كاد أن يلحد، لولا أن الله بعث له برسالة فتحت عينيه وأعادته لطريق الإيمان، حريق بيته ووفاة زوجته وابنته ثم الموت المفاجئ لصديقه مصطفى متولى، هكذا يروى الفنان محمود الجندى ، مشهدا من مشاهد تحوله من الإلحاد إلى الإيمان، ويكشف أيضا سر خروجه من جماعة الإخوان التي كان عضوا فيها.. وأسرار أخرى في سياق الحوار التالى:*هل صحيح أنك كنت ملحدا ؟ . هذا حقيقى، فالشباب على قدر ماهو نعمة من الله هو أيضا نقمة على صاحبه إذا لم يوجه للخير، فقد حظيت في شبابى بالنجومية والشهرة وبشبكة علاقات واسعة، أهلتني لكي أكون محبوبا من الجميع، وأدمنت قراءة كتب التشكيك والإلحاد التي كنت مغرما بها وكادت أن تصل بى لمرحلة الكفر وامتص عقلى هذه الأفكار كالإسفنجة، وعشت مرحلة طويلة من التخبط والضياع حتى تعرضت لموقفين اعتبرتهما رسالة من الخالق سبحانه وتعالى. *حريق بيتك ووفاة زوجتك وابنتك أحد هذين الموقفين ؟ صحيح، في ليلة الحادث استيقظت على إحساس فظيع بالاختناق من كثرة الدخان ولم تتحمل زوجتى الدخان ولقيت ربها بمجرد وصولها إلى المستشفى ولحقت بها إحدى بناتي، وأتت النارعلى كتب التشكيك أي كتب الفكر العلماني والماركسي التي كنت أعشق قراءتها، وقبلها كان قد توفى صديقى مصطفى متولى فجأة، دون أي مقدمات فقد كنا نتسامر في إحدى الليالى التي كنا نقضيها معا، وخرج على أن يعود بعد نصف ساعة ولكنه لم يعد أبدا، وفى اليوم التالى تلقيت خبر وفاته، هنا أدركت ضرورة الرجوع إلى الحق، وإبان هذا المصاب الفادح وقفت مع نفسي وأخذت أردد "يا رب خفف "، ولم أعترض على قضاء الله وقدره، وبعد فترة طويلة من التفكير والبحث والقراءة توصلت إلى أن الإنسان لابد أن يكون صاحب قضية، وليس هناك أهم من قضية الإيمان، وإن لم يكن الإنسان مؤمنا، فسيكون في زمرة الهالكين في الدنيا والآخرة. *هل تعتقد أن فشل الخطاب الدينى في جذب الشباب حوله دفعهم للارتماء في أحضان الإخوان ؟ هذا صحيح، فتجهم الشيوخ وغياب الابتسامة وتشددهم دفع شبابنا للارتماء في أحضان الإخوان، الذين احتضنوهم لحرصهم على استقطاب النبت الصغير، ليكبروا في حضنهم ويشكلوهم كيفما شاءوا ويسيطرون عليهم، مثلما فعلوا معى وأنا صغير فقد انجذبت لأفكارهم، ولأسلوبهم الهادئ البسيط الذي كانوا يتوارون خلفه ويركزون في خطابهم على النواحى الاجتماعية والروحانية، مثل المحبة بين الناس ومساعدة الغير واحترام الكبير، وتشجيع الأطفال وتنمية مواهبهم، كلها أعمال طيبة تدفع الأطفال والشباب للاقتناع بهم وبدعوتهم، واستمريت فترة مقتنعا بهذا حتى كبرت ودخلت الجيش وعرفت معنى الوطنية والانتماء وبدأت أخرج من تحت عباءتهم، وهؤلاء الشباب الذين يقومون بأعمال إرهابية ليسوا إرهابيين، أو قتلة أو بلطجية بفطرتهم فقد غرر بعقولهم وانساقوا وراء دعاوي مشبوهة، في ظل غياب كامل للقيم والأخلاق وتجاهل كامل من مؤسسات الدولة. *معنى هذا إن حبك للفن بدأ مع جماعة الإخوان المسلمين ؟ هذا صحيح، فقد كانوا حريصين على تبنى الموهوبين وتشجعيهم، خاصة في موهبة الإلقاء والأناشيد لدرجة إنى أحببت الفن من خلال الجماعة لولا أنهم اتهموا في محاولة اغتيال عبد الناصر ولمست نشاطهم الإجرامى الدامى فانفصلت عنهم فورا وانتقلت للقاهرة وبدأت مشوارى الفنى. *هل تؤيد تصريح مرتضى منصور بأنه سوف يعفو عن مبارك إذا ما أصبح رئيسا لمصر ؟ طبعا..فمبارك يكفيه ما ناله من إهانة ومذلة، وقد أصبح عبرة لمن لا يعتبر، وأيقن الشباب أنه لا أحد فوق القانون حتى ولو كان رئيس الجمهورية، ويكفيه ما قضاه من سنين عمره في السجن، ولايجب أن ننسى مواقفه الجيدة، وإذا كان أخطأ بثقته في ناس ما كان يجب أن يثق فيهم، فهذا خطأ بشرى يمكن أن يقع فيه أي مسئول، كما إنه ليس خائنًا، وهو ليس كمرسي الذي خان بلده وتخابر مع دول أجنبية ضد مصر. *ما رأيك في إعلان الحزب الناصرى تأييده للسيسي رغم أن منافسه صباحى ناصري؟ لا أحد يستطيع أن يتكهن بدوافع الحزب الناصرى في هذا الموقف،لكن السيسي يستحق ذلك،وفى الوقت ذاته، أنا مقتنع بحمدين كإنسان مكافح، وأعرفه منذ أن كان في اتحاد الطلبة، ومواقفه السياسية كثيرة لكن أحب أن أذكره أن ما يحدث له شيء طبيعى لأن كل من يحتك بالسياسة لابد أن "يتعور"، فالسياسة نجاسة ولازم "تلط" صاحبها ولازم تصيبه بشيء من التلوث، يعنى إيه يتخلى حزب عن تأييد ممثله،وما حدث من الحزب الناصرى يعتبر أكبر دليل على حالة التفسخ السياسي الذي يعانى منها كل المصريين. *معنى ذلك إنك سوف تعطى صوتك لصباحى ؟ موقفى واضح من البداية.. وصوتى أعطيته للسيسي من قبل أن يرشح نفسه، مافيش نية في التراجع، وهذا لأنى قضيت 7 سنوات في الجيش، وأعرف معنى الحياة العسكرية وانضباطها وقيمة الانتماء والوطنية والتضحية. *معنى هذا أن ما يتردد على إن السيسي رشح نفسه حماية لبزنس الجيش مجرد إشاعة ؟ ليس عندى رد سوى ما قاله الحجاج بن يوسف الثقفى، حين قال عن المصريين في وصيته لطارق بن عمرو الذي وصف العرب بأنهم قتلة الظلمة، وهادمى الأمم، "وما أتى عليهم قادم بخير إلا التقموه، كما تلتقم الأم رضيعها وما أتى عليهم قادم بشر، إلا أكلوه كما تأكل النار الحطب، وهم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل، ولا وجود لكلمة خيانة في ثقافتهم"، وكل من يعيش حياة الجيش يعلم جيدا قيمة هذا الكلام، وإذا كان هذا الكلام صحيح فيجب أن نسأل أنفسنا أولًا، هو الجيش ده بتاع مين ؟ مش هو برضو جيش مصر؟ وجنوده ولاد مين ؟ مش برضوا من أبناء عائلات مصرية ؟ وإذا كان السيسي يحمى أموال وبيزنس الجيش فهو بالتالى يحمى أموال المصريين، ومصر من غير الجيش ماتبقاش مصر، لكن عند هذا الحد لابد من الانتباه إلى أنه ثمة كارثة على وشك الوقوع فيها، فهناك محاولات كثيرة لتفتيت مصر وتفريعها بفصل الجيش عن الشعب ووصمه بالخيانة. *تردد كثيرا إن الممارسات العنيفة صنعها الجيش والشرطة لتخويف الناس من الإخوان، ما تعليقك؟ هذا كلام ناس لا تعى حقيقة الأحداث بوضوح، مثل أبو مريم مفجر مديرية أمن الدقهلية الذي اعتبر تفجير نفسه هو عمل جهادى ويرقى لمرتبة الشهداء، ولا أستطيع أن أصف ما فعله سوى إنه انتحر ومات كافرًا حسب فتوى العلماء والشيوخ، وترك خلفه أرملة وابنة يتيمة، والعقل لا يمكن أن يستوعب أن يقوم الجيش بقتل أفراده وعناصر الداخلية لمجرد أن يكسب تعاطف الشعب، وإذا صدق أحد هذا الكلام فهو لا يملك أي ذرة عقل. *في رأيك ما المقصود من ترديد هذه الشائعات ؟ هذه طريقة خايبة لمحاولة تفتيت الشعب، ولإقناع العامة إن الجيش فئة والشعب فئة أخرى، لكنها محاولة فاشلة، فحرب الشائعات أصبح علما يدرس في الجامعات، وتستخدمه أمريكا وإسرائيل كسلاح للسيطرة على الدول المعادية. *ما رأيك فيما قاله عصام سلطان إن الإخوان يملكون أقوى جهاز إشاعة ولا يمكن لأحد السيطرة عليه؟ كاذب لأن الإشاعة سلاح عدائى، والإخوان حاولوا استخدامه ولكنهم فشلوا كالعادة فيه مثلما فشلوا في كل شيء، حتى إنهم فشلوا في استغلال فرصتهم الوحيدة لحكم مصر بعدما وصلوا إليه، وهم ليسوا بالذكاء للسيطرة على هذه الصناعة، كما أنهم ليسوا معدين لذلك، ولكنهم فيروس ينهش في جسد المصريين، وهذا بالضبط يذكرنى بمن وضع صرصورا على سجادة عجمى، فترك السجادة فورا ليختبئ في البلوعة، لأنه لا يستطيع أن يعيش في النور ونستخلص من هذا أن من تربى في الظلام لا يمكن أن ينجح في النور. *لو كانوا فشلة لماذا تنفذ الحكومة الحالية خطتهم في قطع الكهرباء وكروت البنزين وتصدير الكهرباء للفلسطينيين ؟ كلها أفكار مطروحة من حكومات سابقة إلا أنهم حاولوا تنفيذها، وفشلوا كالعادة لأنهم تركوا الحابل على النابل، وفى الوقت ذاته عمدوا لتسكين أتباعهم في المناصب الحيوية في جميع الوزارات، وتهريب البترول لغزة لمساعدتهم على حساب المصريين، مما ترتب عليه عدم توفير الطاقة لتشغيل الكهرباء، ولكن حتى لا يأمل الناس في شيء لن يحدث، فالكهرباء ستظل تنقطع حتى تستقر الأمور. *هل تعلم ن الحكومة الحالية مازالت تصدر الكهرباء لغزة بدافع إنساني ؟ لا مانع.. شرط ألا يكون بشكل إلزامى ونحن لانصدرها لحماس بل لأصدقائنا في فلسطين، بدليل أن الحكومة تفتح المعابر للحالات الإنسانية،ولا يعقل أن نغلق باب الرحمة في وجه أشقائنا الفلسطينيين، ونتركهم يهلكون ونوصفهم بأنهم من أتباع بيت المقدس، فالشعب الفلسطينى عانى كثيرا ويرغب أن يعيش في سلام، وسيظل جارنا إلى أن يرث الله الأرض وماعليها مثلهم مثل الشعب القطرى، فإذا كان بعض الناس يرتكبون أفعالا تضر بأمن مصر، فليس معنى هذا أن نكره الشعب القطرى، فهو سيظل صديقا للشعب المصرى.