أحمد بهاء الدىن خلال حواره ل »للأخبار« هناك من الآراء التي تسمعها أو حتي تشاهد قائليها.. لابد ان تلفت نظرك بقوة وتستوقفك لسماع تفاصيلها أو ربما الوقوف علي بعض ملامحها. ولا شك ان كل ذلك يتجلي وبقوة من اعطاء الفرصة لكل ضيوف الأخبار كي يدلوا بدلوهم فيما يثار حاليا من قضايا وموضوعات. والهدف الأسمي من وراء كل ذلك هو اتاحة الفرصة للجميع من أجل المشاركة في صنع مستقبل هذا الوطن بعد قيام هذه الثورة التي غيرت وجه التاريخ وأعادت مسيرة مصر إلي الاتجاه الصحيح. والمهندس أحمد بهاء الدين شعبان أحد وكلاء المؤسسين للحزب الاشتراكي المصري من بين هؤلاء الذين ننتظر سماع آرائهم وذلك من واقع خبرته الطويلة وتمرسه في العمل الوطني العام وتاريخه السياسي والوطني يؤكد ذلك. فقد اشترك في ثلاثة أحداث كبري حدثت خلال الأربعين عاما الأخيرة أولها انتفاضة الحركة الطلابية الديمقراطية في بداية السبعينيات احتجاجا علي الهزيمة وثانيها انتفاضة 81، 91 يناير التي أطلق عليها الرئيس الراحل أنور السادات »انتفاضة الحرامية« ثم ثالثا ثورة 52 يناير 1102 العظيمة. ولا شك ان التحاور معه عن شرعية الثورة بعد انتخاب مجلس الشعب وعن مستقبل الأحزاب وخاصة الحزب الاشتراكي وعن العدالة الاجتماعية وإمكانية تحقيقها في ظل الإخوان المسلمين. سيكون أكثر فائدة. لو كان لثورة يناير قيادة معروفة.. لتم حصارها..والقضاء عليها التيار السلفي تمت ولادته في أحضان النظام الأمني السابق هناك من يقول ان أهم سلبيات الثورة انها ثورة بلا قيادة فما رأيك؟ بالعكس لو كانت للثورة قيادات واضحة قبل الثورة كان سيتم القضاء عليها كما تم القضاء علي كل القوي السياسية أو حصارها علي الأقل بل أؤكد ان عدم وجود قيادة لها هو سبب انتصارها.. لقد نجح جهاز الأمن المصري علي مدي ثلاثين عاما ان يقوض ويهدم البؤر المعادية للنظام وسيطر عليها علي سبيل المثال حاصر حركة كفاية التي اتشرف بانني أحد قيادييها رغم انهم لا يزيدون علي بضعة مئات ولكن تجدين عند تجمعهم آلافا من جنود الأمن المركزي يلتفون حولهم ومع ذلك فقد كانت تلك الحركات ارهاصات للثورة التي لم تأت من فراغ ولم تعبر بالبراشوت وليست وليدة 52 يناير انما هو تراكم ممتد في عمق التاريخ المصري ربما منذ ان خلع المصريون خورشيد باشا. بروڤة الثورة حسب أقوال كثير من الخبراء فان الثورة التي كانت منتظرة هي ثورة الجياع بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية لغالبية فئات الشعب.. ما رأيك؟ ومازلنا ننتظرها.. فالمشكلة الأساسية انه حينما تمت عملية الانفتاح الاقتصادي كان الهدف الذي تم الترويج له انه هدف أساسي لتحقيق الرفاهية والازدهار الاقتصادي للمجتمع لكن التطبيقات أفرزت نظاما اقتصاديا فاسدا أطلق عليه الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين »انفتاح سداح مداح« لانه كان انفتاحا بلا قيود ولا ملامح وفي النهاية وحسب تعبيرات الرئيس السادات »ان الذي لم يغتن في عهدي لن يغتني أبدا« فكانت فرصة لمن يريد النهب والسرقة في نفس اللحظة تشكلت فيها طبقة جديدة »القطط السمان« كما أطلقوا عليها وهي مجموعة من رجال الأعمال التي التفت حول الحاكم وسعت إلي اقتناص الفرصة لصالحها علي حساب الطبقات الفقيرة من الشعب وقد أدي هذا الوضع في النهاية إلي احتقان اجتماعي واقتصادي كبير جدا وضاعف من حجم التوقعات زيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 5791 روجت لها السلطة أيامها بان الأمريكان سوف يأتون »بالسمن والعسل والبواخر المحملة« بما لذ وطاب وأيضا حسب كلام أنور السادات »كل مصري حيكون عنده فيلا وعربية ومياه سخنة وباردة« وبعد تلك الوعود استيقظ المصريون صباح يوم 71، 81 يناير علي قرار برفع اسعار السلع كان نتيجته نزول الشعب المصري بملايينه ليجتاح شوارع مصر في انتفاضة عارمة وهي كانت بروڤة لثورة 52 يناير 1102. هل كانت تلك البروڤة بنفس الحجم والشمول في كافة أنحاء الجمهورية وكيف تم اخمادها أو احتواؤها؟ نعم كانت بنفس الأعداد المليونية ليس فقط في القاهرة ولكن في كافة أنحاء مصر.. لكن الفرق بين ثورة 52 يناير وانتفاضة 81، 91 يناير هو فرق في درجة الكياسة السياسية للنظام الذي كان علي رأسه المحنك أنور السادات الذي تصرف معها بذكاء شديد جدا. كيف؟ أولا أوقف سبب الانفجار وهو قرار رفع الأسعار فتم سحبه استجابة لمطالب الشعب فحدث نوع من التفريغ لحالة الاحتقان و»ترك الحكومة جانبا« ثم بدأ بمخاطبة الجماهير مباشرة فانتهي الأمر إلي شعور الجماهير بأن مطالبهم والهدف الذي خرجوا من أجله قد تحقق ثانيا انزل الجيش المصري للشارع ذلك الجيش هو جيش العبور الذي سقط منه شهداء وجرحي، ثالثا شن حملة تشنيع علي الشيوعيين واليساريين واتهمهم بأنهم هم السبب وتلاها بحملة اعتقالات لجميع القيادات الأساسية. في حضن النظام أين كان الإخوان المسلمون من تلك البروڤة للثورة؟ الإخوان المسلمون كانوا في ذلك الوقت في حضن النظام لأن بعد هزيمة 7691 لجأ النظام إلي الاستعانة بخصوم جمال عبدالناصر وهم الإخوان فقام النظام بالافراج عنهم وأعاد لهم ثرواتهم وأموالهم كما أعاد لهم صحفهم وجرائدهم ومقراتهم ومراكزهم وسمح لهم بالحركة في كل أنحاء مصر بما فيها الجامعات وفي نفس الوقت كان هناك تصاعد للمد اليساري بشقيه الماركسي واليسار الناصري بالجامعات الذي ظل يتعامل مع السادات باعتباره امتدادا لجمال عبدالناصر ومكث عدة سنوات لكي يكتشف ان السادات يسير علي خط جمال عبدالناصر »بالاستيكة« ولهذا كان اليساريون هم الذين يتصدرون المشهد ولذلك اتهمهم السادات بأنهم هم مثيرو الفتنة في أحداث 81 و91 يناير باعتبار انهم هم الذين قادوها ونظموها وأعدوا لها رغم ان ذلك غير صحيح ولكن الجماهير هي التي كانت تستخدم الشعارات التي كانت تتردد قبل يناير 77 ومست وجدان الشعب »أنور بيه يا أنور بيه كيلو اللحمة بقي بجنيه.. هم بياكلوا حمام وفراخ واحنا الجوع جوعنا وداخ - هم بيلبسوا آخر مودة واحنا تاكلنا السوق السودا« والحقيقة اننا شاركنا فيها ولكننا لم نكن في موقع القيادة منها. أعتقد ان الاتهامات في ثورة 52 يناير كانت توجه لليبراليين فهل اخذوا موقعكم؟ مدلول الليبرالية في الفترة الراهنة مختلف لأنه يعني الآن كل من هو خارج التيار الإسلامي »المعارضة« أما أيامنا كانت الليبرالية تعني تيارا سياسيا يطالب بالحريات الاقتصادية وتوجهاته رأسمالية قريبة من توجهات »السياسة الأمريكية«.. لكن الآن الليبرالية تساوي الكفر والالحاد »نفس التهم التي كانت توجه دائما لليسار والشيوعيين« وفي تلك الفترة تم استخدام سلاح الدين المباشر كأحد أدوات الحكم والدليل علي ذلك ان أول جماعة دينية تشكلت في جامعة القاهرة بعد يناير 2791 كانت »الجماعة الإسلامية« التي أشرف علي تنظيمها والتخطيط لها ومساندتها ودعمها ماديا »محمد عثمان اسماعيل« أمين التنظيم بالاتحاد الاشتراكي آنذاك ومباحث أمن الدولة وهذا علي حد قول بعض شبابها من خلال بعض الكتب التي قاموا بتأليفها ليشرحوا كيف انهم خدعوا واكتشفوا انهم دخلوا وكرا للمباحث مهمته الأساسية الاعتداء علي اليساريين وضربهم وفض مؤتمراتهم وتقطيع مجلات الحائط الخاصة بهم وترويعهم وحصارهم وعلي مدي تلك الفترة كان الإسلاميون في »حضن النظام« لم ينتبه إلي خطورتهم إلا بظهور جماعة »التكفير والهجرة« والحوادث التي تمت بداية من حادثة الكلية الفنية العسكرية ثم اختطاف الشيخ محمد الذهبي وقتله بدأ النظام يتنبه إلي خطورة التطرف الديني لكن ظل مميزا ما بين ما يسمي الإسلام المعتدل وهم »جماعة الإخوان المسلمون« والتطرف الديني ممثلا في جماعات الجهاد والتكفير والهجرة ولذلك صعد التيار الإخواني وتقدم سواء داخل النقابات أو داخل الجامعات في أعقاب الحملة الشرسة جدا التي شنتها السلطة علي اليسار بعد انتفاضة 81، 91 يناير »بسياسة الأرض المحروقة« و»تجريف« فحدثت اعتقالات.. ومحاكم عسكرية.. وتعذيب وحدث فراغ كبير ثم ملؤه بالاستعانة بالإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية المعتدلة وبدأ يحتضن أيضا التيارات السلفية. اذن ظهور التيار السلفي الآن لم يكن مفاجأة ولم يأت من فراغ؟ بالفعل هم فصيل من فصائل الحركة الإسلامية تمت ولادته في حضانة أجهزة الدولة وتم منحه فرصا شاسعة جدا للعمل وسبب ذلك انهم لم يكونوا يشتغلون بالسياسة فهم من وجهة نظر النظام »نشاط دعوي« وهو فيصل يتميز بعدة أشياء أولا: انه مسالم ليس له علاقة بالسياسة، ثانيا: سهل التحكم فيه »طيع«.. مستمع جيد للتعليمات بلا مشاكل وتلك كانت أوصاف المسلم المثالي من وجهة نظر مباحث أمن الدولة إلي جانب انه منتشر في كل أنحاء مصر من أقصاها لأقصاها وحسب تصريح قرأته لأحد أعضائها هم يسيطرون علي 0062 مسجد في مصر وهي ليست مساجد فقط ولكن كانت مقرات للتجمع الحزبي وتجميع الأموال وتجنيد العناصر.. والشحن الديني وغسل العقول وبالتالي كانت لديهم إمكانية هائلة للحركة دون أدني تكلفة اضافة إلي انفتاح هذا التيار علي المملكة العربية السعودية التي احتضنته وتم توجيهه سياسيا ودعائيا من قبل التيارات الوهابية السعودية. لمصلحة من؟ ما هي المصلحة التي تعود علي المملكة العربية السعودية من دعم وتمويل التيارات الدينية بشكل عام والسلفية بشكل خاص؟ المملكة العربية السعودية في غاية الانزعاج من ثورة 52 يناير المصرية وقبلها من التجربة الناصرية ولعلنا نتذكر الحرب الطاحنة التي دارت بين الحكم السعودي وحكم عبدالناصر في الستينيات وكان ميدانها »اليمن« فقد كانت حربا بالوكالة بين الجيش المصري والسعودية وأمريكا والهدف الاساسي منها هو استنزاف الشعب المصري وقد أثرت تأثيرا كبيرا علي الجيش الذي كان من السهل توجيه ضربة قاصمة له في عام 7691.. ومعني انتصار الثورة المصرية هو تهديد لمنطقة الخليج المحافظة التي صمدت حتي الآن في مواجهة رياح التغيير ولذلك تدفق المال السعودي لبعض تيارات الإسلام السياسي والسلفيين قبل الانتخابات بهدف مساندة تلك التيارات للسيطرة علي الأوضاع ووقف المد الثوري الذي يعصف بمنطقة الخليج ويغير من معادلات القوي فيه إذا انتصرت الثورة المصرية. لماذا لم يثر الكلام علي هذا التمويل السعودي حتي الآن؟ هذا السؤال أوجهه للمجلس العسكري واتهمه بالانحياز إلي التيارات الإسلامية وإلي أعداء الثورة المصرية لان العدل يقتضي ان تقدم كل الجماعات التي كانت تمول من الخارج إلي التحقيق وليست حركة كفاية أو جمعيات حقوق الإنسان أو 6 ابريل وحدها حتي لا يكيل بمكيالين. لابد ان يبادر المجلس العسكري بفتح تحقيق شفاف معلن للرأي العام عن التدفقات النقدية الهائلة التي تم انفاقها علي الدعايات الانتخابية لحزب عمره لا يزيد علي أربعة أشهر.. كيف يمكن لحزب لم يكمل عامه الأول بالاعلان عن انشاء بنك بما يقتضيه هذا الإنشاء من توافر ملايين من الدولارات؟! كيف يمكن لحزب وليد بإنشاء جريدة بما تتكلفه هذه الجريدة؟! ويطلق أكثر من قناة فضائية علي ما تتكلفه هذه القنوات من تكاليف؟!.. إذا كنا جادين علينا بالفعل ان نكون محايدين وإلا فمن حقي ان أتهم هذا الموقف بانه موقف منحاز لا يحقق المصلحة الوطنية. العدالة الاجتماعية باعتبارا اشتراكيا بل انك أحد الوكلاء المؤسسين للحزب الاشتراكي المصري ما هي قراءتك لمستقبل الحزب بل و»الاتجاه« من خلال المؤشرات التي أسفرت عنها نتائج الانتخابات وكيف تتحقق العدالة الاجتماعية؟ في البداية أحب ان أوضح من وجهة نظري معني ان تكون اشتراكيا فهي درجة من السمو الإنساني الفكري والوجداني الذي يسمح لك بأن تتنازل طواعية عما تملك لصالح من لا يملك وهذا يحتاج إلي قدر عال جدا من الوعي والادراك والرفعة الإنسانية وهذا هو جوهر الدين والذين يتصورون ان اليسار معاد للدين »جهلة« لان الدين جوهره العدل والحنو علي الضعفاء في المجتمع.. خاصة مجتمعنا الذي بموجب اعلانات المجلس العسكري 07٪ منه فقراء و05٪ تحت حد الفقر و54٪ أميون و8 ملايين عاطل و6 ملايين يعيشون في مناطق عشوائية تحت حد الحياة البشرية المقبولة وتتملكه الأمراض.. ان من لديه الحس الانساني في الحد الأدني يجب ان يكون اشتراكيا ويدافع عن حق الناس فالاشتراكية هي التي تحقق العدالة الاجتماعية وتدافع عن حق الفقراء في الحياة ليس أكثر من ذلك.. العدل والانصاف يقول ان الدول التي يعم فيها الفقر والبطالة والجوع والتدهور الاقتصادي والاجتماعي لا مناص من تحقيق العدل الاجتماعي وعلي أي الأحوال هذا هو خيار الشعب الذي رفعه ملايين الجماهير في كل الميادين فكان شعار الثورة »عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية« هذا هو الخيار الحقيقي الذي صدر عن وعي وادراك وخرج تلقائيا دون تجييش الجيوش في الانتخابات للدفاع عن الإسلام من الكفرة!! انه شعار خرج من أفواه الناس التي نزلت إلي الشارع تطالب به وتعرضت للموت ودفعت من أجله فاتورة غالية وهي دماء الشهداء والضحايا المصابين بالآلاف. أما عن مؤشرات نتيجة الانتخابات فهي ليست خادعة. كيف؟ انها سلسلة متراكمة من التطورات حدثت بعد عام 7791 أدت في النهاية إلي تزييف وعي المجتع المصري تماما وبدايتها كانت منذ اعتماد سياسة الانفتاح الاقتصادي بما يعني ان الدولة ترفع يديها تماما من أي مساندة للطبقات الفقيرة وتنحاز انجيازا كاملا للطبقات الغنية.. اذن وكيف يتم التصرف مع هؤلاء الفقراء؟ كان الحل هو فتح أبواب دول الخليج والسعودية لهجرة ملايين من المصريين للعمل في بلاد النفط ليحصلوا علي الأموال التي يعود بها المواطن المصري بعد غسيل مخ تام وتجريف للوعي وتزييف للمعرفة والضمير والوجدان وتشويه لمعالم الفكر المصري الريادي الذي كان يمثل احدي القوي الناعمة الأساسية التي كانت تقود العالم العربي إذ تم استبداله بأفكار وهابية متطرفة حتي انها في رأيي الشخص تنتقص من سماحة وسمو الدين الإسلامي الذي اعتدنا عليه والذي رفع لواءه الأزهر الشريف بوسطية واعتدال وهناك مقارنة لعالم جليل وهو الإمام الراحل فضيلة الشيخ محمد الغزالي الذي قال ان »هذا الإسلام البدوي في مواجهة إسلام الحضارة والتحضر« إسلام الصحراء الجافة التي لم تر فنا ولا عاشت حضارة ولا أنجزت تقدما علميا ولا عرفت كما عرفنا نحن نهر النيل بكل عطائه وخصبه والاهرامات والآثار التي يري الوهابيون فيها »أصنام« و»عفن« يجب هدمها وان زيارتها أو الاعجاب بها كفر والحاد.. هذا الفكر الذي أتي من حضارة عنيفة بها قسوة ومضادة لطبيعة الإسلام الذي علمنا ان الله جميل يحب الجمال. لكن العدالة الاجتماعية جذورها إسلامية فهي تتحقق حينما يطبق صحيح الإسلام لن نجد فقيرا يستحق الصدقة وليس الزكاة كما حدث في عهد عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين؟ لو نجح الإخوان في تحقيق العدالة الاجتماعية بمصر سنرفع لهم القبعات وسنتحول جميعا إلي مؤيدين وانصار لهم ولكن كل المؤشرات تقول ان برنامجهم الاقتصادي يدافع عن الاقتصاد الحر وعن الرأسمالية وهناك تصريح لأحد قيادات الإخوان »حسن مالك« منذ حوالي شهر وهو المسئول عن الملف الاقتصادي بالحزب بان سياسات حسني مبارك سليمة جدا لولا ان شابها بعض الفساد فإذا كانت هذه هي رؤية الإخوان المسلمين فأنا أتحداهم ان يحققوا العدالة الاجتماعية أما حزب النور فبرنامجه الاقتصادي واضح والخطاب يقرأ من عنوانه »الدعوة لهدم البنوك باعتبارها بنوكا ربوية - الدعوة لهدم السياحة باعتبارها تحض علي الفساد واعتبار الاهرامات والآثار أصناما يجب هدمها- المطالبة بإلغاء الضرائب لان الزكاة تكفي«.. وهم ضد تدخل الدولة.. ان قضية العدالة الاجتماعية قضية انحياز اجتماعي شامل ولا يمكن فصلها عن مجمل توجه توزيع الثروة الوطنية »الكعكة« التي يجب اقتسامها بأكبر قدر ممكن من العدالة لتكفل للجميع الحد الأدني الإنساني لحياته والبديل عن ذلك هو اقتناص مجموعة من البشر »للكعكة« علي حساب الاخرين والحل هو »إذا خلصت النية« وصحت الارادة هو اتفاق الجميع علي خطة حقيقية للنهوض بالمجتمع يتم فيها ربط الاحزمة علي الأقل لعقد من السنين ومصادرة كل الممتلكات المنهوبة من الشعب واستعادة الأموال المسروقة والمهربة من الخارج ووقف تجريف الثروة الوطنية ووضع خطة للنهضة الاقتصادية الشاملة تلعب فيها الدولة الدور المركزي ويلعب فيها الاقتصاد التعاوني ادوارا مرسومة لهم.. هذه النهضة تكون علي أساس اعادة النظر في برنامج ومضمون العملية التعليمية بمصر وتوجيه أكبر قدر من الانفاق الوطني لصالح نظام تعليمي جديد يضارع المستويات العالمية وميزانية كبيرة للانفاق علي البحث العلمي لا تقل عن 4 أو 5٪ من الدخل القومي كما يحدث في الدول الكبري وكذلك في إسرائيل التي وصل فيها العلم والتكنولوجيا إلي مستوي لا ينبغي ان تهمل في اللحاق به وتجاوزه. كرسي البرلمان لكن واقع الأمر ان البرلمان قد تشكل بالفعل وهناك من يقول ان الشرعية الآن للبرلمان وليس لميدان التحرير أو الثورة فماذا تري؟ أري ان ارادة الثورة ستظل أقوي من كل ارادة والذي يتصور انه بكرسي البرلمان سيلغي ارادة الثورة فهو واهم لانه يجب ان يكون معلوما انه لم يجلس علي هذا الكرسي إلا لان هناك فاتورة كبيرة من دماء الشهداء التي سالت والاف المصابين والجرحي.. وعليه ان يدرك بتواضع انه إذا حاول ان يتصدي للثورة أو بجهض مسارها سيكون مآلة ومصيره هو مآل ومصير الحزب الوطني والنظام السابق لان هذه الثورة تستمد مشروعيتها الحقيقية من أنها التعبير الأسمي في تاريخ مصر عن ارادة المصريين. هل أنت متفائل؟ أنا شديد التفاؤل ومتأكد ان هذا الشعب الذي أنجز هذه الثورة الباهرة سيدافع عن ثورته وسيستمر فيها حتي يكمل كل أهدافها فحتي هذه اللحظة لم يتحقق الا اسقاط رأس النظام الفاسد أما النظام بما يعني العلاقات الاجتماعية والسياسية وطبيعة وهيمنة السلطة وأجهزة الدولة ومراكز صنع القرار والوجوه الفاسدة للعهد البائد فمازالت موجودة وتتحكم وتشن حملة تشويه متعمد يوميا في كل وسائل الإعلام الرسمية ضد الثورة، وفلول النظام يتحكمون حتي الآن في كل مواقع القرار فيها أما عن مدنية الدولة فهي مهددة بان تتحول إلي دولة دينية أو دولة عسكرية وكذلك العدالة الاجتماعية ولا الكرامة الإنسانية تحقق شيء منها حتي الآن ولذلك فالثورة مستمرة وسوف يكون نزول الناس بشكل ضخم وسلمي إلا إذا أرادت قوي الشر أن تجهض هذا اليوم لان الشعب المصري سيحرص علي بقاء الثورة خالية من العنف وقدم بالفعل الدليل علي ذلك يوم 52 يناير.