الدقهلية: هاله العوضي تقدم أحد المواطنين أثناء اللقاء الجماهيري بحسام الدين إمام محافظ الدقهلية بشكوى ضد مصنع الراتنجات للصناعات الكيماوية، تضمنت شكوى المواطن التأكيد على قيام المصنع بتلويث البيئة وأن له مخالفات وتم غلقه أكثر من مرة وعاد للعمل مرات متتالية، فرد المحافظ مندهشا: "أنا أول مرة اسمع إن مصنع الراتنجات عامل مشاكل؟!! محدش قاللى؟!!" عام ونصف على ولاية المحافظ ولا يعلم شىء عن مخالفات الراتنجات (؟!!) المهم أنه أمر بتشكيل لجنة من البيئة والصحة والأمن الصناعي وغيرها من الجهات المعنية لإعداد تقرير يكون على مكتبه خلال 48 ساعة ، كما أمر وائل علام وكيل وزارة القوى العاملة بأن يترك اللقاء الجماهيري فورا مؤكدا له وللحضور "لو المصنع ده مخالف يتقفل، لو هو مين!!"، فيرد وكيل وزارة القوى العاملة: "يا فندم ورقنا سليم .. أنا عندي له محاضر كتير"، فيسأله المحافظ: "ومتقفلشى ليه يا وائل؟!"، فيرد علام: "لأنه بيوفق أوضاعه يا فندم .. ولما بيرجع يغلط بنحرر محاضر وبنغلق، احنا قفلناه 3 مرات قبل كده يا فندم وكله مثبت يافندم"، فيتوعده المحافظ قائلا: "شكلك هتطير فيها يا وائل!!"، فيرد علام بنفاذ صبر: "يا فندم أنا لما بشدد عليهم حضرتك بتقولى ما تحاربش المستثمر يا وائل"!! هذا ما دار فى اللقاء الجماهيري بين المواطن الشاكي ومحافظ الدقهلية، وبين الأخير ووكيل وزارة القوى العاملة.. مما أثار شهية "النهار" الصحفية لمعرفة أصل الحكاية وأبعادها الكارثية على البيئة وصحة الإنسان بالدقهلية، فكان هذا التحقيق: أنشئت "شركة المنصورة للراتنجات والصناعات الكيماوية" عام 1963 تحت اسم "النصر لصناعة الخشب الحبيبي والراتنجات" علي مساحة 18 فدان، وبعد خصخصتها عام 1997 تم تصفية صناعة "الخشب الحبيبي" فيها من قبل المستثمر الهندي بدعوي أنه يخسر والإبقاء علي صناعة الراتنجات. و"الراتنجات" عبارة عن سائل كثيف لاصق يُنتج كيماوياً ويستعمل كمثبّت ودوره الأساسي هو تشكيل الغشاء وله قدرة على الانتقال بالغشاء من حالة اللزوجة السائلة إلى الحالة البلاستيكية الصلبة نوعاً ما. وبعد قصر المصنع على إنتاج الراتنجات من قبل المستثمر الهندي "كابيل اجروال" قام ببيع جزء كبير من الأرض المقامة عليها الشركة لجهات وأفراد لإنشاء مباني سكنية بالمخالفة لعقود البيع مع الحكومة إلا أن أي مسئول لم يتحرك في سبيل تقصى الأمر ومراجعة المستثمر ومحاسبته. حول المستثمر الجزء الباقي من الشركة لإنتاج الراتنجات والصناعات الكيماوية فقط (الفوراملين/ فورم بوريا/ نوفلاك/ راتنج الفيوواران/ راتنج الفينول/ كيماويات الكبس/ الحقن/ الشالكو/ هوت بوكس/ رمال مغلقة/ ريزينا سائلة وجافة/ يوريا فورمالدهيد) بالإضافة إلى (الفينول فورمالدهيد) وكلها مواد كيماوية حظرت كثير من دول العالم إنتاجها لخطورتها على البيئة وصحة المواطنين، وما حدث بالشركة من تحولات على يد المستثمر الهندي جعلها بما تنتجه مصدرا خطيرا لمشكلات البيئية وذلك نتيجة منتظرة لقيام الشركة بصرف مخالفاتها الصناعية السائلة بمصرف المنصورة والذي يصب في النهاية ببحيرة المنزلة أحد أهم مصادر الأسماك التى يأكلها المواطنون فى مصر ومنطقة الدلتا بصورة خاصة. ومن المعروف علميا أن الأسماك تتراكم فيها مثل تلك المخلفات الضارة كما يمثل خطورة صحية كبيرة على الإنسان وخاصة أكسجين الكيمائي الممتص"COD" والأكسجين الحيوي الممتص "BOD5" إضافة إلى المواد العالقة الكلية والزيوت والشحوم، والأخطر من هذا كله مادة "الفينول، الفورمالدهيد" ذات التأثير والمخاطر العالية التي يقوم المصنع بصرفها في المجرى المائي للمصرف الصناعي دون معالجة، علما بأن الدراسات العلمية التي قامت بها الجمعية الأمريكية لمرضى السرطان قد أثبتت أن مادة الفينول والمعروفة ب"قطران الفحم" هي من بين أسوأ أنواع المواد المسببة للسرطان، وقد أصدرت الجمعية كتيبا يوضح مخاطر الإصابة بسرطان الجلد عند ملامسة الفينول ومادة الفينزي والأكسجين الكيمائي والحيوي وباقي الأسمدة الكيماوية الضارة وكل هذه المخالفات تصب في بحيرة المنزلة وبعد فترة قامت الشركة بإنشاء محطة معالجة للمياه بتمويل قدره 265 ألف يورو من بنك التعمير الألماني عن طريق صندوق حماية البيئة التابع لوزارة شئون البيئة، وافتتح وزير البيئة ومحافظ الدقهلية في ذلك الوقت محطة المعالجة للمخلفات السائلة والصناعية الضارة صحيا، وللأسف لم تلتزم الشركة بتشغيل المحطة لتوفير الطاقة غير عابئة بالأضرار التي تصيب المجتمع من جراء هذه المخالفات. وحمل آخر التقارير الثلاثة المشار إليها سابقا، والصادر من قبل اللجنة الفنية لترخيص الأنشطة الاستثمارية بتاريخ 26/4/2016 حيث قامت اللجنة الفنية التابعة للجنة العليا لترخيص النشاط الاستثماري بعمل معاينه لشركة المنصورة للراتنجات بسندوب وذلك للنظر في ملف طلب تعديل رخصة النشاط الصناعي لزيادة القوى المحركة من 277 حصان وهى القوى المحركة التي تعمل بها الشركة حاليا في رخصة النشاط الصناعي القديمة بالمخالفة الواقع الذي يتعدى أكثر من خمسة آلاف حصان ولكنه للتدليس الذي دائما ما تمارسه الإدارة الهندية للشركة ويسهله لهم معاونيهم فى الوزارات المختلفة (على حد قول اللجنة الشعبية لمكافحة الفساد بالدقهلية في بيان لها يقول:) ومن ضمن التدليس أن تحرك اللجنة جاء بناء على طب التعديل في مشروع تجديد وإحلال مصنع "الفورمالين ومشتقاته والراتنجات" .. حتى يظهر للجنة أنه وحده إنتاجية واحدة وليست عدة وحدات تعمل حاليا بدون رخصة نشاط صناعي، وأن هذا الوحدات صدر لها أكثر من قرار غلق لخطورتها الداهمة على العمال والمترددين على الشركة والقرى المجاورة لها . وانتهت اللجنة الفنية التابعة للجنة العليا لترخيص النشاط الاستثماري والتي اجتمعت بكامل أعضائها طبقا للقرار 196 لسنة 2016 بحضور ممثلي مديرية الإسكان وإدارة شئون البيئة بالمحافظة والقوى العاملة ووزارة الصناعة والكهرباء والحماية المدنية ومدير قسم التراخيص بمدرية الإسكان بوجود أكثر من 31 مخالفة صريحة للبيئة وشروط السلامة والصحة المهنية وللأسف كعادة كل اللجان تمنح الشركة مهله 4 شهور تضاف إلى المهلة الكبيرة والتي امتدت لسنوات بدأت منذ 2009 وحتى تاريخه تنتهي في نهاية أغسطس القادم دون اتخاذ إجراء قانوني واحد ضد الشركة والغريب في الأمر هو استبعاد محافظ الدقهلية لجهاز شئون البيئة من عضوية هذه اللجنة وبالمخالفة للقانون؟!! وتناول بيان اللجنة الشعبية لمكافحة الفساد بالدقهلية مضمون التقرير الثاني الصادر في 16/6/2015 والذي أخطر جهاز شئون البيئة سكرتير عام محافظة الدقهلية بأنه تشكلت لجان من أجهزة التفتيش البيئي على المنشئات لإجراء المعاينة والفحص والتحقيق من مدى الالتزام بالمعايير البيئية وقد انتهت أعمال اللجنة والفحص إلى ثبوت عدة مخالفات لأحكام القانون 9 لسنة 2009 الصادر في شان البيئة كما تبين وجود بعض المخالفات البيئية على النحو المبين وهى أن شركة المنصورة للراتنجات والصناعات الكيماوية والتي يرأس مجلس إداراتها "كابيل اجروال" والمدير المسؤل "رستم والى" على مخالفة أحكام القانون لإدارة منشأه بدون ترخيص مخالفة أحكام القانون رقم 93 لسنة 1962 والقرار 44 لسنة 2000 لاستخدام الحمأة الناتجة من الصرف في المزروعات بدون إتباع الإجراءات والمعايير الخاصة بالحماية البيئية والصحية أو الموافقة البيئية مخالفة أحكام المادة 28 من القانون والمادة 29 من اللائحة التنفيذية وذلك لعدم تجديد ترخيص مخازن المخلفات الخطرة وكذلك مخزن المواد الخطرة حيث الاطلاع على ترخيص رقم 299 ينتهي في 8/8/2014 ، مخالفة أحكام المادة 32 من القانون للتخلص من المخلفات الخطرة خارج نطاق وحدود المنطقة الحرة حيث تم الاطلاع على صوره ضوئية بقرار رقم 345 بتاريخ 3/1/2012 بوقف إصدار الموافقات الصناعية وشهادات القيد بالسجل الصناعي للمشروعات الصناعية التي تعمل بنظام المنطقة الحرة ... وانتهى الخطاب بمنح الشركة مهله 60 يوما يضاف لعشرات المهل السابقة والتي بدأت منذ هدم الإدارة الهندية لنظم المعالجة الكيميائية في 2009 والتي أكدته تقرير هيئة الرقابة الإدارية في حينه بهدم الإدارة الهندية لنظم المعالجة الكيميائية لمياه الصرف الصناعي . وجاء أيضا مع المهلة (60 يوما) يكون لجهاز شئون البيئة بعد إخطار الجهة الإدارية المختصة حق اتخاذ إجراءات وقف النشاط أو غلق النشاط المخالف لحين إزالة آثار المخالفة .. وأكد الحطاب المؤرخ في 1/7/2015 على حق جهاز شئون البيئة فى الاحتفاظ بالتعويضات والغرامات اللازمة لإزالة مسببات الضرر ، أعقب هذا الخطاب قرار لجنة التعويضات البيئية بوزارة البيئة والمعتمد من رئيس جهاز شئون البيئة المهندس أحمد أبو السعود بتقدير قيمة الأضرار البيئية لشركة المنصورة للراتنجات لتجاوزها الحدود المسموح بها فى القانون رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بقانون رقم 9 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية بإجمالي مبلغ مليون وخمسمائة وتسعون ألفا موزعة حيث تم تقدير (قيمة الأضرار الناتجة عن الصرف الصناعي المخالف على المصب النهائي بمبلغ 810 ألف جنيه)، وقيمة (الأضرار داخل وحدة إنتاج الفورمالين على بيئة العمل 180 ألف جنيه)، وقيمة (الأضرار بمنطقة تعبئة الفورمالين والفورم يوريا الملوثة لبيئة العمل بمبلغ 180 ألف جنيه) وكذلك المخازن وقسم الغراء وقسم إذابة النوفلاك ولكن الغريب في الأمر ورغم صدور قرار لجنة التعويضات والمعتمد فى سبتمبر 2015 أنه لم يتم تنفيذه أو تحصيل مبلغ الغرامة حتى تاريخه كل هذا خلال 16 شهرا فترة ولاية السيد محافظ الدقهلية الحالى ثلاثة من التقارير الخطيرة تؤكد بان شركة المنصورة للراتنجات تعمل بدون رخصة نشاط صناعي وبالمخالفة للقانون وأنها تخالف قانون البيئة والعمل لمخالفة اشتراطات السلامة والصحة المهنية وكل هذا يمثل خطرا داهما على العمال والمترددين على الشركة والقرى المجاورة لها. وكل ما تناولته "النهار" هنا خلال العام الحالى فقط!! لم نتحدث عن مخالفات الشركة على مدار العشر سنوات الماضية!! والتى يعرفها القاصي والداني ويتجاهلها كبار المسئولين فى الدولة باسم "تشجيع الاستثمار"!! فهل نشجع الاستثمار على حساب تدمير البيئة والصحة العامة للمواطن المصري؟!! هل نشجع الاستثمار على حساب تخريب مواردنا الطبيعية وتخريب اقتصاد مصر بمنح شركة مخالفه لكل القوانين إعفاءات من الضرائب والجمارك على مستلزمات الإنتاج من الخامات المستوردة؟!! إلى متى يتم منح الشركة مهله لأكثر من عشر سنوات لتوفيق أوضاعها التي لا توفقها طبقا لقوانين العمل والبيئة والإدارة المحلية والاستثمار ومع ذلك تصر على مخالفة كل القوانين دون رادع ، فى نفس الوقت الذي لم يجد فيه العمال الذين استغنت عنهم الشركة من يحنو عليهم أو يعطهم مهله رغم عدم مخالفتهم للوائح أو القوانين؟!! وأنقل عن أحد العاملين المفصولين بالشركة قوله: "أن الشركة قد طبقت عليهم نظام المعاش المبكر مقابل تعويض مالي ضعيف للغاية، وتم عن طريق هذا النظام تخفيض العمالة بالشركة من ألف عامل إلي حوالي450 عامل!!". ثلاث تقارير ضد شركة المنصورة للراتنجات تزلزل شعار "مكافحة الفساد" الذي رفعه محافظ الدقهلية خلال عام ولايته الأول محافظا للدقهلية، والسؤال الآن: "ترى إلى متى تظل شركة "المنصورة للراتنجات" تنفث سمومها إلى أجساد المصريين دون رادع؟! وإلى متى سيتجاهل المسئولون بالدقهلية كارثية الموقف؟! وأين المسئولون عن الوزارات المعنية بالأمر عن المشهد ؟!! أسئلة مريرة تضعها "النهار" بين يدي شريف إسماعيل رئيس الوزراء ليغسل يديه من قبل أن يصل إلى جسده مع من وصل إليهم مسموما من المواطنين المصريين.