رغم حالة العداء الشديد التي يبديها الرئيس التركي الجديد رجب طيب أردوغان لنظام ثورة 30 يونيو في القاهرة، إلا أن ذلك لم يمنع وجود وساطة غربية بضوء أخضر من دوائر رسمية في أنقرة بهدف "جس نبض" الجانب المصري حول سبل إنهاء الأزمة الحالية بين البلدين. وطبقا لمصادر دبلوماسية في الخارجية المصرية، فإنه مع بدايات توجه أردوغان للرئاسة، وظهور المؤشرات على خلافة داوود أوغلو له في حزب العدالة والتنمية الحاكم، جرت محاولات ل "استكشاف" رؤية الجانب المصري لمستقبل العلاقات مع تركيا، وعما إذا كانت هناك أي فرصة لتجاوز أزمات الماضي. الوساطة التي لم تحمل الطابع الرسمي قام بها مسئولون في إحدى السفارات الغربية في القاهرة "ترتبط بعلاقات جيدة بالجانبين"، وانتهت إلى أن الموقف المصري يتلخص في عدة نقاط تتمثل في أن الأتراك هم من بدأوا الأزمة، وهم من عليهم أن يبادروا بإنهائها، كما أن القاهرة لم تقدم على طرد السفير التركي إلا بعد أن بلغ تدخل بلاده في الشأن الداخلي المصري حدًّا غير مقبول، علاوة على أن مصر لا تعادي الشعب التركي وترتبط بعلاقات شراكة تجارية وسياحية قوية للغاية معه. وانتهت الوساطة الغربية إلى أن المصريين يرون أنه إذا كان الأتراك جادين في مراجعة مواقفهم تجاه القاهرة، فهم يعرفون ماذا عليهم فعله، وعلى سبيل المثال يمكنهم أن يبادروا بإجراءات محددة لاستعادة الثقة تتمثل في اعتذار رسمي عن كل "التجاوزات" السابقة في حق القاهرة، علاوة على الاعتراف بأن الإطاحة بحكم الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي جاءت نتيجة ثورة شعبية وليس انقلابًا عسكريًّا. كما اشترطت القاهرة توقف أنقرة فورًا عن استضافة مؤتمرات التنظيم الدولي للإخوان على الأراضي التركية، بالإضافة إلى إغلاق كل المنابر الإعلامية الإخوانية التي تنطلق من تركيا وتحرض على الجيش والشرطة في مصر، وكذلك تسليم قيادات جماعة الإخوان المطلوبين على ذمة قضايا جنائية في مصر. من ناحية أخرى، ورغم عدم حضور مصر حفل تنصيب رجب طيب أردوغان رئيسًا لتركيا في ظل توتر العلاقات بين القاهرةوأنقرة وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى أدنى مستوياته، إلا أن اتصالات غير رسمية جرت بين الجانبين وعلى نحو غير مباشر بسبب هذه المناسبة. وبحسب مصدر مطلع في الخارجية المصرية، فإن الجانب التركي كانت تقاسمه وجهتا نظر مختلفتان، الأولى عدم توجيه دعوة إلى القاهرة لحضور الحفل اتساقا مع المواقف العدائية لأردوغان تجاه ثورة 30 يونيو، والثاني توجيه الدعوة من باب إبراء الذمة والإيحاء بأن مشكلة أنقرة مع النظام الحاكم وليس الشعب المصري، وانتهي القرار إلى حل وسط يتمثل في القيام باتصالات غير مباشرة عبر الوسطاء الغربيين مع القاهرة للسؤال عن رد فعل الجانب المصري، حال توجيه الدعوة إليه، وجاء الرد المصري حاسمًا: لن نحضر حفل تنصيب شخص اعتاد تجاوز الأعراف الدبلوماسية في هجومه على القاهرة والتشكيك في شرعية النظام المنتخب فيها بإرادة شعبية حرة، وهنا امتنعت أنقرة عن توجيه الدعوة للجهات الرسمية المصرية.