عاش من أجل من مصر ،لم يبخل عليها يوما بلحظة من عمره،ولا قطرة من دمه ،وهبها حياته وفكره،لذا كانت مصر تعيش أبدا فى وجدانه ، ورحلة كفاحه صورة نابضة بالحب لشعبه ووطنه كما سطرها التاريخ منذ مولده بميت أبو الكوم وتدرجه فى التعليم حتى تخرج ضابطا من الكلية الحربية ودخوله السجن ،ودوره البارز فى ثورة يوليو وتقلده العديد من المناصب الى أن تولى رئاسة الجمهورية ليحقق لبلاده أروع الانجازات ... بلا شك انه الرئيس الراحل محمد أنور السادات رجل الحرب والسلام. نبدأ رحلتنا من مسقط رأسه بقرية ميت أبو الكوم ، حيث ولد الرئيس السادات فى 25 ديسمبر 1918 بمحافظة ، تلقى تعليمه الاول فى كتاب القرية على يد الشيخ عبد الحميد عيسى ،ثم انتقل الى مدرسة الاقباط الابتدائية بطوخ دلكا وحصل منها على الشهادة الابتدائية. التحق عام 1935 بالمدرسة الحربية لاستكمال دراساته العليا ،ثم تخرج من الكلية الحربية ضابطا برتبة ملازم ثان،وتم تعيينه فى مدينة منقباد جنوب مصر. تأثر السادات فى مطلع حياته بعدد من الشخصيات السياسية والشعبية فى مصر والعالم،وقد ساهم هذا التأثير فى تكوين شخصيته النضالية ورسم معالم طموحه السياسى من أجل مصر. دخل السادات السجن لاول مرة أثناء خدمته العسكرية اثر لقاءاته المتكررة بعزيز باشا المصرى الذى طلب من السادات مساعدته للهروب الى العراق ،بعدها طلبت منه المخابرات العسكرية قطع صلته بعزيز المصرى لميوله المحورية ،غير أن السادات لم يعبأ بهذا الانذار فدخل على اثر ذلك سجن الاجانب فى فبراير عام 1942. خرج السادات من سجن الاجانب فى وقت كانت فيه عمليات الحرب العالمية الثانية على أشدها ،وعلى أمل اخراج الانجليز من مصر كثف السادات اتصالاته ببعض الضباط الألمان الذين نزلوا مصر خفية،فاكتشف الانجليز هذه الصلة بين السادات والالمان،فدخل المعتقل سجينا للمرة الثانية عام 1943. إستطاع السادات الهرب من المعتقل و رافقه فى رحلة الهروب صديقه حسن عزت وعمل السادات اثناء فترة هروبه من السجن عتالاُ على سيارة نقل تحت إسم مستعار هو الحاج 'محمد' وفى آواخر عام 1944 انتقل الى بلدة ابو كبير بالشرقية ليعمل فاعلاً فى مشروع ترعة رى ومع إنتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 سقطت الأحكام العرفية وبسقوط الاحكام العرفية عاد السادات إلى بيته بعد ثلاث سنوات من المطاردة والحرمان. التقى السادات في تلك الفترة بالجمعية السرية التي قررت اغتيال أمين عثمان وزير المالية في حكومة الوفد ' 4 فبراير 1942 - 8 أكتوبر 1944 ' ورئيس جمعية الصداقة المصرية البريطانية لتعاطفه الشديد مع الإنجليز ، وعلى أثر اغتيال أمين عثمان عاد السادات مرة أخرى وأخيرة إلى السجن، وفى الزنزانة '54' في سجن قرميدان واجه السادات أصعب محن السجن بحبسه إنفرادياً ، غير أنه هرب المتهم الأول في قضية ' حسين توفيق ' وبعدم ثبوت الأدلة الجنائية سقطت التهمة عن السادات فأفرج عنه، ثم بعد ذلك عمل السادات مراجعا' صحفيا بمجلة المصور حتي ديسمبر 1948 انفصل عن زوجته الأولى و تقدم لخطبة السيدة جيهان صفوت رؤف وما بين الخطبة واتمام زواجه سنة 1949 عمل السادات بالاعمال الحرة مع صديقه حسن عزت.
عاد السادات إلى عمله بالجيش بمساعدة زميله القديم الدكتور يوسف رشاد الطبيب الخاص بالملك عام 1950 ،وبعدها بعام تكونت الهيئة التأسيسية للتنظيم السري في الجيش والذي عرف فيما بعد بتنظيم الضباط الأحرار فأنضم السادات إليها ، وتطورت الأحداث في مصر بسرعة فائقة بين عامي 1951 - 1952 ، فألفت حكومة الوفد ' يناير 1950 - يناير 1952 ' معاهدة 1936 بعدها اندلع حريق القاهرة الشهير في يناير 1952 و أقال الملك وزارة النحاس الأخيرة. وفى ربيع 1951 أعدت قيادة تنظيم الضباط الأحرار للثورة ، وفى 21 يوليو أرسل جمال عبد الناصر إلى أنور السادات فى مقر وحدته بالعريش يطلب إليه الحضور إلى القاهرة للمساهمة فى ثورة الجيش على الملك والإنجليزثم قامت الثورة و أذاع أنور السادات بصوته بيان الثورة،بعدها أسند الي السادات مهمة حمل وثيقة التنازل عن العرش إلى الملك فاروق. في عام 1953 أنشأ مجلس قيادة الثورة جريدة الجمهورية وأسند إلي السادات مهمة رئاسة تحرير هذه الجريدة،ومع اول تشكيل وزارى لحكومة الثورة تولي السادات منصب وزير دولة في سبتمر 1954 ،انتخب عضوا عام 1957 بمجلس الامة عن دائرة تلا ولمدة ثلاث دورات. أنتخب رئيسا لمجلس الأمة من 21-7-1960 إلي 27-9-1961، ورئيسا للأمة للفترة الثانية من 29-3-1964 إلى 12-11- 1968 عين رئيسا' لمجلس التضامن الأفرو أسيوى عام 1961 ،اختاره الزعيم جمال عبد الناصر نائبا له حتي يوم 28 سبتمبر1970 إستمرت فترة ولاية الرئيس السادات لمصر 11 عاماً ، خلالها اتخذ السادات عدة قرارات تاريخية خطيرة هزت العالم وأكد بعضها الآخر على صلابة السادات في مواجهة الأحداث ومرونته الفائقة على تفادي مصر المخاطر الجسيمة ، حيث بني إستراتيجية في اتخاذ القرار على قاعدة تاريخية منسوبة إليه وهى "لا يصح إلا الصحيح". إتخذ الرئيس السادات قراراً حاسماً بالقضاء على مراكز القوى فى مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح فى 15 مايو 1971 فخلص الإنسان المصرى من قبضة أساطير الإستبداد التى كانت تتحكم فى مصيره ، وفى نفس العام أصدر السادات دستوراً جديداً لمصر. قام السادات بالإستغناء عن 17000 خبير روسى فى أسبوع واحد عام 1972 لإعادة الثقة بالنفس لجيش مصر حتى إذا ما كسب المصريون المعركة لا ينسب الفضل إلى غيرهم،بعدها بعام اقدم السادات على اتخاذ اخطر القرارات المصيرية له ولبلاده وهو قرار الحرب ضد اسرائيل ، وهى الحرب التى اعد لها السادات منذ اليوم الأول لتوليه الحكم فى اكتوبر 1970 فقاد مصر الى اول انتصار عسكرى فى العصر الحديث. قرر السادات عام 1974 رسم معالم جديدة لنهضة مصر بعد الحرب بانفتاحها على العالم فكان قرار الانفتاح الاقتصادى، ثم قرر السادات رسم معالم جديدة لنهضة مصر بعد الحرب بانفتاحها على العالم فكان قرار الانفتاح الاقتصادى1975. وبعد فترة طويلة من خضوع الإنسان المصرى لسلطة الفرد المطلقة أعاد السادات الحياة إلى الديمقراطية التى بشرت بها ثورة يوليو ولم تتمكن من تطبيقها ، فكان قراره بعودة الحياة الحزبية ، فظهرت المنابر السياسية ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسى وهو الحزب الوطنى الديمقراطى كأول مولود حزبى كامل النمو بعد ثورة يوليو ثم تولى من بعده ظهور أحزاب أخرى كحزب الوفد الجديد وحزب التجمع الوحدوى التقدمى وغيرها. وفى عام 1977 إتخذ الرئيس قراره الحكيم والشجاع الذى اهتزت له أركان الدنيا بزيارة القدس ليمنح بذلك السلام هبة منه لشعبه وعدوه فى آن واحد ، ويدفع بيده عجلة السلام بين مصر وإسرائيل. قام السادات برحلته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1978 من أجل التفاوض لإسترداد الأرض وتحقيق السلام كمطلب شرعى لكل إنسان وخلال هذه الرحلة وقع أتفاقية السلام فى كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر. وفى عام 1979 وقع الرئيس السادت معاهدة السلام مع إسرائيل. وبعد فترة طويلة من خضوع الإنسان المصرى لسلطة الفرد المطلقة أعاد السادات الحياة إلى الديمقراطية التى بشرت بها ثورة يوليو ولم تتمكن من تطبيقها ، فكان قراره بعودة الحياة الحزبية ، فظهرت المنابر السياسية ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسى وهو الحزب الوطنى الديمقراطى كأول مولود حزبى كامل النمو بعد ثورة يوليو ثم تولى من بعده ظهور أحزاب أخرى كحزب الوفد الجديد وحزب التجمع الوحودى التقدمى وغيرها. وفى يوم الاحتفال بذكرى النصر يوم السادس من اكتوبر 1981 وقعت الخيانة البشعة واغتالت يدى الارهاب القاسم برصاصها القائد والزعيم محمد أنور السادات بطل الحرب وصانع السلام. ومن الاقوال التى قيلت عنه من رؤساء العالم والشخصيات الدولية والصحف .... قال عنه جيمى كارتر"أننى لم أقابل أى رئيس أو مسئول أمريكى، إلا وحدثنا بصدق عن إعجابه الشديد بذكاء الرئيس "السادات" وتطلعاته وشجاعته.. وأننى شخصيا سأتعلم الكثير من الرئيس "السادات" .. وأتطلع مخلصا إلى إقامة صداقة شخصية وحميمة مع الرئيس "السادات". وأكد ملك الاردن" إن زيارتك الغالية هذه تجاوز فى وزنها ومعناها ما يشدنى إليك من أخوة صادقة ومحبة صافية ومسيرة مشتركة. فهى تكريس لوحدة شعبنا فى الألم والأمل وهى تعبر عن وحدة أمتنا فى الهدف والمصير. ولقد حفل سجلك الباهر على طول الطريق الذى قطعته مصر الغالية بقيادتك الباسلة الحكيمة. بإحساسك بذلك الألم وإيمانك بذلك الأمل مثلما أزدان عهدك الميمون بإصرارك على ذلك الهدف ونضالك الباهر من أجل ذلك المصير" وقال ادوارد هيث رئيس الوزراء البريطانى السابق أن السادات كان رجلاً عظيماً وسياسياً شجاعاً وانني معجب به أشد الأعجاب،وأنه من أعظم الزعماء الدوليين وقد أستطاع أن يغير من معالم الشرق الأوسط السياسية تغييراً أبدياً وكان دائماً شجاعاً في قراراته معتزاً بوطنه وشعبه يعمل دائمأً من أجل السلام. كما نشرت صحيفة الواشنطن بوست الامريكية أنه كان رجلاً عظيماً صادقاً وشخصية تاريخية غيرت من تاريخ منطقة الشرق الأوسط أستطاع أن يستعيد شرف بلاده بحرب أكتوبر سنة 1973 واستطاع تحقيق السلام القائم على العدل بين مصر وإسرائيل. هكذا كنا فى رحلة شيقة تحمل فى طياتها الهزيمة والنصر ،الحزن والفرح،القوة والضعف مع رجل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات.