يا وزير التعليم.. ليست القضية مجرد إدارة بل دولة    وزير قطاع الأعمال: مصر من الدول الرائدة في قطاع الأدوية    أبو حطب يتابع أعمال ملف التصالح في مخالفات البناء ويستجيب لمطالب المواطنين    محافظ الأقصر يشهد افتتاح مهرجان الأقصر العاشر للشعر العربي ويهنئ دولة الإمارات باليوم الوطني    ألكسندر بوبروف: متفائل للغاية بشأن التسوية السلمية للنزاع في أوكرانيا    رئيس الوزراء اللبناني: المرحلة الأولى من حصر سلاح حزب الله يفترض أن تنتهي مع نهاية العام الجاري    منتخب البرتغال يتوج بكأس العالم للناشئين على حساب النمسا    التعادل السلبي يحسم الشوط الأول بين بتروجت ووادي دجلة    انطلاق مباراة بتروجت ووادي دجلة في دور ال32 بكأس مصر    ننشر أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي قنا    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة تستوجب أقصى العقوبات    مروة عبد المنعم تقدم ورشة الدراما للأطفال بمهرجان شرم الشيخ للمسرح | صور    لجنة الدراما بالأعلى للإعلام: نجتمع الأسبوع المقبل.. وتوصياتنا ليست إلزامية    رئيس مكتبة الإسكندرية يزور دار الإفتاء لتعزيز التعاون المعرفي    هل مصافحة المرأة حرام؟ أمين الفتوى يجيب    محافظ القاهرة يفتتح مهرجان العسل المصري الثامن بحديقة الحرية بالزمالك    نكتة واشنطن الدبلوماسية.. من يدير وزارة الخارجية؟    أحمد الشرع: رفضت عرض انفصال إدلب عن سوريا حتى يبقى البلد موحدا    أسماء 8 مصابين فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    قومي حقوق الإنسان يستقبل الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لبحث آفاق التعاون المستقبلي    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    جولة ميدانية لمدير تعليم القاهرة بروض الفرج وتفقد مشروعات رأس المال    بعد ترشيح معزوفة اليوم السابع لجائزة الشيخ زايد.. جلال برجس ل الشروق: سعيد بالتواجد وسط كتاب مبدعين    أبى انطلق إلى العالم ببركات السيدة زينب    أنباء سارة لجماهير برشلونة.. بيدري يشارك مع المجموعة    هل الصلاة في مساجد تضم أضرحة جائزة أم لا؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الخشوع جوهر الصلاة وروحها ويُحذر من هذه الأمور(فيديو)    جامعة كفر الشيخ تحصد برونزيتين في بطولة دوري الجامعات|صور    هيئة الرعاية الصحية تمنح رئيس قطاع إقليم الصعيد جائزة التميز الإدارى    مدبولي: نتابع يوميًا تداعيات زيادة منسوب المياه    بالأسماء.. إصابة 7 طلاب فى حادث تصادم سيارتين بأسوان    «فاكسيرا» تضع خارطة طريق لمواجهة فصل الشتاء    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    غلق 32 منشأة طبية خاصة وإنذار 28 أخرى خلال حملات مكثفة بالبحيرة    هشام نصر يصل اتحاد الكرة لحضور الجمعية العمومية ممثلا للزمالك    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    الليلة: نادى الفيوم يعرض فيلم "فيها ايه يعنى" ضمن مهرجان المحافظة السينمائى    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    ارتفاع حصيلة القتلى جراء حريق هونج كونج إلى 55 شخصا    المعارضة تقترب من حسم المقعد.. وجولة إعادة بين مرشّح حزبى ومستقل    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    البيان العسكري العراقي ينفي وجود طيران أجنبي جنوب البلاد    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورطة أولمرت بين أمرين أحلاهما مر: "الهدنة" والعملية البرية الواسعة:
نشر في الشعب يوم 19 - 04 - 2008

بكثير من الاهتمام تناول المحللون العسكريون والاستراتيجيون الصهاينة، العملية البطولية التي نفذتها كتائب القسام (حقل الموت) يوم الأربعاء (16/4)، والتي أدّت إلى مصرع ثلاثة جنود صهاينة من قوات النخبة. مكمن الاهتمام بالعملية هو أنها حملت عدة مؤشرات على التطوّر الملحوظ في الأداء النوعي للذراع العسكري ل"حماس" وأذرع المقاومة، مقابل الإخفاق المتزايد لأداء جيش الاحتلال وقدرته على الردع التقليدي، خصوصاً وأنّ هذه العملية جاءت بعد أسبوع من نجاح المقاومة في التسلل إلى موقع "ناحل عوز" الحصين.
في الجانب الكمِّي للخسائر؛ رأت صحيفة "معاريف" العبرية أنّ العملية رفعت عدد صرعى قوات الاحتلال في القتال بقطاع غزة، إلى ثمانية في غضون ثلاثة أشهر ونصف الشهر منذ بداية سنة 2008، واعتبرت أنّ هذه وتيرة إصابات عالية بشكل كبير.
ارتفاع عدد صرعى قوات الاحتلال
ولقراءة هذه الأرقام؛ عقد المحلل العسكري في "معاريف"، عمير ربابورت، مقارنة إحصائية بين قتلى العامين الماضي والحالي، مشيراً في هذا الصدد إلى أنّ صرعى جيش الاحتلال وفقاً لهذه النسبة قد يصلون إلى 25 جندياً حتى نهاية عام 2008 ، مقارنة ب 3 جنود فقط خلال العام الماضي. ويطرح ذلك برأي ربابورت أسئلة صعبة أمام الجيش الصهيوني، مرجعاً ارتفاع الخسائر إلى تحسّن ملحوظ وكبير في قدرات المقاتلين الفلسطينيين، سواء من ناحية عتاد الأسلحة، أو من ناحية التكتيك العسكري في القتال.
وعقد محلل آخر في الصحيفة نفسها، هو عنيت كوهين، مقارنة من نوع مغاير، بين العمليات التي استهدفت قوات الاحتلال عند الشريط الحدودي لفلسطين المحتلة مع لبنان، والعمليات عند الشريط المحاذي لقطاع غزة، ليصل إلى أنّ "التطوّر العسكري لدى المقاومة بغزة, مقارنةً بحزب الله اللبناني، يسير بوتيرة متسارعة، فحجم العمليات المكثفة في قطاع غزة (من الجانبين) من الصعب استيعابه وحصره، فهو أكثر بكثير من حجم العمليات التي كانت تجري في منطقة الحزام الأمني في جنوب لبنان (المحتل في حينه)".
ويستنتج كوهين من ذلك؛ أنّ لدى المقاومة بغزة القدرة على تعلّم أساليب عمل جيش الاحتلال، واستخلاص النتائج والعبر، والاستعداد لتحسين سبل المواجهة.
تكتيكات المقاومة المتشعبة
وبموازاة ذلك؛ لاحظ محللون في الصحافة العبرية أنّ الشهور الثلاثة الماضية تميّزت بقتال متشعب للمقاومة أكثر من ذي قبل، على طول الجدار الفاصل المحصّن مع قطاع غزة، من إطلاق للنار بواسطة القنّاصة، إلى تنفيذ عمليات فدائية أو مواجهة الجنود الصهاينة وجهاً لوجه، أو وضع عبوات وألغام، أو نصب للكمائن.
وحسب المصادر العبرية؛ فإنّ المعركة التي دارت بين الطرفين شرق البريج (حقل الموت) كانت صعبة للغاية، وأنّ جنود الاحتلال اعترفوا بأنّ مقاتلي "حماس"، هم "مقاتلون أشداء جداً". وقد أثار الكمين الذي نصبته "كتائب القسام"، ومقتل الجنود على هذا النحو الباعث على الذهول؛ صدمة في صفوف الجيش الصهيوني، الذي شنّ ردات فعل هجومية (انتقامية) ضد المدنيين، أدت لاستشهاد 18 فلسطينياً علي الأقل في سويعات قليلة، بينهم مصور صحافي يعمل في وكالة "رويترز" وعديد الأطفال.
من الدفاع إلى الهجوم
على المستوى التكتيكي؛ يرى مراقبون أنّ التطوّر الأخير في أداء المقاومة يندرج في إطار "التحرش" بقوات الاحتلال ومهاجمتها، بدلاً من الانتظار للردّ على توغلاتها. أي أنّ ما حدث هو انتقال المقاومة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، وهو ما يمنحها مزايا متعددة، فهي التي تقرِّر توقيت المواجهة ومكانها المناسبين، الأمر الذي يفقد الخصم بالمقابل عنصر المباغتة، ويزيد من تأثير صدمته، لأنّ مهاجمته تتم في عقر معسكراته أو قريباً منها.
ومعروف أنّ عقيدة الجيش الصهيوني العسكرية في أغلب الحروب التي دخلها كانت ترتكز على عنصريْ المباغتة من طرفه؛ ومهاجمة خصومه في أراضيهم. لذا كانت صدمة ذلك الجيش كبيرة في حربه العدوانية ضد لبنان عام 2006، حينما انتقلت المعركة إلى عمق فلسطين المحتلة، أي ما يسميه جيش الاحتلال "الجبهة الداخلية" التي اهتزت على وقع صواريخ المقاومة التي انهمرت عليها. والحالة تبدو شبيهة في الصدمة القائمة اليوم من العمليات النوعية التي تتم بها مهاجمة مراكزه، واستهداف مسؤولين أو جنود صهاينة في مراكز المدن والمغتصبات وقلب الثكنات المحصنة، ومن هذه الاستهدافات ثلاث محاولات كادت أن تودي بوزير ما يسمى "الأمن الداخلي"، آفي ديختر.
تأثيرات استراتيجية
وفي محاولة منه لرصد تأثيرات المنحى التصاعدي للعمليات النوعية التي ينفذها الذراع العسكري لحركة "حماس" وفصائل المقاومة الأخرى ضد الاحتلال على خط الحدودي مع قطاع غزة، وهي ذات أبعاد سياسية واستراتيجية؛ أوضح المحلل العسكري في موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية رون بن يشاي؛ أنها:
أولاً: قد تدفع صناع القرار داخل حكومة الاحتلال إلى القبول بالتهدئة التي تحاول حركة "حماس" وبشروطها فرضها علي الاحتلال، حسب تعبير بن يشاي، لأنّ قتل الجنود الصهاينة يثير الرأي العام في الكيان الصهيوني.
ثانياً: تعتقد قيادة "حماس" أنّ حربها التي تشنها على "الشريط الحدودي"، لن تدفع صناع القرار في الكيان الصهيوني إلى اتخاذ قرار بتنفيذ عملية برية واسعة النطاق، باعتبار أنها قد تتكبد فيها خسائر بشرية كبيرة. والسبب أنّ هذه العمليات تكشف عن قوة "حماس"، فإذا كانت قوات الاحتلال في المناطق المكشوفة من غزة تتكبّد مثل هذه الخسائر في الأرواح؛ فكيف لو تورّطت في عملية برية واسعة النطاق تضطر معها إلى خوض حرب شوارع في مناطق مكتظة بكتل بشرية ضخمة، فضلاً عن تأثير هذه العمليات على معنويات الجنود الصهاينة.
ثالثاً: هذه العمليات لا تؤثر سلباً على "حماس" على مستوى الرأي العام العالمي؛ كما قد تؤثر عليها عمليات إطلاق الصواريخ أو العمليات الاستشهادية في العمق الصهيوني، باعتبارها تستهدف المدنيين، وفق منطق الدعاية الصهيونية.
رابعاً: تعطي المقاومة الفلسطينية مزيداً من الدعم المعنوي، ومزيداً من الجرأة والثقة في كسر كبرياء جيش الاحتلال وغطرسته، وإنهاء أسطورته كجيش لا يُقهَر، وتحقيق الانتصارات عليه. ودلّل بن يشاي على ذلك بقوله: إنّ الفلسطينيين تلقوا الدعم المعنوي من إطلاق النار على موكب وزير "الأمن الداخلي" آفي ديختر، ومن قتل جندي صهيوني في بداية شهر آذار (مارس) الماضي، بالإضافة إلى عدد من عمليات إطلاق النار باتجاه جنود الاحتلال.
الإمساك بزمام المبادرة
ويُضاف إلى ما قاله بن يشاي؛ أنّ "حماس" وأذرع المقاومة الفلسطينية، برغم شدة وطأة الحصار على قطاع غزة، والعمليات الكبيرة للكيان الصهيوني ضده على غرار العدوان المسمى صهيونياً "الشتاء الساخن" التي كانت بمثابة محرقة للمدنيين؛ أثبتت أنها تملك زمام المبادرة في مقاومة المحتل، دون أن تتأثر بذلك. ففي خضم العدوان المذكور استمرّت عمليات إطلاق الصواريخ ضد المغتصبات الصهيونية دون توقف، وازدادت وتيرة العمليات النوعية بعدها.
وبرأي مراقبين؛ فإنّ الوضع الراهن قد وضع حكومة الاحتلال في ورطة حقيقية، بين صعوبة المضيّ قدماً في عملية برية واسعة قد تفضي إلى خسائر بشرية كبيرة لجيش الاحتلال، على ضوء العمليات النوعية للمقاومة، طالما فُرض على هذا الجيش نمط "دفاع هجومي" لا مفرّ إزاءه من نشاط بري جارٍ داخل القطاع لإبعاد مطلقي النار وإبعاد التهديدات على حد قول أليكس فيشمان مراسل الشؤون العسكرية لصحيفة يديعوت أحرونوت ، وبين من يتحدث عن ضرورة التوصل إلى هدنة معها "لأنه الخيار الأقل تكلفة". إذ أنّ المشكلة، كما يقول محللون صهاينة، أنّ حكومة الاحتلال لا تضع مجالاً للتوصل إلى تهدئة في ظل الظروف الراهنة، لأنها تعتقد بأنه لو تم عقد مثل هذه التهدئة؛ ف"حماس" ستعتبر ذلك انتصاراً وإنجازا لها، وهي لا تريد وضعها في هذه النشوة، على حد تعبيرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.