شهدت مصر تغيرا كبيرا فى سياستها الخارجية، عقب ثورة 30 يونيو، حيث تزايدت المطالب بتحقيق علاقات خارجية قائمة على الاحترام والندية، وفى سبيل تحقيق توازن فى العلاقات الدبلوماسية المصرية والخروج من عباءة التبعية الأمريكية، اتجه النظام المصرى إلى روسيا، لإعادة العلاقات المصرية الروسية إلى ما كانت عليها فى فترة الستينيات، وذلك فى فى ظل وجود رغبة قوية من جانب روسيا لإعادة تلك العلاقة إلى دفئها القديم كيف يري الخبراء تطور هذه العلاقة التفاصيل في السطور التالية: سعد عبود: التطور في العلاقات المصرية الروسية تغير استراتجي كبير بالمنطقة من جانبه، قال البرلمانى السابق سعد عبود، تعليقا على زيارة الوفد الرسمى الروسى الأخيرة لمصر، التى ضمت وزيرا الدفاع والخارجية الروسيين، إن سعى مصر لإقامة علاقات مشتركة قوية مع روسيا تغير استراتيجى كبير فى سياسة مصر وهو تغير محمود، مشيرا إلى أن صحف العالم جميعها اهتمت بهذا التغير، لأنه تغير استراتيجي. وأكد عبود أن مصر استطاعت أن تمتلك قرارها لتعيد صياغة علاقتها بتوازن محمود كنا ننادى به منذ فترة طويلة ، مشيرا إلى أن هذا التوازن يعود علينا بفائدة كبيرة، موضحا أنه لا يجعلنا فريسة وتحت رحمة إملاءات سياسية من دولة عظمى أو أخرى، خاصة أن عصر القطب الوحيد أوشك أن ينتهي، وبدأنا فى ثنائيات متعددة، بل أكثر من قطب ابتدأ يظهر على سطح، لذا علينا أن نستبق الأمور ونقيم علاقات متعددة ومتوازنة مع جميع الدول، خاصة مع روسياوالصين، لافتا إلى أن الأخيرة ستكون خلال عامين الدولة الأولى فى العالم اقتصاديا. واعتبر البرلمانى السابق، التعاون مع روسيا «شيء عظيم»، لافتا إلى أننا فى السابق تعاونا مع الاتحاد السوفيتي، قمنا خلال تلك الفترة السابق ببناء مصانعنا والسد العالي، وعندما قررنا الاستغناء عن الروس، استغنينا عنهم بدون أى مشاكل، مشيرا إلى أن كل هذا يدل أن العلاقة كانت قائمة على المصلحة المتبادلة، مستطردا:»نحن نشجع هذا النوع من السياسية». وتعليقا على وصف بعض الصحف العالمية لما حدث من تقارب بين مصر وروسيا بأنه «لطمة» على وجه الإدارة الأمريكية، قال عبود: إن الخارجية المصرية تحاول أن تخفف من هذا الوضع، وتقول إن ذلك ليس على حساب المصالح الأمريكية، مشيرا إلى أن أمريكا تعلمت درس جيد وهو أن الشعب المصرى هو صانع قراره، ولم يسمح بالتدخل فى شئوننا الداخلية، ويجب أن يكون قراره مستقل وتنميتنا مستقلة، حتى يمكن لنا أن نوجه قدرتنا الاقتصادية لما يخدم مصالحنا بدون إملاءات أجنبية، ولكل هذا بلا شك أمريكا بمواقفها السيئة وممارساتها السيئة خلال ال 20 عام الماضية أدت إلى هذه النتائج، لافتا إلى أنه لا أحد ينسى غزو العراق تحت ذرائع ثبت بطلانها، ومحاولتهم الآن تدمير سوريا ، مؤكدا أن هذه الممارسات السلبية تنعكس على الأمة العربية ، وتؤكد أن أمريكا تسعى لتدمير الدول العربية، مشددا على أن كل هذا فى وجدان الشعب. ولفت عبود إلى أن أمريكا أقامت علاقات مع الصين عندما اقتضت مصلحتها ذلك وانفتحت على الشرق، وأتت بالصين فى الأممالمتحدة لتكون ضمن الخمس أعضاء أصحاب حق الفيتو، مضيفا :إذا كانت مصلحتهم اقتضت ذلك فيجب ألا يقفوا أمام مصلحتنا»، وأشار إلى أن التعاون الجديد بيننا وبين روسيا يذكرنا بما حدث فى الخمسينات عندما امتنع الغرب عن إعطائنا سلاح بعد عدوان غشيم على غزة تم فى عام 1955، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعقدنا أول صفقة تسليح جاءت عن طريق تشوكوسلافيا، وهى كانت فى حضن الاتحاد السوفيتي، ورفضوا بعد ذلك تمويل السد العالي، ولجأنا للسوفيت، ومولوا لنا السد العالي، مؤكدا أن سياسة مصر ايجابية منذ القدم نسالم من يسالم معنا ونعادى من يعادينا، ومصالحنا لابد وأن يكون لها الأولوية القصوة فى تعاملنا مع الشرق أو الغرب. وشدد عبود على أنه لا يرحب بأن تتأزم علاقتنا مع أمريكا لأنها دولة عظمى ولنا معها مصالح، ويجب علينا أن نقسم، ويجب علينا أيضا أن نوطد علاقتنا بروسيا لأنها تسعى أن تستعيد قوتها وأن تكون دولة عظمى، مؤكدا ضرورة أن نستعيد علاقتنا مع الصينوأمريكاوروسيا بشكل متوازن ، لافتا إلى أن روسيا سوف تحقق مكاسب ضخمة من هذه العلاقات، حتى تعيد مكانتها وتضع أن قدمها فى البحر الأبيض المتوسط ، لافتا إلى الفائدة ستكون مشتركة مع عودة العلاقات المصرية الروسية. عزازى على عزازى : تصريحات وزير الخارجية عن عدم استبدال قوى بأخرى غير لائقة عزازى على عزازى المتحدث باسم جبهة الإنقاذ وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى، قال إننا كنا نطلع دائما إلى أن تقيم مصر علاقات الخارجية بشكل يعكس استقلالها وإرادتها ووزنها التاريخى والجغرافى فى المنطقة، وقد اختطفت مصر زمنا طويلا باتجاه الغرب منذ حوالى 40 عاما - أقصد أمريكا وأوربا -، وكانت النتيجة هى ما وصلنا إليه من تدهور اقتصادى وسياسى واجتماعي، وتبعية كاملة لهم، مضيفا: وكنا نتطلع دائماً إلى علاقات متوازنة بالشرق والغرب، وتنوع وتعدد مصادر الاستثمار والسلاح، والدعم الاقتصادى مع كافة الدول المؤثرة فى العالم، ولكن ما حدث كان العكس، وهو ما ينبغى أن يتم تصحيحه الآن، فى علاقات متوازنة لمصر شرقاً وغرباً، والاستفادة من القدرات والإمكانيات الروسية، لتنمية وتطوير هذا الأمر فى إطار استقلال الدولة المصرية والخروج من حاله الحصار التى يمارسها الأمريكان والغرب، خاصة بعد الثورة. وانتقد، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ، تصريحات وزير الخارجية المصرية بأننا لا نسبدل قوى بأخرى، وقال أنه ما كان ينبعى أن يقال دبلوماسيا فى وجود وزيرى الدفاع والخارجية الروس بالقاهرة، مشيرا إلى أنهم تحدوثوا عن علاقات طبيعيى وكاملى بينهم وبين مصر بعد الثورة، وكان ينبغى أن نبادلهم دبلوماسياً نفس اللغة، ولكن طاقة الانجذاب تجاه أمريكا «لأسباب مفهومة»، جعلت التصريحات تأتى أقل من مستوى الحدث، مؤكدا أن الدفع بالعلاقات المصرية الروسية، حدث كان لابد وأن نكون على مستوى الحدث. ولفت «عزازي» إلى أننا نعيد التوازن فى المنطقة لصالح إرادتنا، اللواء يسرى قنديل : العلاقات التى تبنى على المصالح هى التى تدوم من جهته، قال اللواء يسرى قنديل، رئيس استخبارات القوات البحرية الأسبق، إن العلاقات المصرية الروسية علاقات سابقة، مشيرا إلى أن العلاقات السابقة كانت مثمرة للطرفين، ومبنية على المصالح، موضحا ان مصر كانت مصلحتها فى ذلك الوقت -فترة الستينيات - هى أن تبنى السد العالى، وأن تستورد أسلحة من الاتحاد السوفيتي، مقابل أن الاتحاد السوفيتى كان له مصالح أن ينتقل من المياه الباردة إلى المياه الدافئة فى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر بأساطيله، لافتا إلى أن روسيا تمكنت فى هذه الفترة أن تقوم بعمل علاقات طيبة مع مصر وسوريا وليبيا والجزائر على البحر المتوسط وكذلك أثيوبيا واليمن الجنوبية على البحر الأحمر، موضحا أن المصالح كانت متبادلة، مؤكدا أن العلاقات التى تبنى على مصالح هى التى تدوم.. ولفت رئيس استخبارات القوات البحرية الأسبق، إلى أنه حدث فى فترة السابقة لحرب أكتوبر، إن أراد الرئيس أنور السادات، أن ينسب نصر أكتوبر لمصر فقط، وذلك شيء مشروع، فطلب من خبراء السوفيت أن يعودوا إلى وطنهم، بحيث تكون عملية تحرير سيناء عملية مصرية بالدرجة الأولى، وبعد حرب أكتوبر اتجه السادات لتنويع مصالح السلاح، فمثلا خدنا سفن حربية من انجلترا واسبانيا والصينوأمريكا، طبعا لكى لا يكون هناك احتكار لجهة معينة هى من تعطينا سلاح، مستطردا أن إعادة العلاقات المصرية الروسية ستحقق توازن، لأن انفراد أمريكا بالعلاقات مع مصر، وهيمنة أمريكا على هذه العلاقات منذ معاهدة السلام ليس فى صالح مصر. وأكد «قنديل» أن مصر يهمها جدا أن تعدد مصادر السلاح، وألا يقتصر تسليحها من أمريكا فقط، مشددا فى الوقت ذاته على أنه يجب أن تظل هناك علاقات جيدة مع أمريكا، وفى نفس الوقت فتح علاقات جيدة مع روسيا علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية، لأن ذلك سيكون فى صالح مصر. وشدد رئيس استخبارات القوات البحرية الأسبق، على ضرورة أن يكون لدينا تصنيع حربي، حيث قال: لابد من أن ننشط هيئة التصنيع العربي، وأن نتعاون مع دول أجنبية تمتلك التكنولوجيا الحية ومتقدمه جدا فى تصنيع الأسلحة وأن نقوم بعمل علاقات جيدة معها - مصالح - وكذلك مع الدول العربية نفس الوضع، ولابد أن نبدأ من الآن لأنه إذا لم نعتمد على غذائنا وسلاحنا بأنفسنا سنصبح رهينة للاحتكار وإلى أن يتحكم غيرنا فى قرارانا، لذا أحيى هذه العلاقة بينا وبين روسيا، مشيرا إلى أنها امتداد لعلاقات سابقة، وإذا كان هناك دروس مستفادة بينا وبين بعض فى علاقاتنا السابقة، لابد أن نعظم الفوائد وأن نقلل النواقص التى حدثت فى الماضي وحول السلاح الروسى بالمقارنة بالسلاح الأمريكي، قال قنديل: إن هذه الدول تتطور فى صناعة الأسلحة طبقا لتطور التكنولوجيا، ونحن الآن نعيش فى عصر الحواسب الآلية ثورة الاتصالات وثورة المعلومات، وهذه الثورة عمت كل من المدارس الشرقية التى تمثلها روسيا والمدرسة الغربية التى تمثلها الولاياتالمتحدةالأمريكية، و كلاهما تطور طبقا للتطور التكنولوجي. وتابع: نحن تعاملنا سابقا بالأسلحة الروسية وكسبنا بها فى حرب أكتوبر، مشددا على أن الحاجة المهمة الآن مع التطور التكنولوجى أن يكون الأفراد الذين سيستخدموا هذه الأسلحة على مستوى استخدام هذه الأسلحة، موضحا أنه فى حرب أكتوبر تم تجنيد المؤهلات لاستخدام الأسلحة الروسية فى تلك الفترة، وأشار إلى أننا نريد الأسلحة المتطورة تكونولجيا وبخاصة أسلحة الدفاع الجوى وطائرات هيلكوبتر ثم سفن حربية، واستطرد: لابد من تأهيل وتدريب للمؤهلات حتى يتولوا استخدام هذه الأسلحة المتطورة تكنولوجيا.. هم سيعطوننا أسلحة متطورة تكنولوجيا، لذا لابد فى المقابل أن نطور التأهيل للجنود والضباط حتى يستخدموا هذه الأسلحة. د: حازم عبد العظيم : التبعية لأمريكا بدأت تتخلخل من ناحيته، قال الدكتور حازم عبد العظيم، الناشط السياسي، إنه من الواضح جدا أن مصر أصبحت بعد 30 يونيو تأخذ اتجاه مختلف تماما عما قبل 30 يونيو، مؤكدا أن الأمر لم يكن فقط للتخلص من جماعة الإخوان المسلمين فقط ، ولكن أتضح أنه أكبر من ذلك، لافتا إلى أن التبعية لأمريكا بدأت تتخلخل، مشيرا إلى أن الوفد الشعبى الدبلوماسى الذى زار روسيا كان يمهد لعودة العلاقات المصرية الروسية. وأضاف عبد العظيم، أن ما يحدث بالنسبة لمصر شيء فوق الممتاز، مشددا على أن التوازن بين الدول العظمى؛ أمريكاوروسيا يصب فى مصلحة مصر، وأن تنوع مصادر الأسلحة مهم جدا بالنسبة لمصر، مستطردا: «والقضاء على باقى الإخوان فى الفترة المقبلة سوف يدفع مصر إلى انطلاقة قوية للأمام. وحول التصريحات التى خرجت من جانب المسئولين المصريين والروسيين خلال الزيارة الروسية الرسمية الأخيرة لمصر، قال عبد العظيم إن جميع التصريحات ودية تعكس أن هناك تقارب بين الدولتين، موضحا أن هذا الموقف مختلف تماماً عما قبل 30 يونيو، مشددا فى الوقت نفسه على ضرورة أن تستمر العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولفت عبد العظيم إلى أن انتقاد السيناتور الأمريكى جون ماكين، المرشح الرئاسى السابق، لجون كيرى، وزير الخارجية الأمريكي، واتهامه بأن أمريكا ليس لها سيادة على مصر، يؤكد أن هناك تخبط داخل أمريكا بسبب التطورات الأخيرة، متوقعا أن يتم مراجعة قرار منع المساعدات الأمريكية لمصر التى تم منعها الفترة الماضية، بعدما لاحظت الولاياتالمتحدة أن هناك إعادة علاقات بين مصر وروسيا. وأكد عبد العظيم، أن زيارة الوفد الروسى إلى القاهرة، وتقارب روسيا يعتبر «صفعة» لأمريكا، مضيفا أن الوضع فى مصر يدعو للتفاؤل، مشيرا إلى أن مشهد لقاء الفريق أول عبد الفتاح السيسى ل»سيرجى شويجو» وزير الدفاع الروسي، كان قويا ويدعو للتفاؤل، لافتا إلى أن السعودية تلوح أنها ستمول الأسلحة القادمة من روسيا ب 2 مليار دولار وهذا أمر مبشر.