12% زيادة في أسعار اللحوم و9% للمنتجات الغذائية و14% للألبان الخضروات والفاكهة أصبحت حلماً للغلابة سعر البطاطس ما بين 4 و4.7 جنيه ب"العبور".. وب 7 و8 في أسواق التجزئة 40% من إنفاق الأسرة يوجه للطعام والشراب.. و18% للسكن و8.1% للرعاية الصحية د. جهاد صبحي: توقف آلاف المصانع وزيادة الطلب وانخفاض قيمة الجنيه سبب الأزمة أصاب جنون الأسعار أسواق الخضراوات والفاكهة والألبان واللحوم وكافة السلع الغذائية وامتد إلى أسواق الملابس الجاهزة والاجهزة الكهربائية ومستلزمات الإنتاج، ليظل المواطن المصري يدفع فاتورة جشع التجار والمحتكرين وفشل أداء حكومة العواجيز "الانقلابية" التي أهدرت الاقتصاد واستنزفت جيوب المواطنين في تلبيه الاحتياجات الأساسية للغلابة وهو ما ينذر بثورة جياع. منذ أن فرضت قوات أمن الانقلاب حالة الطوارئ وحظر التجوال وبدأت عملية التباطؤ في شحن البضائع وارتفعت تكلفة الشحن، وشهدت أسعار العديد من السلع الغذائية ارتفاعا غير مسبوق بنسب تتجاوز 50٪ في بعض المنتجات حسبما أكدته تقارير الجهات المسئولة في الحكومة والغرف التجارية. تراجع المؤشرات أصبح المواطن في حيرة من أمره، فمنذ الانقلاب العسكري في يوليو الماضي ولم ير أمام عينيه إلا القتل والحرق والتدمير، ولم يسمع إلا تراجعاً في معدلات ومؤشرات الاقتصاد وهو ما أصابه بحالة من اليأس والملل، فمجرد أن يخرج المواطن لشراء مستلزماته إلا ويفاجئ بصدمة من الأسعار المعلنة، وهو ما قد يضطره إلى القيام بعملية تقشف داخل البيت أو شراء الاحتياجات الضرورية فقط. رصدت "الشعب" الأزمة عن قرب وتجولت داخل سوق العبور للخضر والفاكهة للتعرف على الأسعار وآراء التجار في القضية، كما تحدثت مع المواطن في الشارع لمعرفة مدى تأثير تك الأزمة على البسطاء ومصالحهم، كما نقلنا المشكلة للخبراء للتعرف على الأسباب الحقيقية وراء المشكلة. أسى وحزن الغريب أن هناك فارقاً كبيراً بين الأسعار المعلنة في سوق العبور والأسعار المعروضة للمواطنين في الأسواق، فعلي سبيل المثال نجد أن سعر البطاطس يتراوح من 4 و 4.7 جنيه والفاصوليا من 4و6 والبامية من 6 و8 جنيهات، في حين أن سعر هذه السلع في الأسواق العادية يختلف تماماً فالبطاطس يتراوح سعرها من 7و8 جنيهات، والفاصوليا سعرها يبدأ من 10 جنيهات والبامية من 10 جنيهات إلي 15 جنيه. توجهنا إلى المواطن البسيط، الذي يشتري احتياجاته اليومية من الخضار والفاكهة، فمجرد سؤاله عن ارتفاع الأسعار إلا وتجد علامات الحزن والأسى تظهر على الوجوه مباشرة، بل وأبدى أغلبهم السخط على الحكومة الانقلابية التي يترأسها الدكتور حازم الببلاوي والتي ادخلت البلاد في نفق اقتصادي مظلم. ثورة جياع تقول أم ياسر "ربة منزل": "الأسعار تتزايد يوماً بعد الاخر ونحن لا نعرف إلى أى مدى ستزول هذه الأزمة وكيف سنأكل بعد ذلك؟"، مطالبة المسئولين في البلاد بمراعاة دخل المواطن العادى، ومراقبة التجار لعدم الغلاء عن السعر الرسمى حتى تتمكن الطبقة المتوسطة من العيش، منبهة الحكومة من اقتراب ثورة الجياع بعد عجز المواطن المصرى عن شراء السلع الأساسية. واتفق معها حسن موسى - عامل باحدى شركات القطاع الخاص - عن عجزه في تلبية مطالب البيت، محملاً الحكومة الحالية المسئولية قائلاً "ارتفاع الأسعار شيء غير مقبول وخاصة الموجهة لمتوسطى الدخل والطبقة الفقيرة، فالعيش في ظل الغلاء المتواصل يُعد مستحيلًا في ظل الجنون الذي اصاب التجار والقائمين على إدارة البلاد، فالأسعار زادت النصف والحكومة آخر طناش". اسعار جديدة انتقلنا إلى الطرف الآخر وهم التجار، حيث يقول نجيب سيد احد بائعي الخضار بسوق العبور، أن ارتفاع الأسعار في هذه الفترة يعود الى الكثير من الأسباب وليس ذنب تجار الخضراوات وحدهم، ويضيف "أصبحت أقوم بشراء بضاعتي من كبار التجار والمزارعين بأسعار اغلى من الأول مما يضطرني لوضع سعر جديد لتحقيق المكسب، لافتاً إلى أنه لا يريد رفع السعر على المواطن البسيط الذي يعاني من ظروف قاسية وصعبه من نقص الدخول والأجور". فيما أوضح بائع آخر أن المزارع نفسه يرفع سعر البضاعة في حقله بدعوى ارتفاع اسعار السماد والسولار الذي يستخدمه في ري وتجهيز ارضه اضافة الى ارتفاع اجر الايدي العاملة التي تعمل في سوق الخضار وزراعته بالاضافة الي قيام سائقي سيارات نقل الخضراوات برفع اجرهم بدعوى عدم وجود السولار وكل ذلك وسط غياب الرقابة الحكومية عليهم. أكد عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي أن أزمة ارتفاع الاسعار ستظل طاحنة مع استمرار الغياب الأمني، مشيرين إلى أن التسعيرة الجبرية التي أعلنت عنها حكومة الانقلاب لن تفيد كثيراُ وستفشل وستفتح الباب لشبح "السوق السوداء". زيادة التكلفة تؤكد الدكتورة يمنى الحماقي - أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس - أن المتغيرات الاقتصادية والظروف التي تمر بها البلاد، تنعكس سلباً على أسعار السلع الغذائية، خاصة أن حالة الحظر والطوارئ أدت إلى زيادة تكلفة النقل ورفع الأسعار، منتقدة فرض التسعيرة الجبرية على المنتجات الاستهلاكية، مؤكده أنها تفتح الباب للسوق السوداء بشراسة في ظل تراجع الإنتاج المحلي ونقص المعروض من المنتجات. وأشارت "الحماقي" إلى أن من ضمن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى رفع الأسعار نقص الإنتاج وغلق بعض المصانع وزيادة معدلات التضخم في ظل تراجع الاحتياطي الأجنبي فضلاً على قيام التجار بتخزين البضائع لارتفاع أسعارها وبالتالى تحقق مكاسب كبيرة لهم. تضخم الطلب قال د. جهاد صبحي القطيط أستاذ الاقتصاد المساعد كلية التجارة جامعة الأزهر أن، أزمة ارتفاع الأسعار ترجع إلى تضخم الطلب وتضخم التكاليف، ويؤكد ذلك توقف آلاف المصانع التي ترتب عليها قلة الإنتاج مع زيادة الطلب، أيضا انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار ترتب عليه زيادة أسعار السلع الوسيطة المستخدمة في الإنتاج ما أدى إلى ارتفاع أسعار عناصر الإنتاج فارتفعت الأسعار. وأرجع "القطيط" الأزمة أيضاً إلى قيام الحكومة بطباعة نقود دون أن يقابلها إنتاج حيث تصبح كمية كبيرة من النقود تطارد كمية صغيرة من السلع والخدمات فترتفع الأسعار، مشيراً إلى انه طبقا للبنك المركزي فإن الأسعار ارتفعت بحوالي 14% وهذا تقدير منخفض لأن الواقع يثبت عكس ذلك، ولكي تستطيع الحكومة أن تحد من ارتفاع الأسعار يجب عليها أن توفر الاستقرار السياسي لأن عدم الاستقرار ترتب عليه هروب معظم الاستثمارات الأجنبية، وأتوقع ألا يحدث ذلك في الأجل القريب لسوء إدارة الحكومة المؤقتة للمرحلة الحالية. التلاعب بالأسعار وفي ذات السياق، أوضح د. أسامة عبد الخالق، الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية، أن ارتفاع أسعار الدولار هو السبب الرئيسى لزيادة الاسعار في السوق المحلى فضلاً على غياب الرقابة الحكومية بالكامل على الاسواق أدى إلى إتاحة الفرصة للمنتجين والتجار بالتلاعب بالاسعار على حساب المواطنين البسطاء. وشدد عبد الخالق على ضرورة تواجد الحكومة بالأسواق لضبط الاسعار وتواجد الرقابة ومباحث التموين لان عدم تواجد الأجهزة الرقابية بالأسواق يسمح للتجار بتحريك الاسعار والتلاعب بها وتخزين السلع لبيعها باسعار مرتفعة ، فالحكومة الحالية ينقصها التخطيط. وأوضح الخبير الاقتصادي أن إعلان الحكومة عن الحد الأدنى والأقصى للأجور سيزيد من ارتفاع الأسعار خلال الفترة القادمة، كذلك التسعيرة الجبرية ستفشل لأنها لا بد أن تعتمد على قوة العرض، وقوة العرض في السوق المصرية ما زالت ضعيفة وبالتالي سيصعب تنفيذها وستعمل على انتشار "السوق السوداء" وإذا نفذت سوف تنفذ لفترة معينه وعلى بعض السلع. تقييد الواردات الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار، رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، قال أن "أجر العامل البسيط لا يكفي لإطعام قطة، والاعتماد على الودائع الخارجية كارثة بكل المقاييس، ولابد من تقييد الواردات غير المهمة، سواء بالتوافق أو بالقرارات الإدارية، مشيراً إلى أن الرواتب متدنية للغاية للمواطن البسيط، بينما لدى القمم الإدارية والمستشارين فالرواتب مرتفعة". وأضاف: "يجب على الحكومة أن تعلن عن إجراءات صارمة لحماية المستهلكين وحماية المنافسة ومنع الاحتكار وضبط الأسعار حتى لا ينهب التجار والمستوردين أى زيادة فى الأجور من خلال زيادة الأسعار بلا سبب منطقي"