يلتقي غداً في داكار، قادة الدول الإسلامية في قمة استثنائية بملف مزدحم بالقضايا والأزمات والموضوعات، لاتخاذ ما يجب من قرارات لمواجهة واقع، والانتقال بالمشهد الرسمي الإسلامي من الأقوال إلى الأفعال، ومن التحديات إلى الاستجابات ومن الأزمات إلى المشروعات، ومن الخلافات إلى التوافقات، ومن الوهن إلى القوة.
ومن التلقي إلى المبادأة، فالأمة الإسلامية تحيطها الأخطار الخارجية من أكثر من جانب سواء من الغزو والاحتلال العسكري الأجنبي أو من الاعتداءات العدوانية الصهيو أميركية، والحصارات والعقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية، ومن غياب نظام للدفاع الجماعي وضعف التضامن الإسلامي في الرد على العدوان، وغياب دعم المقاومة الوطنية ولو سياسيا لتحرير الأوطان.
كما تحيطها الأخطار الداخلية سواء فيما بينها بتباين أو بتناقض سياساتها حول محاور إقليمية أو دولية، أو في داخل أقطارها بالتعصب المذهبي بين شيعة وسنة، أو بالانقسام السياسي بين معتدلين ومتطرفين، أو بالاستقطاب الفكري بين إسلاميين وعلمانيين، والذي لا يقل أهمية عن كل ذلك هو غياب مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة في إطار اتفاقات جماعية وثنائية كافية لزيادة المشروعات الزراعية والصناعية بزيادة حجم الاستثمارات الإسلامية في الدول الإسلامية، وزيادة معدلات التجارة البينية لحلول مشكلات الفقر والبطالة في الأقطار الإسلامية، ومساعدة الدول الفقيرة وغير النفطية على تخفيف أعباء الديون الخارجية.
لكنها تجتمع بعد أن مر عام على بدء تطبيق الخطة العشرية الطموحة للتنمية الإسلامية التي أعدتها الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وأقرتها قمة الرياض الإسلامية الماضية، والتي يحتاج تحقيقها إلى الالتزام بها بإخلاص وجدية، والأهم إلى متابعة حقيقية حتى لا تصاب بما تصاب به بعض الاتفاقات والقرارات العربية من ضعف الالتزام بها فتتحول إلى وثائق ورقية، بل المطلوب هو أن تتحول إلى واقع على الأرض لصالح شعوب الأمة الإسلامية.
لأنه بعد العديد من القمم السابقة، سواء على المستوى الإسلامي أو العربي هو صدور العشرات بل المئات من القرارات التي لو طبقت كلها بنصها وروحها بالجدية والإخلاص المطلوب، وتوفرت لها جدية متابعة الالتزام بها لتغير بالتأكيد حال الأمة ولما وصلت قضايانا السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى هذه الطرق المسدودة، ولما وصل واقعنا الإسلامي إلى هذا الوضع السيئ.
من هنا نتساءل.. لماذا لا تعتمد القمة الإسلامية في هذا المؤتمر، والقمة العربية القادمة الأخذ بآلية الترويكا الإسلامية التي تضم الرئاسة الحالية للقمة والرئاسة السابقة والرئاسة اللاحقة، لتتحول إلى لجنة ثلاثية تنفيذية ذات لقاءات دورية لمتابعة تطبيق كل دولة للقرارات الصادرة وذلك بمعاونة الأمانة العامة للمنظمة أو الجامعة العربية.
كما تتولى المبادرة لإجراء التحركات والمشاورات مع كتل العالم المختلفة في الظروف التي تتطلب سرعة حركة أو سرعة اتخاذ موقف باسم المجموعة الإسلامية في المنظمات الدولية، كما يناط بها أيضا تأكيد الدعم لأي دولة تتعرض للتهديد أو للمشاكل الخارجية، والسعي لإصلاح العلاقات بين الدول الإسلامية، والسعي لمساعدة الأطراف الوطنية داخل أي دولة إسلامية على التوصل لحلول أزماتها السياسية.
والذي تتطلع إليه الشعوب الإسلامية من «قمة داكار الإسلامية» هو اتخاذ موقف بقرارات عقابية اقتصادية وسياسية على مستوى مليار ونصف مليار مسلم في العالم بمواجهة هذه الهجمة العدوانية الشرسة المتعددة الرؤوس على مقدساتنا وأوطاننا، وعلى خياراتنا السياسية، وعلى مصالحنا الاقتصادية، وقرار جماعي من جانب الدول الإسلامية بدعم أى دولة إسلامية تتعرض للعدوان أو التهديد بالعدوان، وقرار فوري بكسر الحصار على الشعب الفلسطيني في غزة وفتح المعابر على الأقل للأغراض الإنسانية، الدينية والدبلوماسية.
فهل تكون القمة الإسلامية في «داكار» على مستوى القمة الإفريقية في «واجا دوجو» التي وجهت إنذارا إلى الأممالمتحدة لرفع الحصار عن ليبيا وإلا..، وكان لها ما أرادت، بل قررت كسر الحصار الجوي للأغراض الإنسانية والدينية والدبلوماسية وبادرت فورا إلى تطبيق ما وقعت عليه.