شن المشاركون في مؤتمر "الدراما التليفزيونية بين الإعلام والإعلان" الذي نظمته جمعية مؤلفي الدراما العربية الليلة الماضية هجوماً شرساً علي ظاهرة "النجم الأوحد" في العمل الدرامي وانفراده باختيار مخرج وطاقم العمل مؤكدين ان ذلك أفسد الدراما. أضافوا أن النجم الأوحد اصبح اجره ضعف اجر المؤلف والمخرج 20 مرة ويزيد بعدما كان في الماضي اجره متساوياً تقريباً مع المخرج والمؤلف. أكدوا أن الإعلان اصبح يتحكم في الدراما وطالبوا المسئولين عن صناعة القرار بالتليفزيون المصري بالحد من سطوة الاعلان وعدم الاستسلام لظاهرة المنتج المنفذ. أوضحوا أن تفصيل السير الذاتية علي مقاس النجم او النجمة دون النظر إلي قيمة صاحب السيرة خطأ كبير.. كما ان تحويل الافلام القديمة إلي مسلسلات يعد إفلاساً. أكد الكاتب والمؤلف الدرامي محفوظ عبدالرحمن أن أجور الكتاب والمخرجين قديماً كانت متساوية مع النجم.. الآن ختلط الحابل بالنابل أصبح اجر النجم ضعف اجر المؤلف والمخرج حوالي 20 مرة ويزيد. أوضح محفوظ عبدالرحمن أن النجم اصبح حالياً هو المتحكم والمسيطر علي عملية الانتاج الدرامي وأصبح قادراً ايضاً علي طرد المخرج والمؤلف من مكان التصوير.. كما اصبحت حرفية الكتابة في مهب الريح بعد وجود كلمات خارجة وغير مألوفة داخل النص الدرامي. أشار الكاتب والمؤلف الدرامي محمد أبوالعلا السلموني إلي أن المعلن اصبح يتحكم الان في سير الدراما ويشترط نجماً معيناً دون النظر إلي أهليته وصلاحيته لما يقوم به موضحاً ان ذلك تسبب في اعتماد الدراما علي إرادة النجم بعد ان كانت صانعة النجوم.. كما اصبحت الدراما ايضاً تبحث عن السير الذاتية التي تناسب شخصية النجم او النجمة بغض النظر عن قيمة صاحب السيرة كما اصبحت تعتمد علي المليودراما وأحداث العنف والخشونة ومواقف الفجيعة والإثارة الفجة والعادات البالية والألفاظ السوقية لمغازلة المشاهد.. كما اصبح للإعلان سطوة علي المشاهد. أضاف ان انتشار ظاهرة تحويل الأفلام والموضوعات القديمة إلي مسلسلات يعد إفلاساً مشيراً إلي ان الخطورة ايضاً تكمن في الهروب من انتاج المسلسلات الوطنية والتاريخية خشية تكلفتها وضآلة عائدها..علاوة علي اختفاء دراما السهرات والسباعيات والنصف شهرية التي لم تعد تشبع غرور النجم. طالب الكاتب والمؤلف السيد الغضبان المسئولين عن صناعة القرار في التليفزيون المصري بالحد من سطوة الإعلان.. وعدم الاستسلام لظاهرة "المنتج المنفذ" والشركات الإعلانية التي يملكها عدد من ابناء بعض المسئولين علي حد زعمه بجانب ضرورة الاسراع في وضع خطة استراتيجية للدراما المصرية خلال الفترة المقبلة. قال د. محمد كامل القليوبي الاستاذ بمعهد السينما ان كتابة الدراما الحالية اصبحت تقاس بالكم وحجم النص دون النظر إلي فحوي ومضمون الموضوع الذي يناقش.. وهذه ازمة خطيرة تهدد السلامة الفكرية للمواطن.. والسير في ذلك الاتجاه يعد خيانة كبري. أكد د. أحمد شوقي العقباوي استاذ الطب النفسي ان هناك حالة تلاعب في عقول الجماهير وهو ما يؤدي إلي تشكيل الرأي العام نحو اتجاه محدد مشيراً إلي أن الاعلان داخل الدراما يذبح العمل الفكري ويدمره وهذا الأمر في حاجة إلي اناس قادرين علي اتخاذ القرار والانتقاء المعرفي وغربلة الرسائل المعرفية والثقافية من خلال الدراما وغيرها من التشويش والدخلاء. أكدت الكاتبة والمؤلفة فتحية العسال أن رسالة المؤلفين هي رسالة سياسية بجانب كونها رسالة أدبية وثقافية موضحة ان المؤلفين ساهموا في توعية المشاهد وتقديم أعمال عن اهمية الوحدة الوطنية وحقيقة اتحاد والتحام نسيج الشعب المصري وتأكيد حق المواطنة منذ عشرات السنين.. ولكن تلك الأعمال توارت في الفترة الاخيرة لصالح المنتج الذي ينصاع لمطالب الاعلانات. اشارت إلي أن هناك حالة من تهميش القدرات والأعمال الجادة التي تملك رؤية قومية وإنسانية وسياسية وتاريخية وثقافية هامة لصالح الإعلان ومن ثم ظهرت هيمنة ما يطلق عليه "دراما النجم". شدد الفنان أحمد ماهر علي خطورة المسلسلات المدبلجة بلهجات عربية اخري مؤكداً ان هذه اللهجات تؤثر سلباً علي اللهجة المصرية وتشوهها.. وهو ما يمكن ان يؤثر علي لهجات شباب المصريين.. وتساءل عن دور الدولة في مواجهة ما أسماه بخطر المسلسلات المدبلجة؟! وشاركته الرأي الفنانة مديحة حمدي مؤكدة ان النجم الذي اطلقت عليه لفظ "المبشر" اصبح يسيطر علي اكبر قدر من ميزانية العمل الدرامي ومصدر قلق علي عملية الانتاج وحرية النص المكتوب.. اوضحت ان الاجور التي يعلن عنها بالملايين تصيب المواطن المصري البسيط بالضيق والاحباط وعدم الرضا عن واقعه.