السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    أسعار السمك اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    عيار 21 الآن....تعرف على اسعار الذهب اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    بزيادة 27% عن 2025| تركيا تقرر رفع الحد الأدنى للأجور الشهرية    أنقرة: طائرة رئيس الأركان الليبي أبلغت بوجود عطل كهربائي قبل سقوطها    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تطلق النار بكثافة صوب منطقة المواصي جنوب غزة    غزة: أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023    السخيري: الهدف المئوي رمز لي.. والمنافسون الكبار في انتظارنا    أمم أفريقيا 2025| صراع بين الكاميرون والجابون بصافرة مصرية    فاركو يستضيف إنبي لحسم صدارة المجموعة في كأس عاصمة مصر    مصرع شابين وإصابة 6 أخرين في حادث تصادم تروسيكل وسيارة نقل ببني سويف    حالة الطقس اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية من دار الكتب بعد ترميمها    بدون أدوية| كيف تقلل مدة نزلات البرد؟    موعد مباراة الأهلي والمصرية للاتصالات    تايلاند تحدد شروطا قبل بدء محادثات الأمانة العامة للجنة الحدود مع كمبوديا اليوم    "العمل" تعلن عن وظائف برواتب تصل ل25 ألف جنيه لهذه المحافظة.. اعرف التفاصيل    بني سويف.. مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين إثر تصادم تروسيكل مع سيارة نقل بطريق جرزا الواسطى    تعرف على درجات الحرارة اليوم الأربعاء في محافظة الغربية    محاكمة اللاعب علي غزال بتهمة النصب على رجل أعمال بالتجمع اليوم    نظر طعن مضيفة طيران تونسية على حكم حبسها 15 عامًا بتهمة إنهاء حياة ابنتها    اليوم.. نظر محاكمة المتهمة بسب وقذف الفنان محمد نور    القومي للطفولة والأمومة يناقش تعزيز حماية الأطفال من العنف والتحرش    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا....اعرف مواقيت صلاتك بدقه    أسعار الأسمنت اليوم الأربعاء في محافظة الغربية    الليلة تدق الأجراس، قصة الاحتفال بعيد ميلاد المسيح ومتى احتفل به لأول مرة؟    سقوط الغرب وصعود الشرق، تنبؤات نوستراداموس لعام 2026 بعد فك شيفرة "السرب العظيم من النحل"    كاراكاس: مصالح الشركات النفطية الكبرى وراء التهديدات الأمريكية لفنزويلا    زفاف جيجي حديد وبرادلي كوبر في 2026    تنسيق مصري إماراتي لإطلاق برامج شبابية مشتركة وماراثون زايد الخيري في مصر    8.46 مليار مشاهدة في أسبوع، رقم قياسي جديد لمسلسل Stranger Things 5    شقيقة ميسي تتعرض لحادث سير خطير في الولايات المتحدة    أمريكا تحظر دخول 5 أشخاص بينهم قيادات ألمانية لمكافحة الإساءة عبر الإنترنت    قناة ON تستعد لعرض مسلسل «قسمة العدل»    تفجير جديد يهز العاصمة الروسية موسكو.. وشرطيان فى حالة حرجة    التعليم العالي: نعمل مع اليونسكو للاعتراف المتبادل بالشهادات المصرية دوليًا    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    كفتة العدس بالشوفان في الفرن، بروتين نباتي صحي بدون دهون    بطولة ياسمين رئيس وأحمد فهمي.. نهى صالح تنضم لمسلسل «اسأل روحك»    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    يعرض 7 يناير.. نيللى كريم وشريف سلامة يتصدران بوستر «جوازة ولا جنازة»    عودة مسرحية "نور فى عالم البحور" إلى خشبة المسرح القومي للأطفال    إيران تنتقد الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة لعدم التزامهم بالاتفاق النووي    فيديو | «ربنا كتبلي عمر جديد».. ناجية من عقار إمبابة المنهار تروي لحظات الرعب    الصحة: نجاح عملية استبدال صمام قلب لمسن فوق 90 عاما بمبرة مصر القديمة    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    وزير التعليم: البكالوريا شبيهة بالنظم العالمية.. وستقلل من الدروس الخصوصية    د. القس رفعت فتحي يكتب: المسيحية الصهيونية.. موقف الكنيسة المشيخية    ب"احتفالية ومعرض".. تعليم الأقصر تحيي فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم| صور    إغلاق الأسهم الأمريكية عند مستوى قياسي جديد    فايزر تحقق في حادث خلال تجربة علاج جديد لمرضى سيولة الدم    بشرى ل 7 محافظات، الصحة تحدد موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    خالد مرتجي: نبحث تطوير كرة القدم داخل الملعب وخارجه    بعد اتهامه النادي بالعنصرية.. تفاصيل انتهاء أزمة الإسماعيلي مع الكولومبي كارميلو    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ يحيى إسماعيل: "السيسي" نقض عهده مع مرسى.. ولم أرالله يتوعد على معصية مثل معصية نقض العهود!
نشر في الشعب يوم 05 - 10 - 2013

السيسى نقض عهده مع مرسى..ولم أرالله يتوعد على معصية مثل معصية نقض العهود
اللعنة لمن نقض العهود فى القرآن تشمل "من قام به" و"من رضوا به" و"سكتوا عليه".. والانهيار الاقتصادى جزء من اللعنة
مهمة جبهة علماء الأزهر الآن هى رد الناس إلى أصولها الشرعية والاعتقادية.. وبيان وجه الحق فيما جدّ ومعالجة أسباب الخلل الفكرى فى الناس وإعزاز الإسلام.. ورفع شأن الأزهر
إذا نُقضت عروة الحكم وسكت الناس سنصل إلى مرحلة كتلك التى كان زين العابدين فى تونس يعطى فيها تصريحا للصلاة وهو ما يحدث الآن فى مصر..فعند ذهابكإلى الصلاة عليك أن تأخذ معك "مازورة" و"مسطرة" لتقيس المسجد الذى ستصلى به!!
قال الشيخ يحيى إسماعيل -أمين عام جبهة علماء الأزهر،أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر والكويت-:إن أمر الانقلاب العسكرى الحالى إلى زوال؛ لأن الرفيق السيسى نقض عهده مع الرئيس الشرعى مرسى.."ولم أرالله يتوعد على معصية مثل معصية نقض العهود".
وقال:إن قبول بعض المصريين بهذا الانقلاب ونقض العهد يؤدى - بحسب آيات القرآن- لأن تكون اللعنة على الجميع.. "من قام به ومن رضوا به وسكتوا عليه"، مشيرا إلى أن الانهيار الاقتصادى الحالى هذا شىء ظاهر، ومنها الدم المصرى الذى يراق فى كل حين.
وقال الشيخ إسماعيل –فى حوار خاص مع (الشعب)–:إن مهمة جبهة علماء الأزهر الآن هى أن نرد الناس إلى أصولها الشرعية والدينية والاعتقادية، وبيان وجه الحق فيما جد ويجد، ومعالجة ما يمكن من معالجته من أسباب الخلل الفكرى فى الناس، وإعزاز الإسلام، ورفع شأن الأزهر، وإعادة الثقة للناس فى دينها بعد الانقلاب.
وتحدث عن تضييقات أمنية على الجبهة بعد الانقلاب؛ مشيرا إلى أن الأمن استدعى الدكتور محمد مزروعة -رئيس مجلس الإدارة،أستاذ العقيدة- والتضييق لم ينقطع فى أى مرحلة من المراحل.
وانتقد أن يقوم وزير (الدفاع) بعزل رئيس (الجمهورية)، معتبرا هذا "أمرا غير محتمل؛ لا وضعا وخلقا، ولا قانونا وشرعا، والسكوت عليه يؤذن بتكراره فى أكثر من مكان".
كما انتقد قيام لجنة الانقلابيين بتعديل دستور 2012، الذى وافق عليه الشعب بنسبة 67%، باعتبار أنه أصبح –بموجب هذا الدستور الشرعى- هناك عقد بيننا وبين رئيس الدولة، وهناك عقد اجتماعى يسمى الدستور، وليس من حق أحد أن يلغيه؛سواء أن كانوا مليون فرد أو أكثر.
وفيما يلى تفاصيل الحوار..
* ماذا تفعل جبهة علماء الأزهر الآن لمواجهة الانقلاب؟
رسالة جبهة علماء الأزهر يلخصها مبدأ "العمل على إعزاز الإسلام والمسلمين، ورفع شأن الأزهر والأزهريين، ومحاربة كل ما جد ويجد من بدع وافتراءات بكل سبيل وطريق مشروع"، فى الفترة المحدودة التى نعمنا فيها بشىء من هواء الحرية النقى. ففى فترة الدكتور مرسى تم افتتاح أكثر من فرع للجبهة على مستوى الدولة؛ لكن للأسف لم نجد مَن يعيننا على استرداد الحق الأصلى لنا فى القاهرة، وشاء العلى القدير أن يحدث ما حدث (الانقلاب).
مهمتنا الآن مع إخواننا وفيما يتبعنا من فروع العمل على إعادة الثقة للناس فى دينها، فالإسلام بمعناه الحقيقى الواسع الشامل تكاد تكون الأحداث غيّبته عن كثير من الأذهان، سواء منهم القريب والبعيد، ولذلك مهمتنا الآن بيان وجه الحق فيما جد ويجد، ومعالجة ما يمكن من معالجته من أسباب الخلل الفكرى فى الناس.
* هل نشاطكم لمواجهة الانقلاب قاصر على الجانب الفكرى فقط أم أن هناك حركة للجبهة؟
هناك لقاءات لكنها محدودة الآن لظروف التضييق الأمنى والساعات المسموح بها بعد إعلان الطوارئ، والأمن استدعى الدكتور محمد مزروعة -رئيس مجلس الإدارة، أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، وأم القرى- لكن رغم كل هذه الظروف نجحنا فى إعادة تشكيل مجلس الإدارة، كذلك تعقد لقاءات للفروع، وكانت لنا أنشطة عديدة، وأكدنا فى بيانات وقوفنا بجانب الشرعية أمام القوى المحرضة ضد رئيس الجمهورية، وأدنّا الذين استباحوا تلك الدماء الزاكية للمصريين بعد الانقلاب، واسترخصوا هذه الأرواح الغالية، ومنهم شيخ الأزهر الذى دعوناه أن يستدرك مع حرمة تلك الدماء التى سالت بفتواه أنهارا، وحرمة حق البيعة التى عاون الظالمين على نقضها، وأن يستدرك ويصحح موقفه، وأن يتقدم من فوره باستقالته إلى الرئيس الشرعى والقانونى للبلاد الأستاذ الدكتور محمد مرسى،وذلك على رجاء أن يُعيننا بذلك على الدخول معه فى أمر تصحيح الخلل الماحق الذى حلَّ بأمته،الذى كان هو بموقفه أحد أسبابه.
* كم عدد الأعضاء فى الجبهة؟
العضوية نوعان: عضوية عاملة وعضوية شرفية.. العضوية العاملة آخر رقم بها كان 1500، لكن هناك عضوية داعمة وعضوية شرفية يصل العدد فيهما لأكثر من ذلك بكثير، ويصل عدد العلماء المؤسسين إلى 400 عالم.
* هل تواجه الجبهة تضييقات كما يحدث مع قضاة من أجل مصر بعد الانقلاب؟
التضييق لم ينقطع فى أى مرحلة من المراحل، وهذا شىء مؤلم حتى فى فترة الرئيس مرسى، التى نعمنا فيها بشىء من الحرية،إلا أن العمل وتقبلنا كان محدوداجدا.
* طبيعة العلاقة مع شيخ الأزهر الحالى هل هى متوترة كما كانت مع الشيخ طنطاوى أم أنها أفضل؟
مثلما كانت عليه مع الشيخ طنطاوى. لكن للأسف العلاقة مع الشيخ طنطاوى بصورتها السابقة لا تزال تلون أو تضفى بشىء من الإصباغ على العلاقة الحالية مع الشيخ الطيب.
*هل هناك أى لقاءات تمت بين الجبهة وبين شيخ الأزهر أو أى مبادرات أو مقترحات؟
لا لم تحدث بيننا أى لقاءات، المبادرات والمقترحات والقوانين كنا نقدمها وقت أن كان هناك مجلس شعب، ولم يقدّر لها ما كنا ننتظره.
* كيف ترى مستقبل مصر الآن فى ظل هذا الاحتقان بعد الانقلاب العسكرى؟
إن شاء الله مصر وبقية العالم العربى ومصر فى القلب منه محروسة بإذن الله، الأمر فيما يبدو لنا أنها أزمة حادة، والآثار المترتبة عليها قاسية، لكن لابد أن تستقر السفينة على الجُودىّ.. ما نحن فيه سيؤثر فيما حولنا، وما نحن فيه نرجو أن تكون سحابة صيف عابرة؛ لأن سنن الله فى الأكوان لا تسمح أبدا ببقاء مثل هذا الحال من الاحتقان بالبقاء مدة طويلة، وانصراف القوى عن أماكنها وانشغال البعض كله ببعض، مثل هذا لا يستقيم عليه أمر، ولا يصلح عليه حال..فلابد أن يتغير.
ونحن نأمل فى الله خيرا، فالأحداث بدأت بتقدير من الله، لكنها خرجت عن أيدينا بشىء من الصلف والجهالة فى بعضنا، لكن عساها إن شاء الله أن تستقيم، فلا نحسب أبدا أن المخلوع (مبارك) سيرجع مرة أخرى، لكن الرجاء فى الله أن المختطف (مرسى) الذى يقولون عليه (معزول) سيعود، ونحن نرفض اختطاف الرئيس شرعا، وهذا الذى نركز عليه ونبينه للناس؛ لأن وزير (الدفاع) يعزل رئيس (الجمهورية) أمر غير محتمل؛ لا وضعا وخلقا، ولا قانونا وشرعا، والسكوت عليه يؤذن بتكراره فى أكثر من مكان.
لهذا نرفض أن يقال (معزول) وأدق وصف قانونى هو ما قاله الرئيس التونسى فى الأمم المتحدة (إنه رئيس معتقل أو مختطف)، وهذا من صميم مهمتنا، وهو أن نرد الناس إلى أصولها الشرعية والدينية والاعتقادية، هذه الأصول هى "أَوفوا بالعهد"، فالأمة بينها وبين الدكتور مرسى عهد، والدكتور مرسى بينه وبين الأمة عهد، والعهد لا يزال قائما. هذا الأمر الشرعى ينبغى أن يبين للناس.فسيدنا مجاهد وهو أحد كبار أئمة التفسير،أخذ عن وكيع عن ابن عباس -رضى الله عنه- يقول:"لم أر الله ربَّ العالمين يتوعد على معصية مثل معصية نقض العهود"، يعنى أى معصية تتخيلها لم يتوعد الله عليها مثلما توعد على معصية نقض العهد، "وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ"، لهم اللعنة من بداية المعصية، ولهم سوء الدار إذا استمروا على المعصية، واللعنة هى أشد ما تعذب به أمة، وأشد ما يعاقب به فردٌ، والرسول -عليه الصلاة والسلام- كان مسافرا ذات مرة والسيدة عائشة–رضى الله عنه-استعصى عليها بعيرها، فلعنته، فأمر رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بِرَده، وقال: "لا يصحبنا شىء ملعون".. فأقصى عقوبة تنزل بفرد وأقصى نازلة تحل بأمة نازلة اللعنة؛ لأنها تمحق كل بركة،وتحول الأمة من حال التوافق إلى حال التعاند والتشاجر والتقاتل.
* هل جزء من هذه اللعنة هو ما نراه فى صورة انهيار اقتصادى نتيجة تأييد البعض لهذا الانقلاب على طريقة "تسلم الأيادى"؟
انظر إلى دلالة الآية الكريمة تجد أنها لم تقل "لعنهم الله" كما قال فى بعض الآيات فى وصف اليهود، لكن الآية قالت "أولئك" بتعريف الطرفين "لهم اللعنة"،أى كل ما تتخيل من صور الآلام لابد أن تكون متمثلة ومتجمعة ومتحجرة فى هذا الواقع، من قام به ومن رضوا به وسكتوا عليه.. والانهيار الاقتصادى هذا شىء ظاهر، اللعنة تمحق أى تتغلل فى الجذور، جذور كل أسس للبنيان القومى ولبنيان الأمة، "لهم اللعنة" إلى متى؟ حتى نمتثل لقول رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: "حتى تراجعوا أمر دينكم"..
الأمة لا تتناحر إلا بمقدار تباعدها عن أصولها، وها نحن نرى الدم المصرى يُراق فى كل حين.
* هل يعنى هذا أن الانقلاب إلى زوال؟
لابد وأن يزول الانقلاب، هذا أمر لا يحتاج إلى كلام، فالانقلاب ضد الاعتدال، وكما قلت فى بعض الندوات: كان آخرها فى حزب العمل، أن الانقلاب يعنى خللا فى كل القواعد حتى القواعد الأخلاقية، كيف تقوم علاقات سياسية بين أناس ينقضون العهد فيما بينهم رغم اليمين؟! انظر إلى مطلع سورة النساء، حيث يقول الله عز وجل: "وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" فما معنى "تساءلون به"؟ أى أنه إذا بِعت لك شيئا وحلفت بالله على ثمنها فستطمئن..فعدم دخول الله فى العقود يرخصها ويهدرها، وهذا هو الداعى أن بعض المتفيقين المنسوبين إلى الإسلام زورا يقولون عدم التنصيص على الإسلام أو إبعاد الإسلام عن العمل السياسى، وكذلك من يقول "إن مصر علمانية بالفطرة"، فهو بالضبط كمن يقول "خيانة مشروعة"،أى زنا مشروع،أو خمرة على أساس شرعى، فكيف تكون "علمانية بالفطرة"، والفطرة تعنى الاستقامة؟ "فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا" يعنى الاستقامة، أما العلمانية فهى ينطبق عليها قوله تعالى "ويَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ"، فهى ترى أن الله له فقط المساجد ونحن لنا الأرض، لكن "قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا"؟..
وإذا كنت تقول إن الأرض لك "قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ"، فهل عندما يدلنا رب السماوات السبع ورب العرش العظيم نقول إننا لا نريده، وإننى قليل الأدب بالفطرة؟ هذه انتكاسة للفطرة كما قال الله، فالله لم يقل "ثم استقاموا" بل قال "ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ"، فالانقلاب هو انقلاب فى كل شىء حتى فى العبارة.
ففى أحد تقارير قناة "الجزيرة" عن جلسة من جلسات خمسينية الدستور، ذكرأحدهم أن حظر التجوال يضر بهم؛ لأن "الطبالين" يعودون إلى منازلهم فى وقت متأخر، فهو انقلاب حتى فى الذوق، والآخر يقول "إنه أزهرى" بشعره الطويل وصدره المفتوح، ولا يريد أن يحكم الإسلام البلد؛ لأن البلد "حيطان"، والمصيبة "إن الناس ساكتة"، وأخرى تقول إنها ستعلّم الإخوان الإسلام، "والناس ساكتة أيضا"، فهو انقلاب واضح وصريح، فكما بين رسول الله -عليه الصلاة والسلام-أن أول معلم من معالم الاستقامة أو الانهيار هو الحكم، فالحكم انتظام دولاب وله رأس، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِى تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ"، فإذا نقضت عروة الحكم وسكت الناس سنصل إلى مرحلة كتلك التى كان زين العابدين فى تونس يعطى فيها تصريحا للصلاة، وهو ما يحدث الآن فى مصر؛إذ إنه وأنت ذاهب إلى الصلاة عليك أن تأخذ معك "مازورة" و"مسطرة" لتقيس المسجد الذى ستصلى به!! فهذه سنة كونية، بصرف النظر عن زيد أو عبيد، فالانقلاب فى الحكم يعنى انقلابا فى كل معيار حتى يصل الانقلاب إلى الصلاة، بل إننا وصلنا إلى أن من تبوأ منصب مفتى الديار حينما يقول له أحدهم "إنه قتل 80 مصريا" يرد عليه قائلا "هات رأسك أبوسها"، فماهذه المصيبة التى أحلت بنا!!إنه استحلال للدم، والحديث يقول "مَنِ اغْتَبَطَ لدم مسلم" أى سُرَّ لمقتل دم مسلم والمراد بالمسلم المسلم ثقافة وديانة، مادام فى دولة الإسلام، والحديث يقول "إذا غُدر بالذمى استُبيحت الحوزة"،أى إذا غدر بأهل الذمة استبيحت الدولة؛ لأن الغدر بأهل الذمة يجعلهم يستعينون بأعدائك.
ولهذا لما أرسل ابنُ طولون سيدنا الإمامَ ابنَ تيمية ليطلق سراح المجاهدين المصريين الذين أُسروا فى الشام، قال لهجنكيز خان "نعطيك أسرى المسلمين" قال ابن تيمية "أهل ذمتنا قبل أهل ملتنا"، فأهل الذمة فى رقبتنا سنسأل عنهم يوم القيامة..
فلا نقصد بحديثنا المسلمين عقيدة فقط، بل أيضا المسلمين ثقافةً ما داموا فى ديارنا فهم أحق بالأمان منا؛ لأنهم فى ذمتنا،أى فى عهدتنا ونحن نفتديهم شرعا ودينا، وهذا نص حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "مَن آذى ذميا فقد آذانى، ومن آذنىكنت خصمه يوم القيامة".
لذا؛ فإن ما يحدث الآن هو انقلاب فى المعايير والموازين..ألم يربط رئيس تونس زين الهاربين الصلاة فى مسجد ما بتصريح، حتى إذا صلى أحد فى مسجد غير المصرح له بالصلاة فيه يكون قد ارتكب جريمة؟ فإذا سكتنا على قلب وفساد الرأس فلن يقف عند حد، ولابد أن يصل إلى أعز شىء عند الأمة، فأولعروة تُنقض الحكم، وآخرها الصلاة.
* كيف ترى مستقبل الحركات الإسلامية بعدما حدث فى مصر؟
آسف أنأقول: مستقبل غير مبشر، وقد حذرت من هذا فى أول يوم نزلت فيه مصر بعد 11 سنة مطاردة، وقد ذهبت إلى الحركات الإسلامية برؤى وتصورات أن المنطلقات للجماعات الآن تشعبت وتباعدت بها،فأصل الجماعات هذه هى جماعات عمل أو فِرق عمل، وفرق العمل محمودة شرعا، أما فرق المعتقد فهى المذمومة، ففى فِرق العمل انظر إلى سيدنا خالد بن الوليد–رضى الله عنه- فى غزوة مؤتة، عندماكاد الروم يحيطون بالمسلمين قال "أيها الناس امتازوا" حتى تحدث روح المنافسة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- فى يوم ثقيف لما طلبمن عمه جمع الناس، نادى قائلا: "يا أصحاب سورة البقر، يا أصحاب بيعة العقبة، يا أصحاب بيعة الرضوان،" إذن وجود عناوين للعمل مطلوب.
أما عن المستقبل؛ فإنه فى ظل غياب الأزهر وتغييبه المتعمد حتى الآن فإنه مستقبل غير مبشر؛ لأن بدايات الجماعات نزع الناحية العملية عن الناحية العلمية فى الأزهر، والأزهر فى الأصل قام ليكون وريثا لمسجد عمرو بن العاص–رضى الله عنه- يمثل الناحية العلمية والعملية، بحيث يكون الطالب مجاورا،أى ملاصقا لشيوخه، وشيوخه مقيمون معه، فيتشرّب الطالب من أخلاق شيوخه قبل أن يتشرب من علمهم..
لكن "كرومر" نجح فى نزع الناحية العملية من الأزهر، وقصره على كونه معهد علم، وهنا بدأ بعض العلماء يفكرون فى صيانة الناحية العملية التى حُرم منها الأزهر، ومن هنا أيضا ظهرت الجمعيات الإسلامية، فظهرت جمعية الهداية التى كان يرأسها فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين، ثم ظهرت الجمعية الشرعية التى كان يرأسها فضيلة الشيخ محمود خطاب السبكى، ثم ظهرت جمعية أنصار السنة التى كان يرأسها حامد الفرقى رحمهم الله جميعا، فى هذه الأثناء ظهرت جماعة الإخوان المسلمين التى أسسها مع حسن البنا الشيخ جوهرى طنطاوى،أحد علماء الأزهر المفسرين، وله كتاب شهير فى التفسير اسمه "جواهر الطنطاوى"، وكان الأصل أن يكون هو المرشد لكونه عالما من علماء الأزهر، لكنه لما رأى فى نفسه ضعفا فى السن وخورا فى البدن،ألزم بنفسه الشيخ البنا أن يكون مرشدا لجماعة الإخوان، ويشرف على مجلتها.
* هل هناك أخطاء محددة للحركات الإسلامية؟
الأخطاء كثيرة، لكن ليس الوقت وقت سرد أخطاء، إنما على وجه العموم كل جماعة تظن أنها هى الإسلام، وكل جماعة تظن أنها هى الحق، وعلى الرغم من أن الشباب فى هذه الحركات من أنظف وأطهر ما يكون، لكن التربية فى هذه الجماعات بها ضعف وخلل وسَقم، الإضافة إلى عدم وجود علماء ربانيين فى مقدمة تلك الجماعات، ومن ضمن ما قصم ظهر الكثير من هذه الجماعات الحرص على الهيكلة والبنيان والخرسانة فقط، فهم أبعد ما يكونون عن الروح، فعدم توحد الجماعات خطأ، وعدم الاهتمام بتربية الشباب، وعدم رد اعتبار علماء الشريعة فى بنينان الجماعات،أكبر الخطأ، فهذه الجماعات قامت فى الأساس لتسد الخلل الناتج عن نزع الناحية العملية من الأزهر، فنجحت فى ناحية من النواحى العملية، فعليها ألا تتمسك بكونها صاحبة الفضل، كمن يبنى مسجدا ثم يتحكم فى المصلين فيه..والمصيبة أننا نبنى الجماعات كضرورة، ثم نتحكم فيها عن طريق البنيان الديمقراطى بعيدا عن البنيان الشرعى، ما يعنى أن كل الأمور تؤخذ بالرأى حتى الأحكام ممن هم ليسوا من أهل الأحكام.
* هل هدف تعديل الدستور الحالى من قبل الانقلابيين هدم المواد الإسلامية؟ وهل أنت مع المادة الثالثة؟
لا مادة ثالثة ولا رابعة.. فهناك دستور وافق عليه67% من الشعب، أى أنه أصبح هناك عقد بيننا وبين رئيس الدولة، وهناك عقد اجتماعى يسمى الدستور، وليس من حق أحد أن يلغيه؛سواء أن كانوا مليون فرد أو أكثر.
ومن الواضح أن فكر جورج إسحاق هو الظاهر على الدستور الذى يعده الانقلابيون، وهو أنه بعد 30 يونيو "لا يوجد إسلام"! فهناك عمل على قدم وساق لتحقيق هذا الوعد، فالدستور بنيان اجتماعى،والنقد يكون إلى من إليه العقد، وهى قاعدة شرعية وقانونية، وإذا تساءلنا عن الذين عقدوا الدستور السابق، سنجد أنهم هيئة مجتمعية منبثقة عن انتخابات وعن جماعة الوطن، وتم استفتاء الأمة عليه ووافقت، فلا يصح لواحد أو اثنين أو عشرة الآن أن يلغوا هذا الدستور؛ لأنه وثيقة وعقد، والله يقول "وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا"، وكذلك يقول تعالى "وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً".
ومن بايع إمامه فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فهذه وثيقة وعقد لن تموت، ثم هل تذكر لى واحدا من لجنة الخمسين فى قامة أو مكانة المستشار أو الدكتور نصر فريد واصل؟ ومع هذا كان هؤلاء بمكانتهم وهامتهم أرقاما قوية فى بُنيان عظيم.
* ما تفسيرك لتزايد التطاول على القرآن الكريم وتأليف بعض السور واشتراك بعض أقباط المهجر فى هذا الأمر؟
السبب وراء ذلك هو الخوف من نهاية الوضع الحالى، فقبل إنهاء الوضع الكل يسارع لتعقيد الانقلاب حتى لا يسهل أمر الاعتدال، بمعنى أن الطبال والزمار والفنانة المتعرية تدخل لتعلمنا الإسلام، وتبنى على ذلك مصالح ومؤسسات تنتفع بهذه الجهالات، وبهذا الانحراف، ولهذا أهل الاستقامة لن يستطيعوا أن يتقدموا مرة واحدة؛ لأن الانحراف صارت له مؤسساته التى تدافع عنه، فمثلا السجائر مضرة بالصحة، ومن الأمانة أن تلغى مصانعها، لكن يصعب ذلك؛ لأنه أصبح هناك وضع اجتماعى مستفيد وقائم على هذا الخلل، وهناك أسر وبيوت مفتوحة من هذا الخلل، فمن الصعب إلغاء أو تعديل هذا الوضع إلا إلى الأسوأ، كأن تشرع وضع قطعة حشيش فى السجائر، إنما إلغاؤها يسبب العديد من المشاكل، الأمر كذلك بالنسبة للوضع القائم، فما يحدث هو مسارعة لتعقيد الوضع حتى يصعب تعديله أو إلغاؤه، ويقوم بهذه المسارعة المنتفعون من الوضع.
فمثلا إذا رأينا الفن الذائع الآن يقدم لنا "هاتى بوسة يا بت" أليس هذا انتفاعا لهذه الفرق التى تطلب لتقديم هذا الفن؟، فبعد "هاتى يا بوسة يا بت" قد تظهر أشياء أكثر من ذلك، وتصبح هناك مؤسسات تطبع وتوزع، هذه المؤسسات تصعّب على المصلح القيام بالإصلاح، وهذا هو سر السُّعار الدائر الآن.
* هل ترى أن ثورة 25 يناير أخطأت فى عدم اجتزاز الفساد من جذوره وتعايشت معه؟
ثورة 25 يناير أخطأت فى العديد من الأخطاء، إنما قَدَرٌ ونفَذ، وكما يقول الرجل "يا نفس لا تجزعى وأجملى طلبا..إن الذى تحذرين قد وقعا".. ما كنا نحذره وقع، وهو أن الناس بلورت الأمل كله فى رحيل مبارك، فلما رحل صلوا الفجر وتركوا الميدان، بعدها بدأ اللعب مع النواة الصلبة القوية فى المجتمع، وكما يقال "يقضى على المرء فى أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن" فلم يكن من الحسن أن ننعزل ونترك بعضنا بعضا فى محمد محمود، ونخذل بعضنا.. لم يكن من الحسن أن نترك فتاة تبيّن فيما بعدُأنها طبيبة تسحل ثم نقول "ليس مننا".. من الذى حما مجلس الشعب فى أول انعقاد له؟ إنهم شباب الإخوان، هذا التمييز هو السبب فى الفُرجة التى دخل منها الخلل الذى نعانى منه.
نعم، هناك أخطاء، لكن الفارق كبير بين الأخطاء والجرائم، هناك أخطاء نرجو أن تتسع الصدور لدراستها بعقلية نظيفة، وأفئدة واعية، وأهداف خالصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.