تفتخر الأمم والشعوب بقيمها ،وتعتز بقادتها ،وتخلّد ذكرى عظمائها ،وتسن القوانين لحماية رموزها ،و تكفل لكل واحد منهم حرية التعبير عما يريد وفق ضوابط محددة تضمن ترابط المجتمع ،وتضمن ألا تكون تلك الحرية مسيئة للآخرين ،وفي كل دول العالم هناك مقدسات متفق عليها يجب على الجميع احترامها وعدم التعدي عليها من أهمها الأديان والمعتقدات. ولكن هل تنطبق تلك القوانين وتطبق إذا تعلق الأمر بمقدسات المسلمين أو رموزهم؟ إن الواقع المشاهد يقول بكل جرأة (لا) وقد أثار الفيلم المسئ للرسول سخط وغضب 6 مليار مسلم علي مستوي العالم ، واكتملت الحلقة بالرسوم المسيئة التي نشرت في فرنسا والدنمارك ، وكان لهذا أكبر الأثر في تحرك قوي المجتمع لمناهضة هذا العمل ومواجهته خاصة علي كافة المستويات ، ونحن نتوقع المزيد من الاساءات ،لأن التاريخ يثبت ذلك . يقول الله تعالى (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) وقد كفى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم شر المستهزئين فقال سبحانه (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) إن أمة لا يتحرك أفرادها لرمزهم وقائدهم الذي يتقربون إلى خالقهم بحبه وإتباعه، لأمة مشكوك في حبها وصدقها و مطعون في إخلاصها ،لكن السؤال الذى يطرح نفسه كيف تكون نصرة الرسول-ص- والرد على اساءات الغرب المتكررة ؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال علينا أن يسأل كل منا نفسه: (ماذا كان سيفعل النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة؟)، ثم نفكّرُ ملياًّ في الإجابة قبل تبنِّي أي رد فعل قد يتحول الى كارثةً تسيىء إلينا وتكون بعيدة عن تعاليم ديننا، كما من قتل السفراء ،أو حرق الممتلكات العامة والخاصة، فلقد أسيء للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته مرات ، وتعرَّض للسب والإيذاء ،فكان دائم العفو مُعْرضا عن الجاهلين، كما كان دائم النظر في العواقب كما أمره ربه مخاطبا (خذ العفو وأمرْ بالعرف وأعرضْ عن الجاهلين). لقد حقّقنا لمخرج الفيلم الحقير هدفه من الشهرة هو ومن وراؤه ، وتوفى العديد من المواطنين في اليمن والسودان وتونس ومصر، وتم قتل السفير الامريكى فى ليبيا، والاعتداء على السفارات والبعثات الدبلوماسية ، وشوهنا سمعة ديننا ومجتمعاتنا، فأي نصرة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذه التي تكون نتائجها؟ ما ليس مفهوما هو أننا نسيء لأنفسنا في ردودنا عليه. إننا لانحتاج الى الانفعالات العابرة التي تُفسد أكثر مما تصلح، وتضرّ أكثر مما تنفع وقد آن الأوان للتفكير في ستراتيجية وأسلوب للتعامل مع الإساءة للإسلام، تتأسس على أسس منهجية، لاعلى الانفعال العاطفي.. ن أحسن رد فعل على هذه الاستفزازات المتكررة هو تجاهلُها، وأن ردود أفعالنا هى بمثابة دعاية مجانية لها، وإساءة إلى أنفسنا قبلأن تكون لغيرنا. وهناك طرق عديدة للرد على هذا الفيلم الرديء، منها تجاهله تماما فلا نحقق لمنتجوه غرضهم ، إضافة الى الملاحقة القانونية الهادئة لمنتجه ومموليه، يقوم بها مواطنون عرب ومسلمون في الولاياتالمتحدة،او منظمات إسلامية. فحينما قرر تيري جونز حرق المصحف الشريف، قرّر مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) الرد بتوزيع مليون نسخة من ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإنكليزية في الولاياتالمتحدة، بدلا من الانشغال بالشد والجذب مع متعصب يبحث عن الشهرة. إن هيمنة العواطف على تفكير المسلمين اليوم، تجعل من السهل التنبؤ بنوع ردود أفعالهم على هذا الاستفزاز أو ذاك، علينا أن نكون نحن الملسمين أشد التزاما وحرصا على تعاليم ديننا الحنيف لا أن نكون أول من يسىْ إليه بإبتعادنا عن منهجه وسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- إن أول شىء لابد أن نقوم به لنصرة نبينا هو الالتزام بسنته وأوامره فيما بيننا لا أن نكون نحن المسلمون أول من يضيعها، وكما قال أحد علمائنا إن الاسلام سلعة رائجة وناجحة لكن من يروجها لايجيدون ذلك.