صورة أرشيفية كشفت دراسة ماجستير في "الاقتصاد السياسي" عن جامعة الزقازيق بمحافظة الشرقية أن إسرائيل تحتل المركز الأول في مجال صناعة الدواء في العالم وهو ما يحقق لها الهيمنة والتأثير العالمي سياسيا واقتصاديا وعلمياً، عبر تصدير الدواء إلى نحو 120 دولة فى العالم، الأمر الذي يؤثر بالسلب سياسيا وإقتصاديا على دور مصر والعالم العربى فى مناطق عديدة من العالم وبالتالى انفرادها بالملعب السياسى، بالإضافة الي ضم وتطوير أسلحة بيولوجية إلي ترسانتها العسكرية. وأظهرت الدراسة التي أعدها الباحث فيكتور فايز بوليس، وأشرف عليها الدكتور طلعت الدمرداش وكيل كلية الحقوق بجامعة الزقازيق، وناقشها كل من الدكتور مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الاسبق، والدكتور حسني حسن مهران وكيلة كلية التجارة بجامعة بنها، بعنوان "اتفاقيات الملكية الفكرية وأثرها علي قطاع الصناعات الدوائية في اسرائيل"، أظهرت أن هذا القطاع لا يقل أهمية عن إنتاج وتجارة السلاح وذلك دعماُ لرغبتها فى الإنتشار والهيمنة والسيطرة خارج حدودها. وقسمت الدراسة نتائج صناعة الدواء في اسرائيل الي نتائج سياسية واقتصادية، وتتضمن الأولى أن تكون هناك علاقة وثيقة بين الإستثمار فى صناعة الدواء والقرار الإسرائيلى، حيث يقتصر دور وزارة الصحة على مجال العلاج، وليس لها دور واضح فى صناعة الدواء، وعلى العكس فإن القوى السياسية والسيادية تؤثر فى صناعة الدواء والتي بمقتضاها تستطيع تجاوز حقوق الملكية الفكرية، رغم أنها تواجه اتهامات بسرقة بحوث أدوية وتصنيعها دون تصريح رسمى من هذه الدول وفى فترة الحماية، وربما يرجع ذلك ايضا بما يعرف بالحروب البيولوجية التى تحتفظ بها إسرائيل فى ترسانتها العسكرية. وأشارت الدراسة إلي الإنتشار الواسع للعديد من شركات الدواء الإسرائيلى وفروعها بألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وبلجيكا وتركيا وسويسرا والسويد والولاياتالمتحدة الآمريكية ودول أمريكا الجنوبية ومنطقة جنوب افريقيا وبعض دول أسيا بكثافة كبيرة بهدف تحقيق السيطرة الإقتصادية والهيمنة والتأثير على إتخاذ القرار فى هذة الدول، مشيرة إلي أن المكاتب العلمية لاسرائيل في هذه الدول تلعب دور آخر يتمثل فى الوصول لمتخذ القرار فى هذه الدول والسيطرة عليه وتوجيهه بما يخدم مصالح إسرائيل فى المنطقة. ولفتت الدراسة إلي أن إسرائيل تهتم بدراسة بعض المناطق فى العالم الثالث فى أمريكا اللآتينية وآسيا وافريقيا حيث تقوم بدراسة الآمراض المتوطنة والآوبئة والآمراض المزمنة والخبيثة وامراض السرطان والإيدز الآكثر انتشارا بهذة الدول وتخصص شركات الدواء التابعة لها فى إنتاج أدوية جديدة لهذة الآمراض وبالتالى تحقق طموحاتها واهدافها الإقتصادية والسياسية فى هذه المناطق من العالم. وأكدت الدراسة أن إسرائيل تحتل المرتبة الأولى في العالم فى سرقة الأدوية وإنتاجها فى فترة الحماية كذلك فإنها تمتلك أكبر شركة فى العالم متخصصة فى صناعة وإنتاج الآدوية الجنسية وهى شركة "تيفع" الإسرائيلية والتى نشأت لها فروع فى الولاياتالمتحدة الآمريكية وبريطانيا وغيرها من الدول الآخرى. وأوضحت الدراسة أن اتفاقية التريبس الإقتصادية لعبت دورا كبيرا فى تحقيق أهداف ومصالح وطموحات إسرائيل فى الهيمنة والسيطرة الإقتصادية على العديد من الدول وتوسيع مساحة نفوذها فى العالم، موضحة أن إسرائيل تمتلك اكبر عدد من الفنيين والخبراء والآكاديميين المتخصصين فى صناعة الدواء على مستوى العالم وتنشئ فروع لها فى العديد من الدول من اجل التجارب ومعرفة الامراض وانواعها وطرق الوقاية منها وتسويق منتجاتها الدوائية وإقامة شركات ومصانع ومكاتب علمية لها بصفة دائمة فى العديد من دول العالم المختلفة بل ومنافسة دول العالم المتقدم فى هذا المجال، الأمر الذي يعني تحجيم دور مصر والعالم العربى فى مناطق عديدة من العالم وبالتالى انفراد تل أبيب بالملعب السياسى والإقتصادى للعديد من دول العالم. ولخصت الدراسة النتائج الإقتصادية إلي أن تطورات صناعة الدواء بشكل كبير فى إسرائيل حيث زادت قيمة إجمالى مبيعات الآدوية داخل السوق الإسرائيلى من 681 مليون دولار عام 1995 إلى 5 مليارات و703مليون دولار عام 2008 أى بفارق 5 مليارات مليون دولار تمثل نموا بنسبة 737% عن مثيلتها عام 1995. وأشارت الدراسة إلي أن قيمة الصادرات بلغت عام 2000 نحو 340 مليون دولار إرتفعت إلى 1474 مليون دولار عام 2004 وهذة القيمة تمثل 433% لقيمة صادرات عام 2000، وهى الفترة التى تم تطبيق إتفاقية التربس، ثم إرتفعت مرة اخرى إلى نحو 4844 مليون دولار عام 2008، في إشارة إلى الزيادة الكبيرة والمستمرة فى قيمة الصادرات وذلك نتيجة الآثر الإيجابى لتطبيق "إتفاقية التربس" حيث أن الصادرات تزيد سنويا بنحو 592 مليون دولار سنويا. وأوضحت الدراسة أن الصادرات فاقت الواردات بنحو 3 مليارات و469 مليون دولار وذلك فى عام 2008 محققة نسبة تغطية قدرها 352% مما أدى إلى زيادة الصادرات لتكون فى صالح الميزان التجارى الإسرائيلى مما يكون لة أثره فى الإقتصاد الإسرائيلي وانتعاشه. وأوضحت الدراسة أن النتائج العلمية للسيطرة الإسرائيلية توضح ان الانفاق التكنولوجى وصل إلى 7 مليارات و697 مليون دولار عام 1990 ثم إزداد زيادة مضطرة حتى بلغ قيمة الانفاق التكنولوجى 40 مليار دولار عام 2008، أى بزيادة قدرها 33 مليار تقريبا خلال تطبيق إتفاقية التربس، مع إنتشار العديد من مراكز الآبحاث ومعاهد بحوث الدواء المتخصصة داخل إسرائيل، إلي جانب إنتشار العديد من محطات بحوث الدواء والمراكز البحثية والمختبرات ومحطات التجارب العلمية فى الولاياتالمتحدة واوربا واسيا وأفريقيا لتطوير الدواء وتحديثة وإنتاج أدوية جديدة. كما اظهر فصل الدراسة المتعلق بالنتائج العلمية امتلاك إسرائيل عددا ضخماً من الخبراء والمتخصصين والباحثين والفنيين والعلماء فى صناعة الدواء عن مثيلاتها من دول العالم حيث بلغت نسبة عدد العاملين فى مجال صناعة الدواء 5% من إجمالى العمالة الكلية فى إسرائيل، كما بلغ عدد الآكاديميين عام 2002 حوالى 2120 إزداد إلى نحو 3149 أكاديمى عام 2005، وهى نسبة كبيرة تفوق مثيلاتها فى الولاياتالمتحدة الآمريكية وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا واليابان مقارنة بعدد السكان، وتنفق إسرائيل نحو 25% من إجمالى مبيعات الدواء على البحث والتطوير، وهى تمثل أعلى نسبة فى العالم حيث أن فى أوروبا تبلغ 10% وأمريكا من 15 إلى 12% ومصر من 2:1% فقط . وأوصت الدراسة، بزيادة الميزانيات المخصصة للبحث العلمى المصري فى مجال الأدوية لتطوير وتحسين صناعتها حتى تصبح قادرة على المنافسة فى السوق العالمى وخاصة بعد تطبيق إتفاقية التربس ،وزيادة المنح الدراسية للدراسة والبحث فى مجال الصناعات الدوائية بالدول الاكثر تقدما فى هذا المجال وذلك لخلق جيل من الباحثين والعلماء المؤهلين لتطوير صناعة الدواء فى مصر والعالم العربى. وطالبت الدراسة الجامعة العربية بأن يكون لها دور فى اقامة وإنشاء أكاديميات ومراكز بحثية ومكاتب علمية وشركات متخصصة للدواء فى قارة افريقيا على وجة الخصوص وبعض دول اسيا ،ووامريكا اللآتينية متخصصة فى دراسة الامراض والآوبئة المنتشرة بهذة الدول أسوة بإنشائها الآكاديمية العربية البحرية. كما شددت الدراسة علي إقامة مصانع للدواء لسد حاجة الدول الأفريقية ونقل عدد من الفنيين والخبراء والمتخصصين فى هذا المجال لمساعدتها فى مواجهة والحد من إنتشار الآمراض والأوبئة بهذه الدول وبالتالى يكون لها عظيم الاثر لمواجهة الزحف الإسرائيلى والحد من الهيمنة الإسرائيلية بهذه الدول،إلي جانب تطوير دور وزارة الإستثمار والخروج عن الإطار التقليدى المرسوم لها ،و أن يكون هناك دورا إيجابيا فعالا ومؤثرا لرجال الأعمال العرب والمصريين وإطلاق حوافز استثمار فى صناعة الدواء . ولفتت الدراسة إلى أهمية إقامة تحالف مصرى- عربى- إفريقى لتطوير صناعة الدواء عربيا وافريقيا، وإستحداث أجيال وأنماط جديدة ومتقدمة من التكنولوجى والتقنيات الآكثر تقدما فى صناعة الدواء، ومد جسور التعاون المشترك الإنتاجى – التصنيعى – الفنى- التكنولوجى – العلمى –البحثى مع دول العالم المتقدم فى صناعة الدواء،بالاضافة الي دور أجهزة المخابرات المصرية فى إقامة وإنشاء مراكز بحثية ومكاتب علمية وشركات دواء داخل دول حوض نهر النيل خاصة وافريقيا عامة وبعض دول أسيا، وأمريكا اللآتينية ويكون لها اهداف مزدوجة، العلاجى والإستخباراتى، لمواجهة التقدم والزحف الإسرائيلى المتزايد، وتفعيل دور التمثيل التجارى المصرى فى الدول الآفريقية بصفة عامة لتدعيم الصلات الإقتصادية والتجارية بين مصر والدول الآفريقية وإيجاد فرص جديدة وحديثة للتجارة البينية. وشددت على أهمية مراقبة مصر وبعناية تامة مصادر تدفق الإستثمارات الآجنبية إلى افريقيا وطبيعة هذة الإستثمارات وحجمها واهدافها كنوع من المتابعة والتقييم لتظل مصر قادرة على التعامل مع أى موقف قد تراة ضاراً بمصالحها ،والتأكيد على ضرورة التواجد المصرى فى افريقيا بكافة اشكالة الرسمية والشعبية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والدبلوماسية بما يضمن مصالح مصر والعالم العربى، وتطوير مراكز الدراسات الإسرائيلية التابع ل "جامعة الزقازيق" ،وتقديم كافة أنواع الدعم المالى والآدبى والمعنوى بالتعاون مع أجهزة أمن الدولة ، وأن يعمل من خلال منظومة متكاملة تحت مظلة "أجهزة المخابرات المصرية" بتوجية منها ومساندتها ودعمها. واكدت الدراسة علي أن الغرض من توصيات هذة الرسالة ليس خدمة المجتمع الإسرائيلى ،ولكنها إشارة تحذير إلى المجتمع العربى ككل والمجتمع المصرى على وجة الخصوص، لإعداد صناعة دوائية قوية لها القدرة على المنافسة للصناعات الدوائية الإسرائيلية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتضييق الخناق على إسرائيل والحد من سرقتها للنباتات الطبية والعطرية والبرية الفلسطينية فهى ملكية للمجتمع الفلسطينى والعربى.