ثارت العديد من النقاشات في العالم حول تأثير الاكتئاب، لاسيما بعد انتحار الممثل روبن ويليامز. ومن المعلوم أن الاكتئاب غير المعالج هو السبب الرئيس للانتحار في أميركا مثلاً، حيث يحصد أرواح 34 ألف شخص سنوياً. وفي كثير من الأحيان، يعزف العديد من الأشخاص عن العلاج بسبب نقص الوعي، والمعتقدات الخاطئة عن هذا المرض. وأكثر هذه المعتقدات الخاطئة شيوعاً هي: 1. الاكتئاب مرادف للحزن: أشار العديد من معارف الفنان روبن ويليامز بعد وفاته، إلى أنهم لم يروه حزيناً على الإطلاق، ألا أنه كان يعاني من اكتئاب حاد في الوقت نفسه. ووفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية، فإن معظم من يعانون من الاكتئاب يشعرون بحزن شديد، أو لا يشعرون بأي مشاعر أبداً؛ أي يشعرون بالفراغ واللامبالاة. وبما أن القلق يصاحب الاكتئاب أيضاً، يشعر الكثيرون بتوتر مستمر من دون أي سبب واضح. 2. الاكتئاب دليل على الضعف العقلي: إن وصف مريض الاكتئاب بالضعف، جزء من وصمة العار التي تحيط بهذا المرض. لكننا لا نتهم مريض القلب أو التصلب اللويحي مثلاً بأنه ضعيف، بل نقرّ بأنه مصاب بمرض يصيب العديد من الناس. والاكتئاب مرض أيضاً، أو بمعنى أدق، اضطراب عقلي معقد، له أبعاد بيولوجية ونفسية واجتماعية. والعديد من الأشخاص "الأقوياء" مصابون بحالات اكتئاب شديدة، فيما تعد نتائج عدم تلقي العلاج مأساوية تماماً كالأمراض الأخرى. فالمرض الذي يصيب الدماغ والنظام العصبي، لا يقل خطورة عن المرض الذي يصيب أي عضو آخر في الجسم. 3. الاكتئاب ظرفي دائماً: في حين أن الاكتئاب له محفز ظرفي، مثل: فقدان شخص عزيز أو المرور بتجربة الطلاق، لا تحتاج الإصابة به إلى حدوث أمر محدد بعينه. ويتم تشخيص الاكتئاب غالباً، عندما يعاني شخص ما من نوبات طويلة (أسبوعين على الأقل) من اليأس والفراغ والخمول، من دون أي سبب واضح، وإن كانت أحداث الحياة اليومية إيجابية. وهذا سبب آخر يدل على أن الاكتئاب ليس مرادفاً للحزن. 4. أعراض الاكتئاب تصيب العقل فقط: صحيح أن عدداً من أعراض الاكتئاب نربطها ب"العقل"، مثل: التوتر والمشاعر السوداوية، إلا أن مثل هذه الحالات تعم جميع أجزاء الجسم. وتتضمن أعراض الاكتئاب الشائعة: عسر الهضم، وصعوبة التنفس، والشعور بالضيق في الصدر، والإرهاق العام. كما يشتكي بعض مرضى الاكتئاب من أوجاع العضلات المستمرة. 5. إن تم تشخيص إصابتك بالمرض، فستتناول مضادات الاكتئاب طوال حياتك: إن انتشار مضادات الاكتئاب والتغطية الإعلامية التي تحيط بها تؤدي إلى تأثير عكسي؛ فالعديد من الناس يخافون من استخدام هذه المضادات وإن كانوا سيستفيدون من أحدها. وسبب هذا يكمن في اعتقادهم بأن تناولها سيؤدي إلى الإدمان عليها، وبالتالي لن يتمكنوا من تركها أبداً. لكن في الواقع لا يستفيد الجميع من هذه الأدوية عملياً. وتشير بعض التقديرات إلى أن 40% تقريباً من الذين توصف لهم هذه الأدوية لا يستفيدون منها أبداً. بينما يستجيب البعض بشكل أفضل لبعض أشكال العلاج النفسي، مثل: العلاج السلوكي المعرفي أو المزج بين الأدوية والعلاجات الأخرى. وفي كثير من الأحيان، تخف الحالة تدريجياً لدى الشخص الذي يحصل على نتائج جيدة من مضادات الاكتئاب، ويتلقى إشرافاً طبياً. خلاصة الأمر، إن الاكتئاب مرض يمكن علاجه، وتركه من دون علاج سيؤدي إلى نتائج كارثية.