أعلم حق اليقين ان كثيرا من اخواننا المصريين لا يقبلون الحديث عن شؤونهم وما يجري في داخل بلادهم من سلبيات من اخوانهم العرب، واعلم ان هؤلاء لا يعلمون مكانة مصر عند الكثير من العرب على امتداد الوطن العربي، واعلم ان هؤلاء الإخوة من مصر الذين لا يقبلون من اخوانهم العرب الحديث عن سلبيات النظام السياسي في مصر لا يعلمون ان الدم العربي اختلط بالدم المصري على تراب مصر دفاعا عنها ابان العدوان الثلاثي 1956 وعام 1967 وان جحافل المتطوعين العرب وصلت الى تخوم مصر عام 1973، وان احد ملوك العرب اغتيل نتيجة مواقفه مع مصر وفلسطين، وان البترول العربي لاول مرة وضع في خدمة المعركة ولكن ورغم الانتصار الذي حققه جيش مصر العظيم خذلتنا الادارة السياسية في مصر وتحول النصر العسكري الى هزيمة الإدارة السياسية في مصر العروبة والعرب. في هذا السياق يؤكد الكاتب بأنه من حقنا نحن العرب أن نهتم بكل ما يجري في مصر، ومن حق شرفاء مصر علينا خارج جغرافيتها أن نشاركهم همومهم التي تخيم في سماء ارض الكنانة، وأهمها محاولة الانسلاخ عن العروبة التي يقودها رهط من أصحاب المصالح.
(2) منذ عدوان عام 56 فرض على مصر العزيزة حصار جزئي ثم تطور إلى حرمان شعب مصر من الحصول على القمح ومشتقاته إلى نهاية عام 1969، وكانت الإدارة السياسية في مصر على خلاف مع معظم الدول الغربية ومن يسير في ركابهم بما في ذلك بعض القادة العرب، وعلى الرغم من ذلك لم يقف الشعب المصري على أبواب أفران صناعة الخبز وان يموت ضحية ذلك التزاحم بعض أهلنا هناك بحثا عن رغيف الخبز رغم أن المجهود الحربي كان يمتص الجانب الأكبر من الميزانية. اليوم لا حروب ولا حصار اقتصادي على مصر ومعونات أمريكية وعربية.. والفقر والحاجة تدخل كل بيت مصري. يقول الكاتب المصري مجدي احمد حسين: " شخص واحد يحتكر 60% من تجارة الحديد، وآخر يحتكر استيراد القمح، و12 شخصاً يحتكرون تجارة السكر، والصين دخلت عصر الفضاء، والهند تصل إلى القمر، ونحن في مصر نستورد الفول بعد ما كنا نزرعه ونصدر فائضة".
(3) لا جدال بان القاهرة تعيش في مأساة داخلية: إضراب أساتذة الجامعات لأول مرة في عهد النظام الجمهوري ضد الغلاء والفساد، وإضراب العمال في المحلة الكبرى وأماكن أخرى متعددة في مصر، واعتقالات مواطنين يبحثون عن رغيف العيش، ومواطنون يبحثون عن كرامة مصر العربية وأموالها بعد أن باعها أو استولى عليها البعض.
في ظل هذه الأجواء أرادت الإدارة السياسية المصرية الالتفاف حول تلك الأزمات بالتصعيد ضد الفلسطينيين المحاصرين والمعذبين في غزة، وتتهم حركات المقاومة في غزة بأنها تؤزم الموقف بإقدامها على شن عمليات قتالية ضد إسرائيل . وان حدودها الشرقية الشمالية مهددة من قبل حركة حماس والجهاد الإسلامي، وان امن إسرائيل مهدد ولذلك لن تفتح المعبر للوصول إلى غزة .
ياللهول !! يا للعار! مصر حولوها بقدرة قادر إلى حام لأمن إسرائيل واستقرارها رغم كل ما تفعله ضد الفلسطينيين وأيضا ضد مصر. لتعلم الإدارة السياسية المصرية بأنها المسؤول الأول والأخير عن تحرير غزة من الاحتلال الصهيوني وتسليمها لأهلها، لأنها احتلت في زمن السيطرة المصرية على غزة، وانها لم تسلح الشعب هناك للدفاع عن وطنه، وإنها استفادت من خيرات غزة الزراعية، ولتعلم إدارة مصر أن عرب فلسطين عبر التاريخ لم يشكلوا خطورة على الأمن القومي المصري بل كانوا الدروع الواقية لحماية أمن مصر ضد الغزاة. هل أمن مصر سيتحقق إذا كان حراس الحدود من الجيش والموساد الاسرائيليين؟ لماذا لا تكون حراسة حدود مصر المشتركة مع فلسطين مصرية - فلسطينية، وليس إسرائيلية أوروبية ؟؟ إن حالة تفرج العرب والمصريين خاصة على ما يواجهه الشعب الفلسطيني تنذر بعواقب وخيمة على كثير من الأنظمة السياسية العربية والمصرية، إني أنبه إلى خطورة الموقف فالشارع العربي في كل العواصم العربية يغلي، ويتربص بهذه الأنظمة التابعة للإدارة الأمريكية.
آخر القول: اذكر القيادة السياسية في مصر، بأن الزوارق الإيرانية تحرشت بالبحرية العسكرية الأمريكية في مياه الخليج مرتين هذا العام وهما في حالة حرب، ولم تتجرأ البحرية الأمريكية رغم قوتها الرد على ذلك التحرش والاستفزاز، أما الزورق المصري المسالم في قناة السويس الذي كان يبيع على البحارة العابرين" سندوتشات " فول وفلافل مصرية لم توفرهم البحرية الصديقة لقيادة مصر فأردت البعض منهم قتلى وأصابت الآخرين بجراح خطيرة، اذكر عرب الاعتدال بان مأساة مليون ونصف المليون فلسطيني اجدر بالاهتمام من انتخاب رئيس جمهورية لبنان.