مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار: مصر رائد إقليمى فى مجال الطاقة الشمسية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية تعاملات اليوم الثلاثاء    مصر تشدد على خطورة التصعيد بالسودان وتأثيره السلبي على جهود وقف إطلاق النار    الخارجية الصينية: الحرب التجارية بدأتها أمريكا وإذا أرادت التفاوض " فبابنا مفتوح"    رحيل بيسيرو يكلف خزينة الزمالك 7 ملايين جنيه ومفاجأة حول الشرط الجزائي    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    ضبط 12 طن مصنعات ودواجن منتهية الصلاحية بالقليوبية    النيابة تأمر بإيداع 3 أطفال بدار إيواء بعد إصابة طفل بطلق ناري بكفر الشيخ    وزير السياحة يصدر قرارًا بدخول المتاحف مجانًا للمصريين 18 مايو الجاري    كامل الوزير: مصر منفتحة على التعاون مع مختلف دول العالم لتعميق التصنيع المحلي    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    توقيع بروتوكول بين جامعة حلوان وشركة التعاون للبترول    والدة جندي إسرائيلي أسير: نخشى توسيع العملية العسكرية في غزة    إعلام إسرائيلي: لم تتوفر أي معلومات استخباراتية عن الحوثيين قبل الحرب    ترامب يستضيف رئيس الوزراء الكندي الجديد كارني    إعلام جنوب الوادي تشارك في مؤتمر «الابتكار الإعلامي الرقمي وريادة الأعمال»    حبس وغرامة، عقوبة إيواء طالب اللجوء دون إخطار وفقا لقانون لجوء الأجانب    قبل مباراتي اليوم.. تعرف على جدول ترتيب الدوري المصري    تامر عبد الحميد: لابد من إقالة بيسيرو وطارق مصطفى يستحق قيادة الزمالك    رئيس البنك الأهلي: طارق مصطفى مستمر معنا.. وهدفنا المربع الذهبي    شوبير: الأهلي استقر على المدرب الجديد من ال 5 المرشحين    "هذه أحكام كرة القدم".. الجزيري يوجه رسالة لجماهير الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    تعرف على موعد امتحانات الترم الثاني 2025 لكل مرحلة في محافظة الجيزة    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    ارتفاع 3 درجات.. طقس المنيا وشمال الصعيد اليوم الثلاثاء 6 مايو    120 جنيهًا أنهت حياتها.. نقاش أمام الجنايات بتهمة قتل زوجته ضربًا حتى الموت    نشرة مرور "الفجر".. تكدس بحركة المرور في شوارع القاهرة والجيزة    انطلاق اجتماعات وزراء السياحة بمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصاديD8    تشييع جثمان الفنان نعيم عيسى من مسجد المنارة فى الإسكندرية ظهر اليوم    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    وزارة الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    علامات تلف طرمبة البنزين في السيارة: وديها لأقرب ميكانيكي    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    ياسمين رئيس: كنت مرعوبة خلال تصوير الفستان الأبيض لهذا السبب    سعد الصغير ل رضا البحراوي: «ياريتك اتوقفت من زمان»| فيديو    "لا علاقة لى".. ترامب ينأى بنفسه عن صورة يظهر فيها بزى بابا الفاتيكان    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    شعبة الخضار والفاكهة تعلن موعد هبوط أسعار فاكهة الصيف والخضراوات    "تمريض قناة السويس" تنظم ندوة حول مشتقات البلازما    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    وزير السياحة: دخول المصريين مجانا للمتاحف يوم 18 مايو الجاري باستثناء 3 متاحف    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    محافظ أسوان يترأس إجتماع المجلس الإقليمي للسكان بحضور نائب وزير الصحة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    انفجارات داخل كلية المدفعية في مدينة حلب شمال سوريا (فيديو)    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنظيم الحدود لا اغلاقها
نشر في الشعب يوم 05 - 01 - 2008


عبد الباري عطوان


حاولت السلطات المصرية اعادة اغلاق الحدود مع غزة الجمعة مثلما كان متوقعا، ليعود القطاع الي وضعه السابق كمركز اعتقال كبير لمليون ونصف المليون انسان دون كهرباء او غاز او دواء، ولأجل غير محدد.
الظاهرة الملفتة للنظر، والتي ربما غابت عن اذهان الكثيرين، ان هؤلاء الجياع المحاصرين عندما اندفعوا بمئات الآلاف بعد كسر بوابة سجنهم، لم يقدموا علي اي اعمال سلب او نهب للمحلات التجارية في الجانب الآخر من الحدود، رغم ظروفهم المعيشية الصعبة، وكمّ الاحباط الهائل داخلهم.
ابناء قطاع غزة تصرفوا بطريقة حضارية مسؤولة رغم انهم كانوا يعاملون بطريقة فجة قاسية وغير حضارية علي الاطلاق، ذهبوا الي المحلات المصرية ودفعوا اثمان البضائع التي اشتروها نقدا، رغم ان بعضها تضاعف ثلاث او اربع مرات بسبب الاقبال الشديد وقلة المعروض.
مدن كثيرة، عربية وأجنبية، بعضها في عواصم اوروبية متحضرة، شهدت اضطرابات مماثلة، وفلتانا امنيا، ولكن المتظاهرين لم يلتزموا بالقانون، ففي لوس انجليس نهبوا المحلات التجارية امام عدسات التلفزة، وفي ضواحي باريس جري احراق المحلات التجارية والسيارات رغم ان هؤلاء لم يكونوا محاصرين او مجوعين، ويعيشون في ظروف افضل بعشرات المرات من ظروف ابناء قطاع غزة والضفة الغربية.
التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو الحب الكبير الذي يكنه ابناء الشعب الفلسطيني لمصر، والحرص الذي يظهرونه في كل مناسبة علي اطيب العلاقات معها، باعتبارها القاطرة الحقيقية للأمة العربية، فهم ينظرون اليها كسند وشقيقة كبري، قدمت لهم، وللعرب الآخرين الكثير من الدعم والتضحيات، قبل ان يغير العصر البترولي الكثير من النفوس والمواقف والمعادلات الاقليمية.
ولا بد من التنبيه بان تصرف قوات الامن المصرية علي الحدود الذي اتسم بالمسؤولية وضبط النفس ايضا، ساهم بشكل اساسي في ان يأتي مهرجان الكرامة الغزاوي بالطريقة الحضارية التي رأيناها عبر شاشات التلفزة، ورآها العالم بأسره ايضا.
المأمول ان تظل هذه الصورة الناصعة علي حالها دون اي خدوش، فالانباء الواردة من الحدود المصرية الفلسطينية توحي بوجود حالة من التوتر تتصاعد تدريجيا بعد اقدام السلطات المصرية علي اغلاق المعابر، وحدوث اشتباكات مؤسفة بين بعض الراغبين في اجتياز الحدود وقوات الأمن التي تحاول منعهم، وفتح البعض الآخر فجوات جديدة في الجدار الفاصل في تحد مباشر للقرار المصري المذكور.
ہپہپہ
اعادة تنظيم المرور في المعبر الحدودي، ووضع حد لحال الفوضي التي نشأت بعد اقتحامه امر مشروع لا جدال حوله، ولكن السلطات المصرية اخطأت عندما اوحت بان الاغلاق نهائي، وان الاوضاع ستعود الي ما كانت عليه قبل الاقتحام، اي اعادة ابناء القطاع الي قفص الحصار مجددا، يواجهون الموت جوعا او مرضا او قتلا في الغارات الاسرائيلية المكثفة او الثلاثة معا.
ندرك جيدا ان الحكومة المصرية تتعرض لضغوط امريكية واسرائيلية متعاظمة لإحكام اغلاق الحدود، ووضع حد، وبسرعة، لمساحة الحرية التي انتزعها سكان القطاع في سابقة تاريخية، ولكن التجاوب مع هذه الضغوط يجب ان لا يكون مجانيا، ودون شروط.
بمعني آخر نقول ان امام حكومة مصر فرصة تاريخية لتصحيح الوضع الخاطئ وغير المقبول علي معبر رفح، من خلال اقناع واشنطن بتعديل الاتفاق الخاص بالعبور الفلسطيني، بحيث لا يكون الفيتو الاسرائيلي هو الآمر الناهي، وصاحب الكلمة الاخيرة في شأن عربي خالص.
الادارة الامريكية ارتكبت خطيئة كبري عندما ايدت العقوبات الجماعية التي فرضتها اسرائيل علي ابناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، ثم ارتكبت خطيئة اكبر عندما اعتقدت ان هذه العقوبات المحرمة دوليا، يمكن ان تعطي ثمارها في تأليب الشعب الفلسطيني ضد حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، وانهاء سيطرتها الحالية علي قطاع غزة.
حركة حماس خرجت الكاسب الاكبر من تطورات الايام الثلاثة الماضية، وأثبتت انها لم تفشل في ادارة شؤون القطاع مثلما قال المتحدثون باسم السلطة في رام الله، بل ان المخططات الاسرائيلية هي التي منيت بالفشل، فالذين تدفقوا علي الجدار الفاصل علي الحدود المصرية لتحطيمه واختراقه، وتنسم عبير الحرية، لم يكونوا من انصار حماس فقط، وانما من انصار حركة فتح ايضا.
ہپہپہ
اسرائيل ضاعفت من شعبية حماس بدلا من تقليصها، ليس في قطاع غزة فقط وانما في الضفة الغربية ايضا ولو الي ما بعد حين، وهذه الشعبية تأتي حتما علي حساب سلطة الرئيس عباس في مدينة رام الله المدعومة امريكيا واسرائيليا ومن قبل بعض الأنظمة العربية المعتدلة.
ففي الوقت الذي يفجر فيه المسلحون التابعون لفصائل المقاومة في غزة الجدار الحدودي، ويكسرون الحصار بطريقة شجاعة وجريئة، يتوجه موكب السيد محمود عباس الي القدس المحتلة، متوقفا امام حواجز الذل العسكرية الاسرائيلية، حيث يتراكم المئات من ابناء الضفة الصابرين المحبطين، للقاء ايهود اولمرت، وايهود باراك في مفاوضات عبثية مهينة، ولبحث كيفية تطويق انتصار فصائل المقاومة هذه في قطاع غزة وإفراغه من مضمونه.
اعادة ابناء قطاع غزة الي القفص مجددا وحرمانهم من ابسط مقومات الحياة الكريمة، قد يؤديان الي نتائج وخيمة. ليس علي الاسرائيليين فقط، وانما علي النظام العربي الحالي برمته، فحجم التعاطف العربي غير المسبوق مع محنة هؤلاء الذي ظهر من خلال التظاهرات الصاخبة في مختلف المدن والعواصم، يؤكد ان هذه المحنة، اذا ما استمرت، بالصورة السابقة، قد تصبح المفجر لبركان الاحباط العربي المتضخم.
الرئيس حسني مبارك الذي قال انه لن يسمح بتجويع اهل غزة مطالب بأن يحول اقواله هذه الي افعال وبأسرع وقت ممكن، والزعامات العربية التي تقيم علاقات وثيقة مع واشنطن وتلبي جميع طلباتها وتشارك في كل حروبها، وتخفض اسعار النفط من اجل انقاذ اقتصادها من الانهيار، مطالبة ايضا بالتحرك، ليس لرفع الحصار عن قطاع غزة فقط، وانما لفرض مبادرة سلامها علي الطرف الاسرائيلي دون اي تعديل.
ہپہپہ
الرأي العام العربي بدأ يستعيد قواه، ويدخل مرحلة من الصحوة الوطنية رأينا ارهاصاتها بجلاء في شوارع العديد من العواصم، وعبر شاشات التلفزة التي رصدت ردود فعله تجاه احداث غزة الاخيرة. وترتكب اسرائيل والولايات المتحدة ومعها الانظمة العربية حماقة كبيرة، وقصر نظر اكبر، اذا ما استمرت في تجاهل هذه الحقيقة الدامغة.
اطفال غزة كسبوا المعركة الاعلامية بشموعهم التي اشعلوها في تحد للظلام الذي فرضته عليهم قوة الجبروت والطغيان الاسرائيلية، واستطاعوا ان يكسبوا تعاطف الرأي العام العالمي، الي جانب كسبهم لكل الاقلام والعدسات الحرة الشريفة في كل عواصم المعمورة. واسرائيل خسرت تسليم بعض الدول بحقها في حماية مواطنيها من صواريخ بالغت في تضخيم اضرارها، عندما مارست اساليب ووسائل ثبت عدم جدواها في غزة، مثلما ثبت عدم جدواها قبل ذلك في لبنان، حيث لم ينفعها العزل السياسي ولا الحصار الاقتصادي ولا التوغلات والغارات الجوية. واصبحت سمعتها اكثر سوءاً من اي وقت مضي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.