ينظم بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب بالقاهرة، التابع لمكتبة الإسكندرية؛ بالتعاون مع وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، ورشة عمل مفتوحة للجمهور تحت عنوان "العلوم السياسية في مصر.. الواقع والمستقبل"، وذلك يوم الاثنين الموافق 27 يناير 2014 في تمام الساعة السادسة مساءً إلى الساعة التاسعة مساءً. تعقد وحدة الدراسات المستقبلية تلك الورشة لبحث واقع مدرسة العلوم السياسية المصرية وأزماتها الراهنة وآفاق مستقبلها في سياق التحولات السياسية المرتقبة. وشهد تاريخ مصر الحديث العديد من التحولات والمراحل الفارقة التي استوجبت إعادة النظر في بنية العلوم الاجتماعية وعلى رأسها العلوم السياسية، بعد أحداث الثورة العرابية والاحتلال البريطاني لمصر، ودعا الإمام محمد عبده إلى الخروج من ربقة السياسة الشرعية وإعادة تأسيس "علم سياسية مدنية"، فيما دعا لطفي السيد في أعقاب ثورة 1919 وتأسيس الدولة المصرية الحديثة إلى إعادة تأسيس العلوم السياسية من جديد على نمط السياسة الكلاسيكية، فراح يترجم أعمال أرسطو ونقلها إلى العربية لتكون أساسًا لعلوم سياسية تتعاطى مع الدولة المستقلة حديثًا والمنخرطة في صراعات سياسية حزبية ونضال من أجل الاستقلال والنهوض. ولم يخرج علم السياسية في هذه المرحلة عن مباحث القانون والاقتصاد وفروع العلوم الاجتماعية الأخرى، وكان تأسيس كلية الاقتصاد والعلوم السياسة 1960 خطوة نحو استقلال العلم وجزءً من محاولة نظام يوليو خلق مدرسة أكاديمية، تواكب توجهات المشروع الناصري. وكانت هذه الأكاديمية هى التي تأسست عليها المراكز البحثية المختلفة وأقسام العلوم السياسية في الجامعات المصرية، إذ انبنى علم السياسية في مصر منذ ذلك الحين على أساس من التقاليد السلوكية ، وظلت هذه التقاليد مهيمنة على موضوعات ومناهج ومفاهيم العلم بشكل أعاق تطور هذا الفرع من العلوم الاجتماعية. أوجدت حالة السكون التي تمكنت من هذا الحقل محاولات لتطوير العلم وإعادة بناء تقاليد العلم على أسس ما بعد حداثية وربما إسلامية غير أن هذه المحاولات لم تنجح في تطوير الحقل بما يكفي لتفسير الواقع السياسي والمجتمعي المتغير والمأزوم بأزمة النظام السياسية، ناهيك عن القدرة على التنبؤ بمستقبله، فأصبح شرح الأوضاع القائمة دون محاولة طرح سبل لتغييرها هو جل اهتمام أساتذة العلوم السياسية وباحثيها. وربما تتمثل أهم التحولات التي خلفتها الثورات التي تعصف بالمنطقة في انفتاح مدرسة العلوم السياسية على المجتمع، فوقع الجهد الأكبر على أساتذة العلوم السياسية في تحليل وتفسير الظواهر المصاحبة للتحول السياسي العميق الذي خلفته ثورة يناير وما أعقبها من تحولات على كل المستويات من ناحية، ومن ناحية أخرى فتحت الثورة الباب أمام العديد من هؤلاء الأساتذة ليلعبوا دورًا في الحياة السياسية وكانوا عناوين الكثير من الأزمات الإعلامية. لقد كان الواقع العملي مساحة عريضة وخصبة لاختبار تفسيرية العديد من النظريات السياسية، وكشف انخراط عن الهوة العميقة التي تفصل عالم النظرية عن مكونات الواقع الاجتماعي المصري بما يستدعي النظر في واقع حال العلوم السياسية في مصر ومدى قدرتها على تطوير آليات جديدة تتناسب والواقع الجديد والمتغير. وتشتمل الورشة على عدة محاضرات يبدأ اليوم الأول الاثنين الموافق 27 يناير 2014 بمحاضرة للدكتور محمد صفار تحت عنوان "العلوم السياسية في مصر.. تاريخ الحقل واتجاهاته"، ثم محاضرة للدكتورة أمل حمادة تحت عنوان "عقدة السلطة: العلوم السياسية ونماذج التغير الاجتماعي والسياسي"، ويأتي اليوم الثاني الثلاثاء الموافق 28 يناير 2014 بمحاضرة للدكتور إسلام حجازي تحت عنوان "العلوم السياسية ومستقبل الدراسات الشبابية في مصر"، ثم حلقة نقاش لمجموعة من أساتذة وباحثي العلوم السياسية تحت عنوان "سيناريوهات تطور العلوم السياسية في مصر".