مات عمنا احمد رجب ماتت آخر ابتسامة في الصحافة المصرية .. مات ملك التكثيف ، وعبقري نص كلمة .. مات الكاتب الكبير الفذ اللي حبيته وغضبت منه وحبيته وكرهته وحبيته ولم أقترب منه وحبيته وتمنيت لقاؤه ، لكنه ... مات أحمد رجب هو رفيقي في مرحلة الإعدادية .. قرأت كل أعماله مبكراً انبهرت بأسلوبه الفذ ضحكت كما لم أضحك من قبل على كتاباته تمنيت أن أكون كاتباً ساخراً حين قرأته كان مدخلي لعالم الأدب الساخر البوابة التي جعلتني أدخل للمازني وعبد العزيز البشري ومحمد عفيفي والشعر الحلمنتيشي.. احمد رجب اللي كتب للسينما وللصحافة وللأطفال، وشاف ان الشعر بسيط جداً والأغاني ينفع يتكتب زيها بصباع رجله الشمال فعمل الأغاني للأرجباني احمد رجب اللي حاولت اعرف أي حاجة إنسانية عنه فلم أجده يكتب عن نفسه ولم تسعفني سوى مقدمة أحد كتبه التي كتبها جمال الغيطاني وسطور متفرقة كتبها موسى صبري في مذكراته وحكايات متناثرة كتبها أنيس منصور احمد رجب اللي كنت مستفز جداً من فكرة الصومعة اللي قافل فيها على نفسه لا بيقابل حد ولا بيدينا كأجيال جديدة فرصة التواصل معاه بسهولة احمد رجب اللي قررت انزل اشوفه كان بيكتب ايه زمان فلقيت برضه نص كلمة .. قطع فنية كتبها أيام حرب أكتوبر كانت سلاح قوي ضد غطرسة الإسرائيليين ونكت بيطلعها عليهم يقولها الشعب المصري كله احمد رجب اللي كان قريب من علي أمين ومصطفى أمين وكان بيعمل فيهم مقالبه بمنتهى الطفولة أحمد رجب اللي تجربته في الكاريكاتور لم تنصف بعد في الدراسات الأكاديمية ، واللي ابتكر شخصيات رسمها صديق عمره ورفيق رحلته مصطفى حسين، وكانت صاحبة أجمل ابتسامة بتترسم على وجوهنا كل يوم من كمبورة بقاموسه المرعب مروراً بالكحيت وعزيز بك الأليط وفلاح كفر الهنادوة الذي أرق مضاجع كبار المسئولين وليس وصولاً للمسلسلات الكاريكاتورية التي كان يقدمها بريشه مصطفى حسين مثل الوزارة في المغارة ، وغيرها من الكاريكاتورات اللي ممكن افتكر منها الإفيه الشهير اللي طلعه على عادل عز وزير البحث العلمي أيام الزلزال ، فقال عليه عادل (هز) والرزاز وزير المالية اللي عمله في صورة مصاص دماء وقال انه كان إله الدمغة عند الفراعنة ، وغيرها وغيرها من الشخصيات اللي لما مات مصطفى حسين .. ماتت .. وبعدها .. مات احمد رجب هو كمان
احمد رجب اللي كنت أغبط صديقنا محمد توفيق على انه قعد معاه وعمل عنه أهم كتاب اتعمل عنه حتى الآن، ومع ذلك لم يخرج بكل ما يبل ريقنا حول هذا الرجل العظيم .. السنة دي احمد رجب فاز بجائزة دبي للصحافة وكنت اتمنى اقابله هناك لكن محمد توفيق استلمها نيابة عنه وكان حظي الوحش ان توفيق لما حاول يكلمه ويقول له انه خلاص استلم الجايزة وانا واقف زي العيال الصغيرة مستني اخد منه السماعة عشان اقول له مبروك يا أستاذ فلقاه نايم !!! احمد رجب اللي كرهته في فترة عمنا جلال عامر العظيم ابن البلد العبقري الحكاء فيلسوف الغلابة لأني بقيت بقارن بين واحد عبقري يقول لي احنا بنحبوك يا محمد لما اكلمه في التليفون وواحد احفى عشان احدد معاد اقابله واقول له انا بحبك يا أستاذ ونفسي اعمل معاك حوار، ودايماً لا يرد ..، ودايماً اتضايق واغضب واقول خلاص كل اللي بيننا انتهى وابقى عايز اشحت كتبه ، وبعدين امسك كلام فارغ فاضحك وامسك أي كلام فاحس ان اللي كتبه أكبر من انه يخليني أزعل منه وامسك صور مقلوبة وتوتة توتة واقرا صورة واحد امتحاناتي أو مشجع كورة ، واقرا فوزية البرجوازية والوزير جاي فاقول الراجل ده مايستحقش مني اكرهه احمد رجب عمري ماشفته منافق كل اللي اتضايقوا منه لما مدح السيسي بزيادة ، وكل اللي قالوا ده ياما قعد مع مبارك ، وكل اللي اتهموه بإنه أصبح يهادن السلطة لم يكن ينتظر منهم أي شئ صحيح أفور .. صحيح قال كلام كبير أوي أوي أوي لكن شخص في الخامسة والثمانين من عمره يكتب يومياً بهذا الألق، ورأى ما رأى في حياته ، وعاش ما عاش من ألم ، كان من حقه يستريح وليس من حقنا أن نتهمه بسبب رأي هو مقتنع بيه انه منافق، لأن من تعدى الثمانين لا يحتاج لأن ينافق أحداً احمد رجب العظيم الجميل الحبيب الذي لم ألقاه .. وداعاً وحتى نلتقي إنا لله وإنا إليه راجعون