عادت من جديد أزمة مياه الشرب للشارع المصرى خلال هذه الأونة ، لاسيما بعدما شهدت قرية الزهراء بالشرقية منذ بضعة أيام قلائل ،تسمم 80 مواطن جراء مياة الشرب الملوثة، الأمر الذى أثار حالة من الرعب والهلع بين المواطنين، وفتح على أثره ملف المياه الملوثة التى يشربها المصريون والتى سرعان ما تؤثر بالسلب على صحتهم وهذا ما أكدته عدد من التقارير الصحية. فقد كشف تقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الانسان، عن أن حوالى 83 مليون مواطن مصرى يشربون مياة ملوثة، الأمر الذى تسبب فى تزايد حالات الإصابة بالفشل الكلوى والتسمم بالكثير من محافظات الجمهورية. « النهار» ناقشت الظاهرة والتى باتت قنبلة موقوقتة تهدد حياة المصريين؟، طارحة التساؤل هل اجتاحت أزمة مياة الشرب الملوثة محافظات الجمهورية؟.. والإجابة فى السطور التالية . الشرقية ففى محافظة الشرقية وبالأخص قرية الزهراء ظهرت حالة تسمم كبيرة للمواطنين هناك، دون معرفة السبب الرئيسى وراء ذلك وتم نقل الكثير من المواطنين على الفور إلى المستشفيات ، وأجمع أهالى القرية على أن التسمم الذى تعرض إليه المواطنين بالشرقية هو نتيجة لتلوث مياة الشرب، وهذا ما أكدته تقارير وزارة الصحة ، إذ أرجع الأهالى تلوث المياه بأنه نتيجة طبيعية جراء مرور مواسير مياة الشرب من داخل ممرات الطرنشات الأهلية. المنوفية واللافت للإنتباه سيناريو مياه الشرب غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، ظهر من قبل أيضاً فى قرية صنصفط بالمنوفية ، ونجم عن ذلك تسمم ألف مواطن إذ تأكد أن حالة التسمم التى تعرض لها الأهالى بالمنوفية هى نتيجة لتلوث مياة الشرب، وهذا ما أكده الدكتور محسن عبد الرازق، نائب مدير مستشفى منوف العام، إذ أكد وقتها أن التقارير الأولية جراء تحليل عينات المياه التى تم سحبها من محطتى المياه بالقرية أكدت وجود تلوث بالمياه. ولم يتوقف الأمر على ذلك بل ظهرت مشاجرات واشتباكات وإعتداءات من الأهالى على مالك محطة المياة، وقاموا بإشعال النيران فى إطارات السيارات، ليكون ذلك بمثابة رسالة يتم إيصالها للحكومة والمسئولين بالدولة، إلا أنه كالعادة ظلت الحكومة ودن من طين وودن من عجين. الدقهلية ولم تبتعد كثيراً محافظة الدقهلية عن سيناريو مياه الشرب الملوثة، إذ أكدت تقاريرمعامل المنصورة التابعة لوزارة الصحة ، عن تلوث مياه الشرب فى ستة مراكز بالمحافظة ، وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى، وهذه المراكز هى أجا والمنزلة ودكرنس وميت غمر والجمالية وبلقاس. وأوضحت التقارير وجود زيادة الكلوريدات والأملاح بالمياة، هذا بجانب وجود لون أصفر بها جراء زيادة المنجنيز بنسب عاليه بها، فضلاً عن ارتفاع المجموعات القولونية جراء اختلاط مياه الصرف الصحى بمياه الشرب، الأمر الذى يجعل مياه الشرب بالمحافظة غير صالحة للاستخدام الادمي. وكالعادة خرج بعدها رئيس شركة مياه الدقهلية ، واتهم معامل وزارة الصحة بعدم الدقة فى التقارير التى تصدرها ، فضلاً عن أن معامل الوزارة تتسم بعيب وهو الطرق البدائية فى أخذ العينات. الغربية واستكمالاً لكارثة تلوث مياه الشرب، فقد لحقت هذه الأزمة بمحافظة الغربية ايضاً ، إذ أكدت نتائج التحاليل المعملية التى أجراها محمد حافظ مدير إدارة صحة البيئة بالغربية سابقا وخبيراستشارى فى معالجة مياه الشرب والصرف الصحي، وإكتشف تلوث مياه الشرب بالمحافظة ، إذ أن المياه باتت محملة بمواد مشعة منها اليورانيوم، وكشفت التقارير فى الوقت ذاته عن السبب وراء تلوث المياه بالمحافظة، هو نتيجة طبيعية لإلقاء مخلفات المصانع فى النيل، خاصة وأن الغالبية العظمى من الشركات الموجودة فى مدينتى المحلة وكفرالزيات تلقى بالصرف الصناعى الخاص بها فى نهر النيل دون أن تجرى أى معالجة به. وأوضح الكميائى محمد حافظ أنه فور اكتشافه هذه الكارثة لم يصمت، وتقدم ببلاغ برقم 123 لسنة 2011 ضد كل من اللواء عبد الحميد الشناوى محافظ الغربية الأسبق، والدكتور شريف حمودة وكيل وزارة الصحة بالغربية، وعدد من المسئولين بوزارة الصحة، إلا أنه لا حياة لمن تنادى ولم يتم حل هذه الأزمة. وحول أراء الخبراء عن الأسباب الحقيقية وراء تلوث مياه الشرب، أكد الدكتور أحمد عبد العظيم ، استشارى الميكروبيولوجى بكلية العلوم بجامعة قناة السويس، ان السبب الرئيسى وراء تلوث مياه الشرب، هو أن مواسير المياه يتم تصنيعها من مادة الاسبستوس، وهذه المادة ضارة بل وسامة على صحة المواطنين، والدليل على ذلك أن كثير من البلدان العربية والأجنبية تحرم تداولها، وبالتالى هذا الأمر هو ما قد يسبب حالات تسمم للمواطنين. وأضاف عبد العظيم أن تلوث المياه لا يتوقف على ذلك فقط، بل قد يرجع أيضاً لاختلاط مياه الصرف الصحى بمياه الشرب، خاصة وأن مواسير المياه تكون قريبة من أماكن الطرنشات، لافتاً إلى أن محطات معالجة مياه الشرب بالمحافظات تفتقد الدقة والكفاءة فى أخذ العينات التحليلية وبالتالى يزيد هذا الأمر من حجم الكارثة. وأشار عبد العظيم إلى أن الحل الوحيد لمنع هذه الكارثة هو تشديد الرقابة على محطات معالجة المياة وتزويدها بالتكنولوجيا الحديثة فى أخذ عينات المياه وتحليلها، وكذلك ضرورة إخضاع شركات مياه الشرب المستقلة لإشراف الدولة فى تحليل العينات. بينما أكد محى الدين زيدان، عضو بالمركز القومى لبحوث المياه، أن تلوث المياه هو نتيجة طبيعية لغياب الصيانة الدورية على محطات المياه، الأمر الذى يزيد من البكتيريا والأملاح بالمياه وبالتالى يزيد من نسب تركيز المنجنيز، وعندما يدخل ذلك معدة الإنسان فيسبب له حالة تسمم. وأضاف زيدان أن الأمر لم يتوقف على ذلك، بل يوجد إهمال من الحكومة جراء الكسور والشروخ التى تلحق مواسير مياه الشرب، ومن ثم يتسبب ذلك فى اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، لافتاً إلى أن هذا الأمر يؤكد غياب حملات الصيانة الدورية من قبل شركات مياه الشرب. وطالب زيدان بضرورة إجراء عمليات إجلال وتجديد لمواسير مياه الشرب لضمان سلامتها وصلاحيتها، حتى تساهم فى الحفاظ على حياة المواطنين، خاصة وأن المياه الملوثة تتسبب فى زيادة نسب الفشل الكلوى بين المواطنين ، لذا لابد من التشديد على شركات القابضة لمياه الشرب وكذلك الشركات المستقلة بضرورة غسل الشبكات وتطهيرها بصفة مستمرة لمنع وجود أية رواسب بالمياه .