واجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، تحديا صعبا يبقى هامش التحرك فيه محدودا إذ تشهد البلاد أسوأ أزمة نقدية في القرن الواحد والعشرين. وقالت وكالة أنباء"فرانس برس" الفرنسية، إن بوتين كرئيس أو رئيس للوزراء، اعتاد الجاسوس السابق دائما على استباق الاحداث متقدما على خصومه، وسمحت له هذه القدرة بالمقامرة والنجاح، وكان آخر مغامرة له إعلان ضم شبه جزيرة القرم في مارس مباغتا الأوكرانيين والغربيين على حد سواء. وأشارت الوكالة الفرنسية، إلى أن بوتين الذي يعشق الاستفادة من نقاط ضعف خصومه لزعزعة استقرارهم، فوجىء هذه المرة بسرعة انهيار الروبل الذي خسر نصف قيمته منذ بداية العام. فالأزمة المالية التي سببتها العقوبات الغربية ضد موسكو تفاقمت بتراجع أسعار النفط، تلقي بثقلها على روسيا، التي تشهد تضخما متسارعا وخطر إفلاس الشركات الروسية التي حصلت على قروض بالعملات الأجنبية، وأصبح نظامها المصرفي هشا وجمدت المشاريع الكبرى في البنية التحتية. ومع رئيس روسي جسد شخصه البلاد على مر السنين، يتساءل المراقبون هل أن روسيا ضعيفة تعني بوتين ضعيفا؟، وقال الكسندر كونوفالوف رئيس معهد التقديرات الاستراتيجية "لا يمكنه القيام بالكثير"، و"هل يستخدم مئات مليارات الدولارات التي جمعها منذ مطلع العام الفين؟ هذا لن يكفي ليصمد لفترة طويلة". وأوضح "بدأ المجتمع يدرك أنه ليس للكرملين أي استراتيجية وأنه غير قادر على معالجة" الأزمة. ولم يكن الشأن الاقتصادي يوما من اختصاص الرئيس الروسي بوتين الذي غالبا ما يتحدث بإسهاب عن تاريخ روسيا في القرن العاشر، أو المعارك الكبرى خلال الحرب العالمية الثانية، غير ملم بالملفات الاقتصادية، لانه يعلم بأن هامش المناورة لديه ضيق جدا، لا يكترث للانتقادات، فهو لم يدل بتصريحات علنية في هذا الخصوص تاركا لرئيس الوزراء دميتري مدفيديف مهمة التذكير بأن قيمة الروبل، أقل مما هي عليه فعليا، وأن لدى البلاد موارد كافية لمواجهة الأزمة. وقال نيكولاي بيتروف الخبير السياسي في المعهد العالي للاقتصاد في موسكو إنه من المحتمل أن يوبخ بوتين علنا المسؤولين الحكوميين لإدارتهم للازمة. وأشار إلى أنه على المدى الطويل يجب على الحكومة والبنك المركزي الصمود حتى نهاية السنة". وأضاف "مع العام الجديد وضع الروبل سيهدأ، لكن زيادة التضخم امر لا مفر منه والسؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف ستسعى الحكومة إلى لجمه؟" متسائلا: "هل أمام الرئيس أي حلول أخرى؟. من جهته اعتبر تجمع المصارف الدولية، اليوم، أن الركود في روسيا قد يكون "عميقا جدا" ويتجاوز بكثير توقعات الحكومة إذا بقيت أسعار النفط بهذا المستوى الضعيف. وقال صندوق النقد الدولي لوكالة فرانس برس إنه "يراقب عن كثب" الوضع في سوق الصرف في روسيا. ورأى لوبيمور ميتوف كبير خبراء الاقتصاد حول أوروبا الناشئة في معهد المال الدولي أنه إذا راوح سعر برميل النفط بين 58 و62 دولارا خلال عام، ستدخل روسيا في ركود عميق سيكون على الأرجح أعلى من تراجع إجمالي الناتج الداخلي ب5%.