علي مر العصور الطويلة و منذ تأسيس أقدم دولة مركزية في التاريخ علي ضفتي وادي النيل ، تعاقبت علي مصر حالات حكم سلطوية تراوحت بين الظلم والطغيان و الاستبداد و الاضمحلال و الضعف و غيرها من الأوصاف التي تدل علي السلطة الكريهة للشعب ، و بين العدل و الازدهار و الرخاء و التقدم و القوة و غيرها من الأوصاف التي توحي بحب الشعب للفترات التاريخية التي اتسمت بها هذه المراحل التاريخية . استمر الحال علي هذا المنوال حتي ثورة يناير قبل ثلاث سنوات ، بدأ بعدها الشعب يشعر بالحرية للمرة الأولي في تاريخه الطويل ، متطلعا لمستقبل في دولة محترمة مع انتخاب أول رئيس بارادة حرة ، الا أنه تم العصف بتلك الارادة قبل نصف عام من الآن . و منذ ذلك الحين ، وخلال النصف عام المنصرم ، و رغم تجلي معني الظلم و الفساد و الافساد و الكراهية و الاستبداد فيه ، نجح الحكم العسكري الجديد و المهتز ، في إدخال مصر عصر جديد لأول مرة في تاريخها لا يمكن وصفه إلا بعصر المسخرة . ذلك العصر الذي تصدره علي مستوي القيادة ضابط بالجيش ، برتبة سفاح أول ، قتل ألاف الثوار المعارضين لعمالته و رغبته الوحشية في تدمير الدولة ، ليكون رئيسا لها ، و تصدره علي المستوي السياسي أراجوزات و مساخر سياسية بداية من عدلي منصور و حازم الببلاوي مرورا بحمدين صباحي و البرادعي و توفيق عكاشة و مصطفي بكري و أحمد سبايدر . فمالذي جعل أمثال هؤلاء جميعا يطفون علي السطح ليتصدروا الأمر ؟! عندما تقف لحظة لتفكر في شخصية قائد الانقلاب الدموي الارهابي ، ستجد أنه سماته طغت علي المشهد السياسي ، حيث لا علم ولا ثقافة ، و لا حتي قدرة علي القيادة ، و انما اسفاف وابتذال ، بداية من أحلام بساعة ماركة أوميجا ، وصوله للعالمية لأن اسمه " أبدالفتاه " و سيف مخضب بدماء التيارات الاسلامية التي ذبحها بدم بارد ، و علم وفكاكة ، ومصطلحات لا تليق بمسؤول كبير في دولة محترمة . جعلت من الجميع الذي بادر باظهار الولاء و الطاعة لرصاصه الذي لا يفرق بين العباد ، أن يتوقف عن وصفه بعبدالناصر الجديد ، فهو لم يصل الي المستوي القيادي ، للرئيس الراحل ، و ان اختلافنا مع طغيانه ،و لم يكن مثقفا أو صاحب فكر مثله و تجلي ذلك واضحا من أحاديثه العبثية و التسريبات التلقائية التي تخللت حوار صحفي وحيد أجراه منذ خيانته للشعب، و انما رأوا أمامهم شخصية هزيلة ، أخر ما يمكن أن تقوله للجماهير " أنتو مش عارفين ان انتو نور عنينا ولا ايه ؟ !! " و " مصر أم الدنيا وهتبقي أد الدنيا " و هو خطاب تجازوزه شيوخ الحارات منذ عصور و أصبح خطابهم مع أهالي حاراتهم ينم عن فكر و عقل راجح . في عصر المسخرة الذي نحياه ، يتم تحويل بنات الي المحاكمة بتهمة رفع " بالونات عليها شعار "رابعة " و محاكمة طالب و حبسه لحملة مسطرة عليها ذات الشعار ، كما يتم توجيه قطعان المؤيدين بوسائل اعلام ، تناقض نفسها في اليوم الواحد عشرات المرات ، ان لم يكن في كل جملة يتفوه بها مذيعو و كتاب النازية الجديدة في مصر، للتأييد تارة و الرفض تارة أخري.
في عصر المسخرة يحكم علي فتيات بالسجن 11 عاما ، و يتم تخفيف الحكم في محاكمة لاحقة لها ، لمجرد انهن تظاهرن للمطالبة بحقوقهن ، و يتم الترويج لوجود أسلحة كيميائية في اعتصام رابعة العدوية ، بل وحتي وجود كرة أرضية أخري أسفل المنصة التي لا تزيد مساحتها علي أقصي تقدير عن 50 مترا . و في هذا العصر أيضا يتم الاشادة بالقتلة عديمي الانسانية بأغنية عنوانها تسلم الأيادي ، و يتم إعلان جماعة سياسية أنها ارهابية بعد حادث تفجير تبنته جماعة أخري ، هذه الجماعة الأخري ظهر أحد منتسبيها ليلعن تأييده لصاحب قرار اعلان الجماعة الأولي ارهابية ليكون رئيسا للجمهورية . لكن لا أحد يتوقف أمام هذه الأمور الصغيرة التي تقف ضد مصلحة الشعب و تعوق مصر أن تكون " أد الدنيا " . في عصر المسخرة ميدان بشوارعه المحيطة لا يتحمل أكثر من 800 ألف شخص علي أقصي تقدير أصبح و بقدرة قادر يمتلئ ب 33 مليون و في روايات أخري 30 و غيرها 22 ، هذا العصر أيضا الذي يتم فيه نسب روايات لمراسل شبكة " سي ان ان الأمريكية " تقدر اعداد متظاهري الثورة المضادة في انتكاسة 30 يونيو ، و ينقل عنه أيضا ان قائد الانقلاب هدد بتدمير بارجتين امركيتين اذا اقتربتا من السواحل المصرية ، و غيرها من الاساطير التي يتلقفها أصحاب العقول الصفرية غير القادرة علي التفكير ، ولا يتم حتي الأن معرفة من هذا المراسل المجهول الذي تنسب إليه هذه الأساطير أو أين ذكرها .
في عصر المسخرة يكتب الفسدة و أصحاب الذمم الخربة دستورا و يدعو رئيس لجنة كتابته الشعب للاستمناء عليه و يخرج رئيس الجمهورية أثناء خطابه للشعب منديلا من جيبه ليمسح أنفه ،رغم أن الخطاب مسجل ، و تمر هذه المشاهد الهزلية مرر الكرام علي إعلام كان يتلقف ، تصرفات رئيس عالم ومهذب بالسخرية و الاستهزاء .
في عصر المسخرة ، يتنبأ المذيعون و يحددون أماكن وتوقيتات أعمال ارهابية ولا يتم التحقيق مع أي منهم ، و يتم إحالة دمية كرتونية تدعي " أبلة فاهيتا " للتحقيق من قبل نيابة أمن الدولة العليا و تجري معها لقاءات تلفزيونية . ويتم إعتقال طائر ، وصف بالبطة وهو غير ذلك ، بتهمة حمل أجهزة تنصت ، و يزوره وفد من حقوق الحيوان في محبسه للاطمئنان علي صحته ، بينما حرق وقتها 38 معتقل في سيارة ترحيلات دون أن يرمش طرف لأحد من مدعي الدفاع عن حقوق الانسان . في عصر المسخرة يتم تحويل و محاكمة كل من روج ل "ثورة 30 يونيو " دون خجل أو شعور بالملامة بعد أن أدوا أدوارهم ، و يتم نشر تسريبات تفضح فسادهم المالي و الأخلاقي ،حتي لأعضاء تلك الحركة المخابراتية التي كانت غطاءا لتلك المهزلة. في عصر المسخرة تجد مصر نفسها رهينة مشهد كئيب ، بالضرورة لن يطول ، بين فكاكة و أوميجا قائد الانقلاب ، و أبلة فاهيتا سبايدر ، و صمت الطرطور ، و تنبؤات و بذاءات اعلاميين أشرار سيحاكمهم الشعب و يقتص من لا انسانيتهم قريبا جدا . https://www.facebook.com/ahmed.k3oud https://twitter.com/ahmedelkaoud