نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أمس الجمعة ، ملابسات تجنيد إسرائيل لعدنان ياسين قبل 20 عاماً، وأوضحت كيف تم كشف عملية "الموساد" في زرع أجهزة تنصت داخل مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تونس قبل توقيع اتفاق أوسلو . ونقلت صحيفة "الخليج" الاماراتية عن تقرير أعده محرر الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة والمقرب من دوائر الأمن رونين بيرغمان، أشار إلى أن إسرائيل كانت تبحث عن وسائل للتجسس على قيادة منظمة التحرير بعد مغادرتها بيروت عام 1982 .
وأوضح أن القيادة الفلسطينية شددت الإجراءات الأمنية حولها في تونس غداة اغتيال الشهيد خليل الوزير(أبو جهاد) في 1988 ما جعل الموساد يستصعب الحصول على معلومات من هناك .
وكانت الفكرة أن يجند الموساد أفراداً من رجال المنظمة الذين يكثرون السفر من تونس لأوروبا خاصة فرنسا وتم اختيار فندق المريديان في باريس الذي داومت شخصيات فلسطينية على الإقامة به كما هو الحال مع الطواقم الجوية في شركة الطيران الإسرائيلية(العال) .
ومن ضمن التسميات المرشحة للتجنيد عدنان ياسين ابن ال53 في 1992 الذي عمل نائباً لسفير فلسطين في تونس، حكم بلعاوي، ومسؤولاً عن مشتريات القيادة الفلسطينية وسفرياتها . وقالت الصحيفة إن “الموساد” اختار ياسين للمعرفة المسبقة بميوله للفساد ولمرافقته زوجته رحلاتها العلاجية لفرنسا بعدما أصيبت بالسرطان في 1989 .
وانطلقت عملية الموساد "صوف الذهب" في 1992 عندما انتدب وكيلاً يتحدث العربية منتحلاً شخصية رجل أعمال مصري يدعى “حلمي” دأب على الإقامة في فندق المريديان .
وتابعت الصحيفة، "كانت الخطة تقتضي أن يجلس “حلمي” داخل مطعم الفندق وعلى طاولته مفتاح غرفته الفندقية وصحيفة عربية شهيرة لتكون طعماً يسترعي انتباه النزلاء المستهدفين لخلق تماس اجتماعي عفوي" .
وهذا ما حصل بعدما طلب أحد رجالات المنظمة الصحيفة من الوكيل السري ليقرأها وفي اليوم التالي تكررت التجربة مع عدنان ياسين نفسه من دون القيام بما من شأنه إثارة الشبهات .
ومن هنا بدأت تتطور محادثات وعلاقات لاسيما أن "رجل الأعمال" أظهر أعماله الناجحة في تجارة الأثاث وذكر بشكل عابر اسم رجل أعمال ناجح تربطه علاقات صداقة مع السفارة الإيرانية في باريس .
وبحسب الصحيفة ابتلع عدنان ياسين الطعم وصار يلح على “رجل الأعمال المصري” أن يعرفه على صديقه رجل الأعمال المقرب من السفارة الإيرانية .
وخلال لقاء “حلمي” وياسين في مطعم باريسي فاخر كان رجال الموساد يراقبونهما عن كثب لتشكيل انطباع عن الرجل .
التقرير الذي يعتمد على ملف التحقيق الفلسطيني بالقضية تحت قيادة أمين الهندي يشير إلى أن الموساد جنّد ياسين بعد شهر من لقاء “حلمي” معه . وصار ياسين يزود مشغله الإسرائيلي”، جورج، بمعلومات عن كل ما يتعلق بمنظمة التحرير .
وساهمت معلوماته الاستخباراتية التي قدمها مقابل بضع آلاف من الدولارات في رصد تحركات الشهيد عاطف بسيسو في باريس في منتصف 1992 واغتياله .
وتوضح الصحيفة أنه بعدما خفت وتيرة وكمية المعلومات الواردة من ياسين قرر “الموساد” تغيير طريقة عمله فاستغل معلومة أتى بها ياسين صدفة مفادها أن أمينة عباس "أم مازن" زوجة عبّاس، طلبت منه إحضار مقعد طبي لزوجها بسبب معاناته من أوجاع بالظهر ومصباح لطاولته لضعف بصره .
وبادر الموساد لزرع جهازي تنصت داخل المقعد والمصباح المبني بطريقة فنية وتم نقلهما بواسطة ياسين من فرنسالتونس في إبريل/ نيسان 1993 وكل ذلك مقابل 3 آلاف دولار .
وكان جهاز التنصت الحديث يعمل فقط عندما يجلس شخص على المقعد ويتحدث . وتلقت “إسرائيل” معلومات مباشرة عبره من مكتب محمود عباس في تونس . ومن ضمن المعلومات التي بلغت “الموساد” وجود مفاوضات سرية بين “إسرائيل” وبين منظمة التحرير في أوسلو، ما أغضب رئيس الموساد شفتاي شفيط وقتها لأنه، كبقية رؤساء الأمن، لم يكن على اطلاع بالأمر من المستوى السياسي .
وبعد 3 أسابيع توقف الجهازان عن البث وتعذّر الاتصال بياسين الذي اعتقل بيد رجالات المنظمة، واعترف أمامهم بعمالته .
وترجّح الصحيفة عدة سيناريوهات حول كيفية فضح المؤامرة . ومن ضمن ذلك تشكك عباس نفسه بتعرضه للتنصت بعدما أبلغه الطاقم المفاوض في أوسلو بأن “الإسرائيليين” “يقرأون أفكارهم” ويعرفون عنهم كل شيء . وهناك سيناريو آخر مفاده أن فرنسا تمكّنت من كشف العميل خلال التحقيق في اغتيال بسيسو، وفي خيار ثالث تتحدث عن قيام طرف سياسي “إسرائيلي” بالكشف عن العميل كي لا تبلغ المعلومات ل”الموساد” الذي عارض السلام مع الفلسطينيين .
يشار إلى أن القيادة الفلسطينية حكمت على ياسين بالسجن 15 عاماً بدلاً من الإعدام بعد ضغط “إسرائيلي” كبير، وتم اصطحابه إلى غزة في 1994 وبعد عامين نقل لدولة أجنبية .