بعض وزرائنا - للأسف - لا يجيدون الادلاء بالتصريحات التي يعبرون بها عن سياستهم ويقعون في أخطاء لا يصح أن تصدر عنهم.. والسبب في ذلك أنهم لم يخرجوا من المطبخ السياسي للحزب الوطني.. وإنما جيء بهم إلي الوزارة لمجرد أن لهم خبرات فنية في مجال عملهم أو لأنهم أساتذة جامعات أو غير ذلك. فنحن عندما نقول في تعبيراتنا إن هذه السلعة الغذائية لا تصلح للاستخدام أو الاستهلاك الآدمي فإن ذلك يعني أنها سلعة فاسدة معيبة لا تصلح أن يستهلكها أو يستخدمها الإنسان.. بل ربما أحياناً الحيوانات أيضاً. لكن عندما يقول المهندس أمين أباظة وزير الزراعة - مع احترامي له شخصياً ولأسرته العريقة - ان استهلاكنا - نحن المصريين - للقمح استهلاك غير آدمي.. فهذا يعني أننا حيوانات.. لأننا كأفراد نستهلك القمح بكثرة فائقة كما تستهلك الحيوانات الحبوب في طعامها!! قد لا يكون المهندس أمين أباظة يقصد ذلك.. أو أن هذا المعني لم يخطر علي باله وأنه لم يكن يريد أن يشبهنا بالحيوانات من خلال هذا التصريح الغريب. لكن الأمور هنا - ياسيادة الوزير - لا تقاس بحسن النوايا. وإنما أنت - كوزير - مسئول عن كل كلمة أو عبارة تنطق بها.. وقد اوقعت نفسك في مطب. ومطلوب منك علي الأقل أن تنفي عن نفسك سوء القصد.. ولو أني موقن تماماً أنك لن ترد كالعادة علي الصحافة ولسان حالك وحال بعض وزرائنا يقول: لن أرد.. واتفلقوا!! لكن علي أي حال يا سيادة الوزير - والمفروض أن تكون وأفراد أسرتك من الأكابر - قد عايشتم الفلاحين الذين يفلحون أراضي الأسرة الأباظية. وأن تكون علي علم بسبب استهلاك الشعب المصري بكثرة للقمح الذي يتحول إلي رغيف خبز. وأرجو أن تسأل نفسك: ماذا يأكل الشعب المصري لكي يملأ معدته؟! هل سنضع أمامه شرائح اللحم مع الخضراوات الطازحة مع سلطة الجمبري "والسيمون فيميه" مع تفاحة أو أصبعين من الموز؟! أم سنضع أمامه بعض الأسماك المشوية أو المقلية مع طبق الأرز وسلطة الطحينة وبعدها الفواكه؟! يا سيادة الوزير: أنا أعلم أنك مازلت في سن الشباب رغم أن الشيب خط الشعر. وأنك لم تعاصر الفلاح المصري الذي كان ومازال يفلح الأرض. ولم يكن طعامه سوي عدة أرغفة من الخبز وبعض "المش" والسريس الذي نطلق عليه الآن "الشاكوريا" التي أصبحت غير موجودة.. أو بعض أرغفة ومعها طبق بامية أو ملوخية "أرديحي" ويشرب من "القلة" ويتكرع ثم يقول: الحمد لله!! والآن.. ماذا يأكل المصريون؟! وما هو الطعام الذي يملأ معدتهم؟! انه الخبز أيضاً مع الفول أو الطعمية ومعهما "فحل البصل" أو البصل الأخضر.. وأرجو أن تمر في شوارع القاهرة في الصباح لتجد الموظفين والعمال يتحلقون حول عربة الفول. ويتعجلون صاحبها "عم عيد" أو "عم خلف" ليفوزوا بغنيمة الافطار قبل التوجه إلي عملهم. أما معايرتك لنا - نحن المصريين - بأن سعر الرغيف رخيص وأنه يتم استخدام جزء كبير منه كعلف للحيوانات. وأن هذا سبب كثرة استهلاكنا من القمح.. فأرجوك أن تتوسط لنا لدي السيد الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي أن يجعل المخابز تنتج رغيفا يصلح للاستخدام الآدمي.. وسوف نأكله هنيئا مريئاً ولا نطعمه للحيوانات لأن الرغيف التمويني اسم علي غير مسمي. ولذلك فقد استغني أكثر من 50 في المائة من الشعب المصري عن هذا الرغيف ولجأ إلي رغيف آدمي بسعر 50 قرشا بدلاً من خمسة قروش.. وأرجو أن تفتش معنا - ياسيادة الوزير - عن مافيا تجار الدقيق المدعوم.. وإذا عثرت عليها يكون لك الأجر والثواب من الله.