حالة من الترقب والقلق انتابت المستثمرين بعد الخسائر الفادحة التى لحقت بالبورصة المصرية الأسبوع الماضي، إذ إن أسهم البورصة خسرت فى ثلاث جلسات متتالية 36 مليار جنيه، الأمر الذى أثار حالة من الجدل بين الأوساط الاقتصادية، خاصة أنه يعد أول تراجع جماعى للبورصة منذ أحداث 30 يونيو.. واللافت للانتباه أن موجة الخسائر لم تتوقف بعد بل واصلت مسيرتها بخسائر متتالية عقب التفجيرات التى وقعت بجامعة القاهرة، إذ تزايدت عمليات البيع من قبل المستثمرين والمؤسسات التى تتعامل مع البورصة، الأمر الذى جعل البورصة تهوى لأدنى مستوياتها، ليبقى التساؤل هو السائد فى سوق المال، هل سيستمر مسلسل خسائر البورصة، وما الأسباب الحقيقية وراء هذه الخسائر، وما السبل التى لابد من إتباعها لإنقاذ سوق البورصة من نفق الخسائر المتتالية؟ لذا استطلعت النهار" آراء بعض خبراء الاقتصاد ومحللى المال للإجابة عن هذه التساؤلات والإجابة فى السطور التالية:- فى البداية أكد محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، أن الخسائر التى شهدتها البورصة خلال الجلسات الأخيرة لا تستدعى القلق على الإطلاق، خاصة أن سوق المال دائما ما تشهد خسائر وسرعان ما تعاودها سلسلة من المكاسب، مؤكداً أن خسائر البورصة نجمت عن انخفاض القوة الشرائية لبعض الأسهم وإختفاء الطلب على بعضها ، الأمر الذى تسبب فى استمرار الخسائر لعدة جلسات متتالية.. واضاف عادل أن البورصة سرعان ما ستعاود المكاسب من جديد خلال الفترة المقبلة، وبالأخص عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، حيث إن إستقرار الأوضاع السياسية سيساهم فى عودة المستثمرين من جديد للسوق المصرية، قائلاً: إنه منذ 30 يونيو الماضى حتى الآن كانت البورصة المصرية مرتفعة بنسبة 71% ، كما انه منذ بداية هذا العام حتى الآن ارتفعت مؤشرات البورصة بنحو 27% الأمر الذى جعل البورصة من أكثر البورصات العالمية ارتفاعاً فى مؤشراتها، فكل هذه الأمور تجعلنا على دراية بأن البورصة المصرية قادرة على استعادة وضعها حتى بعد هذه الخسائر. وأوضح عادل أن خسائر البورصة ليست مرتبطة على الإطلاق بأى أبعاد سياسية، خاصة فى ظل الأقاويل التى ترددت مؤخرا بأن هذه الخسائر مرتبطة بترشح المشير عبد الفتاح السيسى للرئاسة، لافتاً إلى أن الشائعات السياسية التى يتم تداولها هى السبب الرئيسى وراء خسائر البورصة. روشتة إنقاذ وطالب عادل بضرورة تشكيل هيئة تختص بتشديد الآراء التى يتم تداولها فى سوق المال للتخلص نهائياً من الشائعات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، الأمر الذى جعل المستثمرين ينساقون وراء هذه الشائعات، كما طالب المستثمرين بأن يكونوا أكثر حذرا وعدم الانسياق وراء أية شائعات يكون هدفها الاضرار بالاقتصاد المصرى ، كما أنه ينبغى على الشركات أيضاً أن تنصح مستثمريها بضرورة الإفصاح عن بل والكشف عن الإشكاليات التى تواجههم حتى يتم حلها والتخلص منها بشكل نهائي. بينما يرى محمد ماهر الخبير المالى نائب رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، أن عدم استقرار الأوضاع السياسية هو الذى أدى لانهيار البورصة المصرية، إذ إن إستمرار التفجيرات الإرهابية أدى لزيادة المخاوف من قبل المستثمرين على أموالهم، الأمر الذى دفعهم للاتجاه لبيع اسهمهم حفاظاً على إستثماراتهم، الأمر الذى أدى لهبوط البورصة لأدنى مستوياتها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وأضاف ماهر أن خسائر البورصة، رغم أنها دفعت الكثير من المستثمرين للبيع ، فإنها دفعت بعضهم أيضاً للإتجاه للإقبال على شراء الأسهم التى انخفضت أسعارها بشكل كبير، خاصة أن هذه الخسائر جعلت الأسهم تفقد 40% من قيمتها الشرائية، على أمل أن يتحسن الأداء الاستثمارى فى سوق المال وترتفع قيمة هذه الأسهم ومن ثم يستطيعون جنى الأرباح من ذلك. وأوضح ماهر أن خسائر البورصة الفادحة خلقت سلسلة من الضغوط على المستثمرين المحليين من أفراد وبنوك وصناديق استثمار، ومن ثم جعلت ثقتهم فى السوق المصرية تبدو مهتزة للغاية، ومن ثم أدت لزيادة القوة البيعية للأسهم وانخفاض القوة الشرائية، لافتاً فى الوقت ذاته إلى أن البورصة المصرية تعد مرآة لواقع الاقتصاد المصرى وهذا يؤكد أن الاقتصاد المصرى يمر بأسوأ ظروفه. وأعرب ماهر عن توقعه بتحسن أوضاع البورصة خلال الفترة المقبلة، خاصة ان البورصة المصرية تعد من أكثر البورصات العالمية قدرة على استعادة أوضاعها رغم أى ظروف عصيبة تمر بها، هذا بجانب أن استقرار الأوضاع السياسية والأمنية عقب الانتخابات الرئاسية سيساهم فى عودة الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد للسوق المصرية. فقد المكاسب وأيده فى الرأى الدكتور أسامة غيث ، المحلل المالي، إذ أكد أن الهبوط الحاد الذى شهدته البورصة جاء نتيجة تزايد القوة البيعية من قبل المؤسسات والأفراد للأسهم، الأمر الذى جعل البورصة تفقد المكاسب التى حققتها خلال الشهرين الماضيين.. وأوضح غيث، أن بيع الأسهم جاء من قبل الافراد والمؤسسات المصرية، الامر الذى دفع المستثمرين الأجانب لانتهاز الفرصة ليقوموا بالاتجاه للشراء الأمر الذى عكس أطماعهم لجنى أرباح والاستفادة من خسائر البورصة المصرية ، خاصة أن الاتجاه البيعى جعل هناك نقصاً فى السيولة المالية، إذ إن مؤشرات البورصة باتت تشهد عملية تسمى ب" تناقل للسيولة" بين أسهمها الأمر الذى أثر بالسلب على حجم الاستثمارات وهروبها من السوق المصرية، لافتا إلى أن هذه الخسائر تبدو طبيعية جراء تزايد المخاوف لدى المستثمرين من سوء الأوضاع الامنية بالشارع المصري، لاسيما فى ظل استمرار العمليات التفجيرية من قبل الإرهاب ولعل آخرها التفجيرات التى وقعت أمام جامعة القاهرة ، ومن ثم أفقدت البورصة 45 مليون جنيه بنهاية التداولات بها. وأضاف غيث أن الشائعات السياسية فى الشارع المصرى كان لها تأثير واضح على أسعار الأسهم بالبورصة، الأمر الذى سهل من التلاعب فى التعاملات المالية بها، لذا فإن البورصة لابد عليها أن تقوم بمراقبة جميع المعاملات المالية بدقة لمنع أى عمليات تلاعب بأسعار الأسهم، كما طالب سوق البورصة بسرعة القيام بإنشاء هيئة تتلخص مهامها فى الحفاظ على استقرار المعاملات بسوق المال وبحث إشكاليات المستثمرين وحلها .