17شهيدًا و13 مصابًا، وتدمير كمائن عدة، بالإضافة إلى محاصرة أكثر من قسم شرطة، من قبل تنظيم "ولاية سيناء"، كانت هذه أبرز الأرقام التى سجلتها خسائر القوات المسلحة والشرطة، نتيجة الأحداث الإرهابية التى وقعت فى سيناء قبل بضعة أيام، وعلى الرغم من نجاحهم فى الرد على تلك العمليات وإسقاط أكثر من 100 إرهابى وتدمير ما يقرب من 20 سيارة، إلا أنّ الوضع مازال غير مستقرًا ويتوقع البعض حدوث عمليات مشابهة خلال الفترة المقبلة. كما أنّ تلك الأحداث أثبتت أنّ هناك غيابا للتعاون بين الشعب والقوات الأمنية والعسكرية فى سيناء، المحافظة الأكثر سخونة وأحداث منذ سقوط جماعة "الإخوان المسلمين"، وقصور فى القاعدة المعلوماتية لدى قوات الأمن هناك، ما ترتب عليه وقوع أخطر العمليات الإرهابية داخل الأراضى المصرية منذ سنوات، وذلك وفقًا لما أكده الخبراء الإستراتيجيون والعسكريون خلال تصريحاتهم لجريدة "النهار". فى البداية، أكد اللواء طلعت مسلم، قائد اللواء 18 مشاة خلال حرب أكتوبر عام 1973، أن هناك تقصيرًا من المنظومة الأمنية والشعبية فى سيناء، لذلك حدث خلل واضح خلال الأيام القليلة الماضية، والذى نتج عنه استشهاد العشرات من أفراد القوات المسلحة، وقال: يجب وجود تعاون بين الشعب والشرطة والجيش، ولكن حتى الآن التعاون الشعبى غير كافٍ، فلو كان هناك تعاون لعلمنا بالعمليات التى يدبرها أفراد التنظيم قبل حدوثها . وأضاف الخبير العسكري: "يجب أنّ نعيد التنظيم وندرس العمليات بشكل جيد، كما أنه يجب علينا إعادة الخطط ودراستها بشكل متأن، ووضع خطة كاملة لمعرفة أماكن تواجد العناصر الإرهابية وسرعة التعامل معهم؛ لتجنب تكرار العمليات الإرهابية، بالإضافة إلى ضرورة وجود حراسة جوية للأقسام والأكمنة فى سيناء، حتى تتمكن القوات المسلحة من السيطرة على العمليات الإرهابية وصدها قبل حدوثها، وتعقبها فى حال الهرب. وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أنه لا يستبعد مساعدة دول معينة للعناصر الإرهابية، وقال: "توقيت العملية والتخطيط له والتزويد يؤكد تورط عناصر استخبارتية لدول معينة، فأى عملية كبرى كالتى حدثت سنجد فيها عناصر متورطة من دول عدة، مثل أمريكا، إيران، قطر وتركيا، إذ إنّ تنفيذ الهجمات هو تنفيذ خاص بعسكريين محترفين تدربوا جيدًا على تنفيذ مثل هذه العمليات وخرجوا من أماكن غير معروفة وغير معلومة للجهات الأمنية، فنحن أمام حرب مدعمة إقليميًا ودوليًا، وما حدث يؤكد تمويل هذه القوى للإرهابيين فى سيناء بأحدث الأسلحة". وفى الوقت ذاته، رفض مسلم، الحديث عن زيادة أعداد الجيش بشكل مبالغ فيه فى محافظة سيناء، مبررًا ذلك بعدم استعدادنا إلى الدخول فى حرب مع إسرائيل، وقال: "يجب مواجهة ما يحدث بزيادة الحراسات على الأقسام والكمائن بشكل مقبول، ولكننا لا نستطيع الدفع بمزيد من أفراد الجيش فى سيناء، وذلك وفقًا لمعاهدة كامب ديفيد، خاصًة أننا غير مستعدين لدخول حرب مع إسرائيل فى الوقت الحالي، فكفى علينا حربًا واحدة ضد الإرهاب". قائد اللواء 18 مشاة خلال حرب أكتوبر عام 1973، تابع تصريحاته الخاصة، قائلًا: "ستكون هناك إجراءات لتسوية الأمور؛ وتأمين الحدود بشكل جيد بين الشرق والشيخ زويد، ويجب أنّ يتم التفتيش ويكون ذلك على أعلى مستوى"، وعن احتمالية تنفيذ عمليات أخرى خلال الفترة المقبلة، قال: "أعتقد أنّ هناك ضربة قوية، فمحاولة التكرار واردة بشدة، خاصًة أنّ الجماعات الإرهابية غاضبة الآن، وأصبحت تستهدف كل ما هو متاح أمامها، ولكن مسألة نجاح عملياتها من فشلها فى أيدينا، لذلك يجب التأمين الجيد وإعادة التنظيم ". ومن جانبه، طالب اللواء جمال مظلوم، الخبير الإستراتيجى والعسكري، بضرورة اليقظة وزيادة الكمائن والأفراد فى سيناء، وأضاف: "القوات المسلحة بالفعل قامت بتدعيم المواقع وراجعت التسليح، ولكن يجب فرض إجراءات صارمة؛ وأنّ يكون التفتيش على أعلى مستوى، خاصًة أنّ العناصر الإرهابية متواجدة بكثافة وسط الناس فى العريش ورفح والشيخ زويد، لذلك يصعب السيطرة عليهم أو القضاء عليهم بنسبة 100%. وتابع الخبير الإستراتيجي: "كل منزل فى سيناء ورفح والشيخ زويد به إرهابيون، إذ إنه لا يوجد منزل يخلو من إخوانى سواء أبا أو ابنا؛ وبالتالى لا يتم التبليغ عنه، ما يترتب عليه حدوث عمليات إرهابية وتفجيرات، بالإضافة إلى أنّ هناك عملاء متواجدين فى وسط المنازل الموجودة فى العريش والشيخ زويد والمنطقة، لذا يجب إعادة النظر لتوزيع جميع الأجهزة الأمنية و الكمائن فى المناطق المختلفة فى سيناء، من حيث نقل أقسام الشرطة خارج المنطقة السكنية، خاصًة أنّ تواجد قسم الشرطة وسط المنازل يُشكل خطرًا كبيرًا". وتوقع مظلوم، فى ختام تصريحاته الخاصة، سعى الجماعات الإرهابية لإحداث قلق خلال الفترة المقبلة، وقال: "الأمر لم ينته بعد، فالجماعات الإرهابية ستسعى للانتقام مما حدث لهم، بعدما تم تصفية العديد منهم فى ضربات متتالية للقوات المسلحة، فبالتأكيد سيكون لهم رد فعل للتأكيد على أنهم موجودون ومتواجدون". فيما وصف الخبير الإستراتيجى الدكتور سعد الزنط، العملية الإرهابية الأخيرة فى سيناء بأنها أكبر وأخطر العمليات التى تمت على الأراضى المصرية خلال السنوات الأخيرة، وتابع حديثه قائلًا: "تلك العملية نوعية احتوت على عدد كبير جدًا من الإرهابيين؛ وكان بها تسليح متنوع، من حيث الاستعمال (خفيف ومتوسط)؛ ومن حيث التصنيف (برى وبر جو)، كما أنها اشترك فيها عناصر أجنبية؛ واحتمال أنّ يكون المخطط والداعم الأكبر لها أجهزة أمنية محترفة لدول بالمنطقة ووجدت تأييدًا من دول أكبر ليست فى المنطقة". مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية قال : "الهدف النهائى من العملية الإرهابية كان خطيرًا أيضًا، حيث تمثل فى السيطرة على منطقة شمال سيناء وإعلانها ولاية إسلامية تكون الشيخ زويد هى قاعدتها، ولكن القوات المسلحة تمكنت بحرفيتها العالية من امتصاص الموجات الأولى للهجوم الغادر على جميع الأكمنة المستهدفة ثم فرضت سيطرتها الكاملة وانتهى الأمر بنجاح ساحق". وأوضح الزنط، أنّ ما تقوم به القوات المسلحة ورجال الأمن، يُعد عملًا جيدًا، ولكن هذه العملية كشفت أنّ هناك نقصًا فى المعلومات، على الرغم من أنّ الدولة قامت بتغيير رؤساء أجهزة المعلومات الأمنية خلال الأشهر الماضية؛ وأعلنت دعمها الكامل لهم، بهدف رفع كفاءتهم، وتابع قائلًا: "بالإضافة إلى نقص المعلومات، يجب إعادة هندسة علاقتنا بدول الجوار أو ما يُسمى بالمجال الحيوى للأمن القومى المصري، وسبق وطلبنا من أكثر من عامين بضرورة تنفيذ مصر لعمليات أمنية وليست عسكرية فى غزة وتطهيرها من قيادات الإرهاب وتسليمهم إلى السلطة الشرعية، وطالبنا بعمل نفس الشيء فى ليبيا والسودان، ولو تم ذلك لكانت التكلفة أقل والنتائج أكثر إيجابية". الخبير الإستراتيجي، أضاف: "الأمر الآخر الهام، ضرورة تحمل كافة وزارا ت ومؤسسات الدولة والشعب لمسئوليته من منطلق أننا فى معركة وجود، خاصًة مؤسسات القضاء المطالبة بأنّ تتحول إلى قضاء ناجز، واعتقد بعد تعديل قانون الإجراءات القانونية ليس هناك ما يعوق الإعلام وخطورة الوعى بضرورة عدم الاستئثار من جانب بعض الإعلاميين، الذين لا يعملون بإخلاص مع الوطن". وانتقد الزنط، منظمات المجتمع المدني، وقال: "هذه المنظمات خفت صوتها مع هذه الأحداث، وأعتقد أنّ الدولة تعى تمامًا أنّ هذه العمليات التى تتم فى سيناء لا تنفصل عن العمليات التى تتم فى الداخل، فالهدف واحد وهو إرباك الدولة أمنيًا وإرهاقها اقتصاديًا وتشويه سمعتها أمام الرأى العام الداخلى والخارجي، ومن هنا ننبه إلى أنّ العملية الأخيرة بحجمها وخطورتها وداعميها تُعد لحظة إنذار كبيرة يجب الانتباه إليها، والتى تُشير إلى أنها ربما لا تكون العملية الأخيرة على هذا المستوى." أما اللواء حسام سويلم، مساعد وزير الدفاع الأسبق والخبير الإستراتيجي، فأكد على ضرورة حدوث أمرين لتجنب تكرار مثل تلك العمليات خلال الفترة المقبلة، وقال: "أولًا، يجب أنّ نخلى الشيخ زويد من جميع السكان وتهجيرهم إلى غرب العريش، كما حدث مع أهالى السويس وبورسعيد والإسماعيلية فى السابق، وأى شخص يتحرك فى المنطقة بخلاف الجيش يتم ضربه على الفور". وأضاف مساعد وزير الدفاع الأسبق: "ثانيًا، منع الأنفاق فى غزة بشكل نهائي، فالإرهابيون المتواجدون فى سيناء قادمون من الأنفاق، ونحن لا نهدمها بل كل ما نقوم به هو إغلاق المخارج فقط، وبالتالى يتم فتح مخارج أخرى والدخول إلى أراضينا بسهولة، يجب ضرب الأنفاق وتدميرها بالكامل؛ وعمل ممر مائى متاخم للشريط الحدودى طوله 14 كيلو مترا بعمق 12 مترا، وغمره بالمياه لتدمير الأنفاق الموجودة، وأرى أنه من الضرورة تطبيق هاتين النقطتين فى القريب العاجل، لضمان عدم تكرار هذه العمليات والقضاء على الجماعات الإرهابية".