كتبت : هاله عبد اللطيف- علي رجبكشفت الأوضاع الاقتصادية التي تمر البلاد بعد ثورة 25 يناير عن وقوف مصر علي حافة الإفلاس الاقتصادي ورغم نجاح ثورة 25 يناير في تحقيق أهدافها السياسية إلا أنها فشلت في تحقيقها اقتصاديًا ، ووضع المصريون أمالا عريضة علي تحسن الأوضاع ويحلمون بأمل جديد إلا أن أتت الاضطرابات الطائفية وتصاعد الاحتجاجات الفئوية وعدم الاستقرار الأمني إلي تراجع الاستثمار الأجنبي والعربي القادم الي مصر ووصل إلي الصفر وأصبح نمو الاقتصاد المصري بسالب ، فمصر أوشكت علي السقوط في بئر الإفلاس مصر علي حافة الإفلاس ، وهذا ما حذر منه المجلس العسكري مؤخرا مؤكدا أن الإحتياطى النقدي علي وشك النفاذ خلال 6 أشهر في حال استمرار الوضع الأمني والوضع في الشارع كما هو عليه الآن من حالات الاعتصام والإضرابات في مواقع الإنتاج، فمصر أصبحت علي حافة الإفلاس إذا نفذ الاحتياطي ، لذا قمنا بفتح الملف الاقتصادي لأوضاع مصر بعد ثور يناير لنرصد حقيقة الإفلاس علي مصرعيها .باق ستة أشهرفي البداية حذر المجلس العسكري من تردي الأوضاع الاقتصادية لمصر بعد ثورة 25 يناير ، حيث كشف مؤخرا سلسلة من الأرقام التي توضح أحوال البلاد أبرزها تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلي صفر ووضع مصر في درجة المخاطر فيما يتعلق بالتصنيف الائتماني ، مشيرا إلي أنه باقي ستة أشهر علي إفلاس مصر إذا لم يتم السيطرة علي تلك الأزمة وحلها في أسرع وقت .قال اللواء أركان حرب محمود نصر مساعد وزير الدفاع الشؤون المالية ان مصر تخسر يوميا نحو 40 مليون دولار في قطاع السياحة الذي تراجع دخله بنسبة 80% ، خاصة وأن الحجوزات السياحية شهدت تراجعا بنسبة 20% بسبب أحداث إمبابة .تراجع النقد الأجنبيولم يقتصر الأمر علي ذلك بل تراجع النقد الأجنبي من 36 إلي 28 مليار دولار خلال الثورة ،إضافة إلي المليارات التي خسرتها قيمة الأسهم في البورصة ، كما ارتفع عجز الموازنة العامة إلي 1290 مليار جنيه .وقال نصر أنه علي الرغم من هذه الأرقام الموثقة من الجهاز المركزي للمحاسبات .كما حذر من ارتفاع معدل الفقر في مصر، وقال انه يقترب من نسبة 70% منهم 6% معدم، وان متوسط دخل الفرد السنوي من الناتج المحلى بلغ 2770 دولارا.كما أشار إلى اجمالى الدين العام الداخلي بلغ 88 مليار جنيه يمثل 73% من اجمالى الناتج المحلى، واجمالى الدين العام المحلى والخارجي يبلغ 1080 مليار جنيه يمثل 90% من اجمالى الناتج المحلى.وأكد تأثر كافة موارد الدولة سلبيا نتيجة توقف عمل المصانع خلال الفترة الماضية، وان اجمالى الخسائر من هذا القطاع تقدر بنحو ما بين 10 إلى 20 مليار جنيه خلال الشهر الجاري وبادية الشهر المقبل.وقال اللواء نصر إنه على الرغم من هذه الأرقام السلبية والموثقة من الجهاز المركزي للمحاسبات، فإن حالة من التفاؤل تسود المجلس الأعلى العسكري، مشيرا إلى أن حالة التفاؤل تعود إلى عدم تأثر البنية الأساسية للاقتصاد، وأن المصانع لم تتعرض للتدمير على سبيل المثال، وبالتالي ستكون المهمة صعبة وليست مستحيلة.وأكد أن الفترة المقبلة تحتاج إلى العمل والإنتاج وليس الكلام، حتى يمكن دفع عجلة الإنتاج والنهوض بالاقتصاد المصري وتخطى هذه المرحلة الصعبة بنجاح ورفع راية الوطن عاليا.عجز موازنة العام تعدي 155مليارأكد د. سمير رضوان وزير المالية، أن العجز في ميزانية العام الحالي وصل 155 مليار جنيه ، مشيرا إلي أن ميزانية العجز للعام القادم ستصل 180 مليار جنيهًا عجزًا في الموازنة العامة للدولة .وأضاف رضوان أن الحكومة الحالية تحاول تعويض العجز من خلال الحصول علي دعم من الأشقاء العرب والأخوة الخليجيين لاستثمار أموالهم في مصر في الفترة المقبلة لإعادة تعمير الاقتصاد .وأكد أن كثرة الإعتصامات والاضطرابات الفئوية ستعمل علي زيادة العجز مستقبليا كما أن للأحداث الأخيرة من فتنة إمبابة وأحداث ماسبيرو تأثيرًا مدمرا علي الاقتصاد.وناشد رضوان الشباب لضرورة بذل الجهد في الفترة المقلبة والإقبال علي العمل لزيادة الإنتاج وأيضا مطالبًا بالإقتداء بالنموذج السنغافوري في النهوض بالاقتصاد بعد مرحلة تدهور شديد .وقال محمود الشاذلي رئيس قطاع الموازنة العامة السابق بوزارة المالية إن زيادة عجز الموازنة تسيء إلى الاقتصاد القومي في النظرة العالمية له، ويؤثر على القدرة التفاوضية في الحصول على قروض دولية، متوقعاً ارتفاعه إلى نحو 11٪ من إجمالي الناتج المحلى، نتيجة زيادة المصروفات، وانخفاض الإيرادات، وارتفاع أسعار المواد البترولية والغذائية بعد الثورة المصرية 25 يناير.وأضاف الشاذلي أن ارتفاع أسعار الدولار محلياً مقابل الجنيه يساهم فى زيادة فوائد الديون ، خاصة أنه تم إعداد حسابات موازنة العام الحالى على أساس سعر 5.56 جنيه للدولار، بينما وصل سعره حالياً إلى نحو 5.96 جنيه، مؤكداً أن تلبية الزيادة في الموازنة تأتى من خلال الاحتياطيات بها، أو عن طريق طرح سندات وأذون خزانة يتم الاكتتاب فيها من البنوك، وكذلك الاقتراض الخارجي .وأضاف الشاذلي أن الحكومة طرحت 3 أطروحات أذون خزانة خلال الأزمة الراهنة الأولى بقيمة 5 مليارات جنيه لصرف تعويضات للمنشآت المضارة والمحال والأكشاك والسيارات خلال الثورة، والثانية بقيمة 7 مليارات جنيه لتلبية المطالب الفئوية، والثالثة بقيمة 10 مليارات جنيه لمواجهة الطلب على السلع التموينية.وقال الشاذلي أن الخطر قادم لا محالة إذا استمر السحب من احتياطيات النقد الأجنبي ، وتجاوز عجز الموازنة العامة الحدود القصوى والآمنة 10٪ من الناتج المحلى الإجمالي، وهو ما تصعب معه العودة إلى الإصلاح ، خاصة وأن الدين المحلى بلغ نحو تريليون و88 مليار جنيه في الموازنة الحالية، بينما بلغ الدين الخارجي نحو 34 مليار دولار .و شدد الشاذلي على ضرورة العمل على مشروع قومي ، والسماح بدخول البنوك والشركات للاستثمار به ، وتوضيح قواعد مناخ الاستثمار، وطمأنة المستثمرين وذلك في محاولة لإنقاذ مصر من الإفلاس .وقال المهندس أحمد بلبع إن الاقتصاد المصري يمر بظروف سيئة للغاية وأصبح في وضع لا يحسد عليه, وأن السياحة هي الخاسر الأكبر، مشيرا إلى أن استمرار المظاهرات الفئوية يتسبب في رعب للسائحين الوافدين لمصر, وبالتالي عزوف عدد كبير منهم عن زيارتها.ثورة الجياعقادمةحذر هشام رامز نائب محافظ البنك المركزى من إقبال مصر على ثورة جياع، إذا لم يتم وقف حالة الانفلات في الشارع ورسم خطوة للأمام، مشددًا أننا مقبلون على الخطر إذا استمرت الأوضاع الحالية كما هي .ونفي رامز وجود مشكلات في تدبير الاعتمادات المخصصة لاستيراد الاحتياجات الطارئة من السولار والبوتاجاز، معلنًا اعتماد 300 مليون دولار من أجل هذا الهدف، مشيرًا إنه سيتم تدبير هذه الاعتمادات من خلال الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي البالغة 28 مليار دولار، محذراً من تأثير استمرار تراجع الإيرادات خلال الآونة الأخيرة.ولفت إلى أن الأمور تزداد سوءا، خاصة مع ازدياد المصروفات، وهو ما يزيد الاعتماد على الاحتياطي .الحكومة السابقة وراء إفلاس مصرأكد الدكتور حمدي الشريف خبير اقتصاد أن الحكومة السابقة هي وراء حالة الإفلاس التي تعيشها مصر حاليا ، حيث قام وزير المالية السابق بطرس غالي بفك وديعة الطاقة البديلة التي جنبتها الحكومة منذ عام 1984 بقيمة أربعة مليارات جنيه لتمويل جزء من عجز الموازنة ، وكان يفترض أن تمثل هذه الوديعة الأساس الذي تبدأ به مصر مشروعها لإقامة أول محطة نووية سلمية لإنتاج الطاقة.ورغم ما أثاره هذا القرار منضجة إلي أن وزير المالية السابق لم يعلق علي تلك الاحتجاجات ، كما لم يعلق أيضا وزير الكهرباء والطاقة المنوط به إجراءات بناء المحطة النووية التي أعلن عنها مسبقا .وأضاف الشريف أن فك وديعة الطاقة البديلة يعنى أن دخول مصر للنادي النووي أصبح محل شك ، وربما يجرى تأجيله لحين تدبير اعتمادات مالية بديلة، لكن الأخطر ما في الأمر دلالاته بأن هذا القرار قد أدخل مصر في مرحلة الإفلاس .وقال الشريف أن الأمر لم يتوقف علي ذلك بل إن تهريب المليارات من الأموال خارج البلاد هو من الأسباب الرئيسية وراء حالة الإفلاس ، لذا ينبغي علي المجلس العسكري وضع ضوابط حاسمة خلال الأيام القادمة لإنقاذ مصر من تلك الأزمة التي وقعت بها .كارثة اقتراض مليار ونصوقال حمدي عبد العظيم خبير اقتصاد إن الحديث عن احتمالات اقتراب إشهار مصر إفلاسها وارد، بعد رفض الولاياتالمتحدةالأمريكية طلباً مصرياً بإسقاط ديونها، حيث أكدت الولاياتالمتحدة أنها تمر بأزمة ولا تستطيع اتخاذ هذه الخطورة في التوقيت الحالي .وأضاف أن الحكومة دخلت دوامة جديدة باضطرارها إلى سحب نحو 1.5 مليار دولار شهرياً من الاحتياطي النقدي لتغطية احتياجات المواطنين اليومية من السلع الإستراتيجية.وقال عبد العظيم أنه عندما تشرف الدولة على الإفلاس تدخل فى مفاوضات مع دائنيها أو المنظمات والمنتديات التي تمثلهم وأشهرها نادي باريس عندما تعجز عن سداد أقساط ديونها للدولة الدائنة أو الفوائد، أما إذا كانت تستطيع سداد الفائدة دون القسط فإن الدول الدائنة قد توافق على استمرار الوضع حسب اتفاقات ديونها.وحذر عبد العظيم من الإفلاس الذي أسماه بالمصيبة بسبب ارتفاع الدين الحكومي المحلى الذي تقترضه من البنوك من حجم الودائع بالقطاع المصرفي ومن المتوقع أن يتزايد العجز في الموازنة إلى 10٪ في 2012.ووجهت بسنت انتقادات لحكومة شرف بعدم قدرتها على إدارة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بل ستتسبب في زيادة الديون بالاقتراض الخارجي.40مليون دولار خسائر السياحة يومياجاءت قطاعات السياحة المصرية لتكشف عن تردي الأوضاع الاقتصادية وتأثر القطاع بالاضطرابات الطائفية والغياب الأمني في مصر فقد أعلنت لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال, برئاسة المهندس أحمد بلبع, أنها ستتقدم في غضون الأيام القليلة المقبلة بورقة عمل شاملة للدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء, تقترح فيها حلولا سريعة للأزمة الخانقة التي تتعرض لها السياحة، لإيقاف نزيف الخسائر المستمر, والتي وصلت 40 مليون دولار يوميا.الإصلاح السياسي أهم الطرق لإنقاذ الاقتصادحدد خبراء اقتصاد خريطة طريق للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، تتضمن إصلاحات للسياسات والتشريعات الاقتصادية، وتمويل عجز الموازنة العامة للدولة من خلال طرح سندات وأذون خزانة، وعودة الإنتاج بقوة مع إيجاد حلول للاحتجاجات الفئوية.أكدت الدكتورة فائقة الرفاعى، الوكيل السابق لمحافظ البنك المركزى، وجود عدة سيناريوهات أمام الحكومة لتدبير موارد مالية لسد عجز الموازنة، وسد الفجوة التمويلية، من أبرزها الاقتراض من البنك الدولى والمؤسسات المالية الإقليمية، أو المؤسسات التابعة لحكومات، للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة وسد الفجوةالتمويلية. وقالت، إن الفجوة التمويلية ناتجة عن الفرق بين جملة الاستثمارات والمدخرات، مشيرة إلى أن سدها يأتى أيضا عن طريق جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.وتوقعت انفراجة الاقتصاد منتصف العام المقبل، سواء على مستوى الاستثمار الأجنبى أو عودة السياحة والتصدير إلى النمو.ودعا الدكتور نبيل حشاد، الخبير السابق بصندوق النقد الدولى، الحكومة إلى إجراء إصلاحات للسياسات والتشريعات الاقتصادية، لإصلاح الاقتصاد على المدى الطويل، وكذلك اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الأزمة الراهنة، وطالب بإيجاد حلول للاحتجاجات الفئوية، والقضاء على فجوة الأجور لإعادة معدلات الإنتاج إلى طبيعتها.