بقلم: حسين العدوى تمر علينا الأيام والسنون وأمتنا العربية والإسلامية تنحدر من سيىء إلى أسوأ فى ظل تقاعس أبنائها ومخططات أعدائها؛ فالاحتلال الأمريكى قابع في العراق وأفغانستان، والاحتلال الصهيونى جاثم على صدر فلسطين، وفى غفلة من الأمة واستغلالا لحالة الوهن الشديد التى يعيشها المسلمون يقوم الكيان الصهيوني بتنفيذ مشروع جديد لتقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود؛ ويقوم الصهاينة بالفعل بحفر نفق جديد من جهة المصلى المرواني يتيح دخول اليهود إلى المسجد الأقصى مباشرة وقد تم رصد المبالغ اللازمة لتنفيذ هذا المشروع. وبهذه الخطوة يكون اليهود قد نجحوا -كعادتهم- فى فرض أمر واقع جديد بعد استمرار أعمال الهدم في طريق باب المغاربة المحاذى للمسجد الأقصى وقرار استئناف إزالة باب المغاربة الذى يعد اختراقا للتقرير التركي حول أعمال الهدم والذى أصدرته لجنة في منتصف فبراير الماضي، والذى أكد أن هذه الأعمال تمس بصورة مباشرة جدار المسجد الأقصى المبارك.. ورغم ذلك وبالرغم من الخطوة الجديدة لم يتحرك أحد لحماية أولى القبلتين وثالث الحرمين!!. إن رئيس وزراء الكيان الصهيوني إيهود أولمرت يُشرف بشكل شخصي على هذا المشروع لمحو التاريخ الإسلامي وإلغائه من أجل إثبات أن الحضارة القائمة في هذا المكان تعود للتاريخ اليهودي فقط، وقد بدأت سلطات الاحتلال العمل على مراحل كان أولاها تحديد أماكن الحفر فنياً حتى يتاح لها إصدار خريطة لأعمال الهدم، وقد أصدروا هذه الخريطة الآن، بعد أن حاولوا تهدئة الرأي العام العربي والإسلامي وتوفير الأجواء المناسبة لمؤتمر أنابوليس، وبعد ذلك أعلنوا استئناف إزالة باب المغاربة. إن هذا الكيان البغيض نشأ على العدوان الذى لم يقتصر على الأفراد فى غزة بل امتد إلى المقدسات، والآن يعد العدة لحرب نووية يخوضها ضد العرب والمسلمين طبقا لما توقعته دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بالولايات المتحدة "CSIS" ورد فيها أنه »في حالة مشاركة مصر بقوات عسكرية في حرب لمساندة جيرانها العرب، فإن إسرائيل سترد على ذلك بتوجيه ضربة نووية للقاهرة وغيرها من المدن الرئيسية المصرية، وسيكون من أهم أهدافها تدمير "السد العالي" بأسوان«. وجاء في الدراسة التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن هناك حربا ستكون غير تقليدية في منطقة الشرق الأوسط بسبب الصراع النووي نتيجة السماح لإيران بتطوير برنامجها النووي إذا لم تقم أمريكا و»إسرائيل« بتوجيه ضربات عسكرية لإيران. هذا ما يعده الصهاينة للعرب والمسلمين، بينما نحن نشاركهم في فرض حصار ظالم على إخواننا فى غزة راح ضحيته أكثر من 95 فلسطينيا من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، والعدد في تزايد مستمر وسط درجات متفاوتة من العرب للمشاركة في مقتل هؤلاء الفلسطينيين، تبدأ بالصمت وتمر بالمباركة وتنتهى بالمشاركة الفعلية فى حصار أهلنا ومقتل إخواننا. ولا نعلم لصالح من يقتل بعضنا بعضا بإيعاز من أعدائنا الذين يخططون للقضاء علينا وعلي ديننا؛ فعلى سبيل المثال يشارك العرب في حصار غزة بضغوط صهيونية -أمريكية، فيكون المقابل أن يقوم الكونجرس الأمريكي بتخفيض 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر، وكان المقترح الأمريكي تخفيض 200 مليون دولار وبعد التفاوض مع الجانب المصري قرر الكونجرس تخفيض 100 مليون. وحسب التصريحات الرسمية المصرية التى أدلى بها كل من وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان فإن القاهرة تعتبر تل أبيب مسئولة بشكل مباشر عن هذا التخفيض لمزيد من الضغط على حماس وإحكام الحصار على غزة تحت زعم وقف عمليات تهريب السلاح عبر سيناء لقطاع غزة. وبعد أيام قليلة سن الكونجرس الأمريكي تشريعًا شاملاً لإنفاق المخصصات العسكرية والعمليات الخارجية أعلن فيه عدم خضوع المعونة لمصر لأى إشراف حكومى مصرى بأى شكل، وجاء في نص القانون النهائي- الذي صدر بتاريخ 17 ديسمبر الماضي أن الحكومة المصرية لن يكون لها أي دور رقابي أو إشرافي على كيفية إنفاق المعونة أو من يتلقاها داخل الأراضي المصرية، ليكون الدعم مباشرا بين واشنطن والمنظمات والهيئات والأفراد المتلقين للمعونة ولن تخضع للموافقة المسبقة من قبل الحكومة المصرية!! كما أكدت واشنطن تخصيص 50 مليون دولار لتغيير نظام التعليم في مصر. من غير المعقول أن يصفعنا الأعداء كل هذه الصفعات المتوالية والتى تمس أمننا القومى وإرادتنا السياسية ثم يشارك العرب فى حصار وعقاب بعضهم البعض، حتى وصل الأمر لمعاقبة حجاج بيت الله من الفلسطينيين والمطالبة بعدم عبورهم من معبر رفح، وهذا ما طلبته القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بمنع فتح المعبر؛ حسب ما قال محمد بسيوني رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى المصري أنه: "لا توجد مشكلة من ناحيتنا والرئيس المصري أعلن ذلك، لذلك أي معبر في الدنيا له اتجاهان، حيث إن اتجاه مصر لا توجد مشكلة فيه وهو مفتوح، وإنما المشكلة في الجانب الآخر (الفلسطيني)، الذي عارض وانتقد بشدة سفر حجاج غزة عبر معبر رفح المصري!!. وعلى الرغم من الظلام الدامس فى أحوال المسلمين والفرقة الشديدة، وعلى الرغم من مخططات أعدائهم إلا أن الخير فى الأمة باق إلى يوم القيامة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران 110). وإن شاء الله النصر والإظهار والغلبة لنا {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدا}ً (الفتح 28). وفى النهاية ادعو الله عز وجل أن يأتى علينا العام الذى تقر به أعيننا بوحدة حكامنا وشعوبنا. والنصر والتمكين لأمتنا.. قريب مصداقا لقول ربنا: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (البقرة 214) وكما أدعوه عز وجل أن تنعم عاصمة الخلافة العباسية بالحرية والأمن وأن يكون الأقصى محررا من دنس الاحتلال.. اللهم بلغنا ذلك العام فى أقرب وقت.