يوم الثلاثاء الماضي كنت نائب رئيس التحرير السهران المسئول عن صدور طبعة الأربعاء من جريدة المساء وجاءني خبر يقول: "ان وزارة الموارد المائية والري اعلنت حالة الطوارئ القصوي استعدادا للسيول التي من المتوقع ان تهطل علي البلاد خاصة في الوجه القبلي خلال 48 ساعة" وكان لدي اصرار علي نشر الخبر لأنني واثق أنه لم ينفذ منه شيئ!! وتضمن الخبر الذي نشرناه علي صدر صفحتنا الأولي تصريحا للدكتور نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري يقول انه تم رفع درجة الاستعدادات القصوي بمحافظات سوهاجوالمنيا واسيوط واسوان وشمال سيناء وانه اصدر قرارات بمنع اجازات وكلاء الوزارة والعاملين في تلك المحافظات.. كلام جميل ورائع. أول أمس بدأت السيول.. لقيت 6 طالبات مصرعهن وسائق اسعاف وجار البحث عن 4 مفقودات من بين طالبات رحلة مدرسية امام احدي قري محافظة المنيا بعد انقلاب اتوبيس الرحلة الذي يسع 75 طالبة انقذ من انقذ وراح من راح وتشرد من تشرد وانتهي العام بمأساة كالعادة. كما أغلقت السيول محافظة البحر الأحمر وعزلتها عن العالم حيث انقطعت الطرق واغلقت الموانئ وتوفي زوجان في سوهاج بسبب الأمطار التي دمرت منزلين وشهدت أسوان أمطارا خفيفة وتعرضت سيناء لأمطار رعدية وتحولت بعض القري السياحية في الغردقة إلي بحيرات من المياه وأغرقت المياه المحلات والبقية تأتي. كل هذا حدث خلال 48 ساعة فقط في بداية موسم السيول المتكرر لمصر.. كل هذا حدث بعد تصريح د. نصر الدين علام وزير الري الذي اعلن فيه أنه مستعد!! موت وخراب بيوت ودمار وتشريد والوزير يعلن انه استعد هو ووزارته ومسئولوه.. أطفال قتلوا ورجال فقدوا أو ماتوا وتشرد أولادهم ويتموا والدكتور الوزير يعلن انه استعد.. يا ليته ما قالها ويا ليته لم يستعد طالما ان استعداداته ستعود علينا بالخراب بهذا الشكل!! أين كان الوزير طوال العام؟ ومن المسئول عن تنظيف مخرات السيول التي بلغت وفق اخر احصائية 95 مخرا حسب احصائيات الوزارة عام 2008؟ المخرات يا د. علام تحولت إلي مقالب للقمامة والبعض شيد فوقها الأبنية.. المخرات يا معالي الوزير لم تعد مخرات سوي علي الورق النائم فوق مكتبك.. المخرات اصبحت صخورا جامدة تقتل أمامها أبناءنا وأشقاءنا وأهالينا في تلك المحافظات المنكوبة بإدارات بلهاء فاشلة عفي علي سياساتها الزمن. وأخيرا.. بعدما حدث خلال يومين فقط.. هل مازلت مصرا علي أن وزارتك استعدت فعلا أم أن المسألة مجرد أضغاث أحلام؟!