية الجديدة في مصر، بعد رحيل عبد الناصر، والتي تركزت بين يدي السادات منذ 15 مايو/ أيار ،1971 خاضت بجيش عبد الناصر، حرباً ناجحة في العام ،1973 لتقبل في العام 1978 بالشروط السياسية التي رحل عبد الناصر دون قبولها.
أي أن التراجع السياسي الكبير الذي لم يتحقق تحت ضغط الهزيمة العسكرية للعام، 1967 قد تحقق تحت ضغط الهزيمة السياسية المجانية (بعد إنجاز عسكري ممتاز في العام 1973) لقيادة مصر في عقد السبعينات. ما حدا بالمفكر العربي ميشال عفلق إلى إطلاق عبارته الشهيرة: الهزيمة مع عبد الناصر أشرف من النصر مع السادات.
حري بنا والحالة هذه، ألا نستعيد ذكرى النكسة، يوم حصول الهزيمة العسكرية في العام ،1967 بل يوم حصول الهزيمة السياسية في العام ،1978 وفيما تلاها وتأسس عليها من أوضاع عربية، ما زالت تجسد نكستنا السياسية والحضارية العامة التي تبيض وتفرخ فيها كل يوم، فيما بين المحيط والخليج، حتى إشعار آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.