أهم ما تناولته الصحف البريطانية الصادرة يوم الخميس هو الموجات الارتدادية لموقف بلير الهش من العدوان الصهيوني على لبنان, كما تناولت بإسهاب الأزمة التي تواجه حلف الناتو في ظل رفض أعضائه المساهمة بمزيد من القوات لمواجهة قوات طالبان بأفغانستان. فمن جانبها، قالت تايمز إنه تكشف أمس أن وزارة الخارجية لم تكن متفقة مع رئيس الوزراء توني بلير فيما يتعلق بسياسته تجاه المطالبة بوقف النار أثناء العدوان الصهيوني على لبنان. ونقلت عن كيم هوولز مسؤول الشرق الأوسط بالخارجية إقراره أمس بأن بريطانيا اقترفت أخطاء في تعاملها مع الأزمة اللبنانية, وأنه كان بإمكانها الدعوة إلى وقف لإطلاق النار. ووجه هوولز انتقادات متكررة للتكتيكات الصهيونية خلال تلك الأزمة, متهما تل أبيب بإساءة تقدير مدى الغضب الدولي من عدوانها على لبنان.
ونقلت الصحيفة عنه تأكيده أن لندن لو كانت طالبت بوقف النار قبل قرار مجلس الأمن لربما "كان ذلك مجديا".
وأشارت إلى أن هذا التصريح يبدو مناقضا لما قاله بلير خلال زيارته الأخيرة للبنان عندما قال "لم يكن يحدث هناك وقف لإطلاق النار ما لم يعتمد على قرار للأمم المتحدة, وهذا ما عملت من أجله".
ونقلت تايمز عن كيتي أوشر العضو العمالي بالبرلمان عن منطقة برنلي قولها "إن الاستنتاج الوحيد الذي يمكن لأي عاقل أن يستخلصه هو أن بلير اعتقد أنه لا ضير في أن يظل المسلمون يموتون".
وتحت عنوان "بلير يرتطم بالموجات الارتدادية للبنان" أوردت ذي إندبندنت قول آندي ماكسميث إن الحرب على لبنان دامت 34 يوما وقتل خلالها 1393 وجرح 5350 وهجر 1150000 ما زال 215413 منهم دون مأوى, وقدر الضرر بما لا يقل عن 2.6 مليار جنيه إسترليني.
كما أن اعتراف هوولز - والكلام لماكسميث- يعكس القلق المتزايد بين المسؤولين السامين بالحكومة من أن دفاع بلير عن السياسة الخارجية لبريطانيا يضر في كل نزعاتها بإدارته محليا ودوليا.
وفي الإطار ذاته، قالت غارديان إنه بعد شهر من وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحزب الله لا تزال هدنة هشة تخيم على القرى اللبنانية الحدودية التي دمرتها الحرب.
وذكرت الصحيفة أن مجاهدي حزب الله لا يزالون يقومون بدوريات على التلال بينما لا يزال الكيان الصهيوني تخرق بشكل يومي القرار 1701.
كما نقلت عن مراسلتها كلانسي تشاسي بقرية عيتا الشعب جنوب لبنان قولها إن المعركة لا تزال تدور ولو بشكل بطيء بهذه القرية التي يحمل كل بيت من بيوتها آثار العدوان الصهيوني.
وأوردت غارديان قول سكان محليين إن الدبابات والجرافات الصهيونية تتقدم عبر الحدود وتعود خلال الليل بينما يراقب مقاتلو حزب الله التلال الخضراء الكثيفة على مشارف القرية, ولا تزال أصوات طائرات التجسس الصهيونية بدون طيار أمرا معتادا بالنسبة لسكان الجنوب اللبناني.
ونقلت عن ألكسندر إيفانكو المتحدث باسم قوات يونيفيل التابعة للأمم المتحدة بلبنان قوله إن قواته سجلت 100 عملية خرق لوقف إطلاق النار نفذتها القوات الصهيونية خلال هذا الشهر.
على جانب أخر، رفضت أغلب دول حلف شمال الأطلسي الاستجابة لطلب قادته العسكريين بإرسال مزيد من القوات إلى ساحة المعركة مع طالبان رغم إلحاحهم على ذلك, وحذرت غارديان من أن هذا التطور ينذر بأن تعصف أزمة ثقة شاملة بالناتو.
وأشارت إلى أن لندن وواشنطن حثتا أمس حلفائهما الآخرين بالناتو على إرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان للمساعدة في التغلب على طالبان وهزيمتها, وحذرتا من أن هذا هو أقسى اختبار يواجه الحلف منذ إنشائه قبل 57 سنة, وأن الفشل بالمعركة ضد طالبان يعني أن "الشبح الأفغاني قد يعود من جديد ليؤرقنا" حسب تعبير وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس.
وتحت عنوان "بلير يقول: نحتاج المساعدة لوقف فشل أفغانستان" قالت ذي إندبندنت إن حث البريطانيين والأميركيين لحلفائهم بالناتو على المساهمة في المعركة ضد طالبان وقع على آذان صماء, إذ رفضت حتى الآن كل من ألمانيا وإيطاليا وتركيا وإسبانيا المساهمة بمزيد من القوات بهذه العملية أو إعادة نشر قواتها في أفغانستان لتشارك بالمعركة الفعلية بالجنوب.
أما فايننشال تايمز فقالت إن آمال الحلف معلقة الآن على بولندا, بعد أن أعلن وزير دفاعها أمس أن بلاده التي ستسحب قواتها من العراق تبحث مع حلفائها بالناتو وقت ومكان نشرهم بأفغانستان.
واعتبرت الصحيفة أن الحلف سيحاول تسريع وصول التعزيزات إلى أفغانستان قبل حلول فصل الشتاء إن أمكن ذلك, مشيرة إلى أن هذه القضية سلطت الضوء ليس على صراع الناتو من أجل إقامة حكم مستقر بأفغانستان بل أيضا على آفاق استمراره كحلف عسكري على المدى البعيد.