اعترف قيادات الدعوة السلفية بتراجع شعبية الدعوة فى الشارع، خلال الفترة الأخيرة، وأرجعوا ذلك بتقصيرهم الدعوى والاجتماعى لحساب العمل السياسى، ما أثر على التصويت فى الاستفتاء على الدستور خلال المرحلة الأولى، التى جرت السبت الماضى، وذلك بعد أسابيع من اعتراف جماعة الإخوان المسلمين بتراجع شعبيتها. وقال عصام حسنين، القيادى السلفى بالإسكندرية، إن التقصير الدعوى، وقلة التواصل وضعف الدعوة المجتمعية للتيار السلفى والبُعد عن الناس فى الشهور الماضية غيَّر بعض الشىء الموازين بالشارع، مطالباً القوى السلفية بالوجود بكل بيت وقرية وقهوة واستعادة القوة السلفية مرة أخرى، كمحاولة لتغيير قناعات كثيرة لدى الناس قبعت فى أذهانهم خلال الفترة الماضية. وأرجع الدكتور كامل عبدالجواد، منسق مجلس إدارة الدعوة السلفية بالجيزة، تراجع وضع التيار السلفى فى الشارع إلى الاهتمام بالجانب السياسى وعدم مسايرة الخطاب الجماهيرى السلفى لمجريات الأمور التى تحدث فى البلاد، وقال: بعض الدعاة السلفيين يخاطبون الجماهير سياسياً بالخطاب الدعوى ولا يفرقون بين الخطابين . وأكد الدكتور ياسر عبدالتواب، المفكر الإسلامى ومدير المكتب الإعلامى لحزب النور، أن تراجع شعبية الدعوة السلفية سببه الاهتمام بالعمل السياسى وتجاهل العمل الدعوى والاجتماعى الذى كان يميز الدعوة السلفية قبل ثورة 25 يناير. وأضاف : هذا الاعتراف هو من باب لوم الذات، وأرى ضرورة العودة للاهتمام بالعمل الدعوى مجدداً، وبذل الجهد الأكبر فيه، فالحشد الذى حصلت عليه الدعوة السلفية وحزب النور السياسى كان نتيجة العمل الدعوى وليس السياسى . وقال الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامى والقيادى بالجماعة الإسلامية: إن دخول شيوخ السلفيين فى العمل السياسى قلل من حصصهم الدعوية، فالناس تحب الداعية أكثر من السياسى؛ لأن الداعية يقول ربى ربى والسياسى يقول نفسى نفسى، والداعى يربط الناس بالله والسياسى يربط الناس بنفسه، والمصرى البسيط لديه ترمومتر يفرق به بين من يدعو لله ولنفسه . وأضاف هناك فرق بين فقه الدعوة والدولة، فعندما تنتقل من الأول للثانى لن يكفيك التقوى فقط بل عليك أن توفر لعموم الناس صحة جيدة وتعليماً متميزاً ومشاركة مجتمعية وتأميناً صحياً وأمناً قوياً وهو غير موجود بمصر، فإذا لم توفر ذلك فرصيدك المجتمعى والسياسى يتحول لصفر ويقول الناس إنك لم تحقق أى شىء . وتابع إبراهيم: السبب الثالث لهذا التراجع أن الكثير من الدعاة عندما تحولوا من الدعوة للسياسة لم يقدموا فى السياسة أى شىء يذكر للناس ففقدوا الاثنين؛ لأن كل الخدمات والأمن فى حالة انهيار ورجل الشارع لا يجد أثراً يذكر، كذلك ظهور نظرية الداعية الإعلامى السياسى الحزبى الاقتصادى فى آن واحد، فهو يريد كل شىء ومنصباً بالدولة ولا يحسن أى شىء، فمن أراد الكل فَقد الكل، وعدم الاهتمام بالعدالة الاجتماعية وتقديم الانقسام الأيديولوجى والفكرى عليها لن تجدى؛ لأن المصرى لن يأكل أيديولوجيا وفكراً، وإنما يريد حياة سهلة .