أصدرت منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان مؤخرا تقريرًا أثارت فيه العديد من المشكلات التى تواجه أحد أهم قطاعات السياحة فى مصر وهو السياحة النيلية وذلك على خلفية قرار ايقاف الرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان حتى نهاية أكتوبر القادم, حيث رصد التقرير تشريد معظم العاملين بهذا القطاع ووضحت به الخسائر الضخمة التى تكبدها أصحاب الفنادق النيلية والبواخر وأيضا الشلل التام فى قطاع السياحة الفندقية, مما أدى إلى خسائر تقدر بحوالى 70% بالقطاع السياحى داخل الأقصر وأسوان. و يرجع البيان هذا الركود إلى فشل وزارة السياحة وقطاع الإعلام السياحى بالوزارة فى جذب الاستثمار السياحى إلى محافظات الصعيد مستغلا الهدوء الأمنى فى تلك المحافظات وأكد التقرير ضرورة وضع خطط عاجلة لمواجهة تلك الخسائر الاقتصادية الفادحة وضرورة استغلال الجزر النيلية كمزارات مهمة وكعامل للجذب السياحى لهذا القطاع. و تعود أهمية السياحة النيلية كأحد أنواع السياحة الثقافية إلى أنها مصدر مهم جدا للدخل القومى حيث إنها سياحة دائمة وليست موسمية كالسياحة الشاطئية, إلا أن هذا القطاع يواجه العديد من المشاكل التى مازالت تبحث عن حلول، بعض هذه الأزمات طبيعي مثل الجزر الرملية المنتشرة بين الأقصر وأسوان مما يؤدى إلى شحوط المراكب وحدوث أضرار خطيرة بها وكذلك ورد النيل وطمى النيل والجزر الشتوية فى مجرى النهر, والبعض الآخر بشرى كالاحتجاجات الفئوية وارتفاع تكاليف التشغيل من طاقم العمل إلى الخدمات هذا بخلاف الخسائر الناتجة عن الأعطال وارتفاع أسعار الوقود هذا كله بجانب الكساد الذى أصاب القطاع فى أعقاب ثورة يناير وما تلاها من فترات. من جانبه أشار إيهاب موسى رئيس ائتلاف دعم السياحة أن السياحة النيلية هى مستقبل التنمية بمدينتى الأقصر وأسوان بل وصعيد مصر بالكامل حيث يعمل بها ما يزيد عن 100 ألف فرد بين العاملين على المراكب السياحية البالغ عددها 388 والعاملين فى قطاع السياحة عموما من بازارات وأسواق ومعابد وخدمات وحوالى 10 آلاف مرشد سياحى, وأيضا تعتمد أجهزة الدولة كوزارة الآثار وغيرها على موارد هذا النوع من السياحة كمورد مهم لتلبية احتياجاتها, كما يبين أن السياحة النيلية بين الأقصر وأسوان تنشط السياحة بمدينة القاهرة وغيرها من مدن الدلتا وأضاف موسى أن السائح من زوار القاهرة لا بد له من زيارة الأقصر وأسوان والعكس أيضا مما يضيف لأهمية السياحة النيلية هذا الرواج الذى تحققه لقطاع السياحة عموما وبالتالى للسياحة الثقافية من خلال زيارة المعابد الأثرية فى الأقصر وأسوان وادفو وكوم امبو وإسنا وكافة المزارات المهمة ودلل ايهاب على حجم الأزمة التى تضرب قطاع السياحة النيلية بأن نسبة الإشغالات الآن تتراوح بين 10% إلى 15% ويرى إيهاب أن أهم مشاكل هذا القطاع هو عدم الترويج له بالصورة التى تتناسب مع حجمه وأهميته واتجاه مسئولي القطاع السياحى بعد الأزمة التى تمر بها السياحة عموما إلى تقسيمها إلى نوعين.. سياحة ثقافية وسياحة شاطئية مع الترويج والتشجيع للنوع الثانى المتمثل فى الغردقة وشرم الشيخ وذلك على الرغم من أن السياحة الثقافية هى النوع المميز والأهم للسياحة المصرية عموما, ويعتقد أيضا أن الفكرة عن الأقصر وأسوان تحتاج الكثير من الجهد لتعديلها بعد ربطها بمشاكل كالانتماء السياسى لمدن النوبة والتظاهرات الإخوانية فى تلك الأماكن. وأكد موسى أن عودة السياحة النيلية والثقافية ممكن جدا وخصوصا فى ظل الرواج الذى تلقاه السياحة الشاطئية واستقرار الحالة الأمنية, فقط كل المطلوب فى تلك المرحلة هو دعم ذلك القطاع والترويج له بكافة السبل من إعداد الأفلام الوثائقية التى تشرح أهم ما يميز القطاع مع عرض القطع الأثرية خارج مصر فى مناسبات مختلفة والمعارض العالمية المهمة, ويشدد إيهاب على إطلاق قناة مصرية ناطقة باللغات الأجنبية للتعريف بمصر وإمكاناتها ولتحارب تلك الصورة السيئة التى تبثها القنوات المعادية لمصر مثل الجزيرة وغيرها وأتم ايهاب موسى كلامه بأن مصر تمتلك جميع المقومات التى تضمن لها الريادة فى مجال السياحة كل ما تفتقر إليه فقط هو الإدارة الجيدة لتلك الإمكانات والاستغلال الأمثل لكل الموارد المتاحة بما يخدم خطط التنمية فى تلك المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر. فيما قال أحمد عاشور رئيس مجلس إدارة شركة عبر المحيطات للسياحة إن القصور فى السياحة مرتبط بالقصور فى كافة المجالات فى مصر حاليا على الرغم من ان هناك اتجاها عاما نحو السياحة الشاطئية بالغردقة وشرم الشيخ الا ان «السائح الحقيقى» - على حد تعبيره- الذى يأتى لمصر من اجل آثارها ورونقها وتميزها يظل غائبا فى الوقت الحاضر فالسياحة ما زالت تعانى مما عانته مصر على مر الثلاث سنوات الماضية من حالة امنية متردية واحوال سياسية غير مستقرة اما بالنسبة للسياحة فى الغردقة وشرم الشيخ فتكاد تكون فى معزل تقريبا عما يحدث فى باقى مصر لذلك تجد الرواج الموجود حاليا, ويوضح عاشور ان تلك الحالة فى ذلك القطاع من السياحة ( السياحة الشاطئية ) لا تعبر بأى حال من الاحوال عن حال السياحة فى مصر عامة بل الأقصر وأسوان والسياحة النيلية هى المؤشر الحقيقى لعودة أو عزوف السائحين إلى أو عن مصر. يرى عاشور انه لا يوجد قصور فى جانب بعينه أدى الى ذلك الركود بل اجتماع عدة سلبيات عانى منها المجتمع المصرى أوصلت الوضع إلى ما هو عليه , ويشير إلى أن السياحة كمجال اقتصادى يحتاج إلى توافر المناخ المناسب له لينمو فنحتاج إلى الحالة الأمنية والسياسية الجيدة أكثر مما نحتاج إلى الترويج للآثار المصرية وعراقتها ومزاراتها المختلفة.