صورة أرشيفية لم يدر في ذهن اسلام ذو ال25 عاما ان سلامه لاهله ليلة امس الاول هو سلام الوداع ، وان هذه الليلة هي الاخيرة في عمره، فقبل ان يتسلم وردية الاحتجاج اليومية التي فرضت عليه بحكم كونه احد سكان قرية السنانية التي اعلنت احتجاجها قبل ستة ايام ضد تواجد مصنع موبكو على ارضها، انطلق اسلام وسط زملائه يحمل بعضا من الامتعة التي تقيه من برودة الجو في اللحظات الاخيرة من الليل ويحمل بعضا من الطعام يسد رمقه لحين انتهاء ورديته. تلك الليلة كانت الطقوس مختلفة فها هي اللحظات الاخيرة يقضيها اسلام يقظ يحاول ان يبني وسط اهله قراره الاول ويزيد من قوتهم في التمسك بموقفهم ضد وجود ذلك المصنع، لحظات بسيطة بعد شروق الشمس وعاشت المنطقة باكملها حالة من الرعب بعد ان قامت القوات المسلحة بمحاولات لفض الاعتصام من خلال اطلاق الرصاص على المواطنين لتفريقهم بالاضافة الى قنابل المسيلة للدموع، المشهد الذي دفع بالكثيرين للهروب بين الاراضي الزراعية تسبب في اصابة اسلام برصاصة في صدره، حمله اخيه وسط رعب خيم على المكان كله وانطلق به نحو مستشفي دمياط العام املا منه في ان يظل اسلام على قيد الحياة لكنها لحظات وفارق اسلام الحياة. تجمع الاهالي امام مبني محافظة دمياط بعد ان قادوا سيارة الاسعاف التي تحمل جثة اسلام وقطعوا بها طريق كورنيش النيل ووقفوا يهتفون:"انزل يافليفل ..دم اسلام مش هيروح هدر"، المشهد يقطعه صوت امين عبد الله والد اسلام وهو يبكي ويصرخ بين الواقفين "مش هسيب حق ابني".. مش همشي من المكان حتى لو كسرت المبني حتة حتة،يقول امين:" اسلام هو اصغر ابنائي الاربعة"، ويصفه بكلمات زادت من حزن من حوله:" ابني عمره ما شرب سيجارة..وابني مش بلطجي، كان واقف زيه زي الناس اللي واقفة" صرخة الاب لم تمنعه من التحدث عن ازمة المصنع قائلا:"المصنع اللي خايفين عليه راح ابني بسببه..عمرنا ما هنسيبه على ارضنا ودم ابني مش هيروح هدر". لحظات ويقوم عم اسلام بتحطيم احدي اللوحات المرورية وهو يصرخ قائلا:"المصنع عندهم بشعب دمياط كله"، تلك الكلمات التي دفعت بالاهالي للتجمهر وتجمع عدد من السيدات يهتفون ضد المصنع وينددون بالاحداث التي وقعت. الاحتجاجات التي اغلقت بوابات ميناء دمياط لاكثر من خمسة ايام بعد محاولات فضها بالقوة تسببت في زيادة اعداد المواطنين وغلق كافة الطرق المؤدية الى مدينة راس البر والمؤدية لراس البر، تم غلقها بالكامل. وعلى الجانب الاخر جابت شوارع مدينة كفر البطيخ عربات نقل تحمل مذياع واناس يهتفون ضد المصنعويقومون بتحريض المواطنين على غلق كافة الطرق المؤدية الميناء والمصنع من اجل التمسك بمواقفهم ، ويذكر احد المواطنين بكفر البطيخ طلب عدم نشر اسمه ، ان العربات التي حرضت الاهالي كانت لاشخاص مجهولة ولا علاقة لهم بالمدينة ولا بالقرى المجاورة، لكن هتافاتهم على حد تعبيره اثرت في نفوس الجالسين على المقاهي وقاموا بغلق الطريق القادم من الروضة. ويذكر انه تم احراق محطة مياه تقوم برفع المياه الى احدى مصانع البتروكيماويات بميناء دمياط ليلة امس الاول في قرية كفر البطيخ من اجل وقف امداد المصانع بمياه نهر النيل ، ولم تسفر الحريقة عن اي اصابات.