بعد الدفعة الأخيرة من الوثائق السرية الأمريكية التي تم نشرها علي موقع الويكيليكس الذي انشأه الاسترالي "جوليات اسانجي" والتي بلغت نحو ربع مليون وثيقة. باتت هناك قناعة شبه كاملة لدي الكثيرين بأن هذا الموقع ليس أكثر من إحدي خدع السياسة الأمريكية تسعي من ورائها الي تحقيق أهداف عديدة مثل ارهاب كل من تسول له نفسه مقاومة العدوان الأمريكي. أو إحراج بعض الدول. وابسط دليل علي ذلك إن الولاياتالمتحدة لم تتخذ أي إجراء ضد صاحب الموقع أكثر من وعود بالويل والثبور وعظائم الأمور. وإعلان إنها تجري تحقيقات في تسرب هذه الوثائق. ولا يتوقف مسئولوها عن الحديث عن الاضرار التي لحقت بالولاياتالمتحدة من جراء نشرها هذا فضلا عما حفلت به تلك الوثائق من أكاذيب. حتي يستطيع المسئولون الأمريكيون تسويق الخدعة. فلابد أن يجيبوا عن سؤال مهم للغاية.. كيف وصلت تلك الوثائق إلي اسانجي "39 سنة" خاصة أن الموقع لم يكشف مصدر الوثائق. ولا نظنه سيفعل!!! وللإجابة عن هذا السؤال المهم عاد المسئولون من جديد يرددون قصة غير مقنعة عن حالة الجندي الأمريكي "برادلي ماننج" البالغ من العمر 23 عاما والمعتقل منذ مايو الماضي في قاعدة كوينتيل البحرية في ولاية فرجينيا بعد تسريب فيلم يصور طائرة من طراز اباتشي وهي تقصف بغداد. ويواجه ما ننج في حالة ادانته أحكاما بالسجن تزيد علي خمسين عاما. أما كيف تورط في هذه "الجريمة" فتقول الرواية الأمريكية أن ماننج ولد في ولاية أوكلاهوما ثم عاش لبعض الوقت في مقاطعة ويلز البريطانية وعندما كان علي اعتاب مرحلة الشباب بدأ يتعرض للتحرش من جانب زملائه في المدرسة بسبب شذوذه وطرده أبوه من البيت لنفس السبب. وفي عام 2007 التحق بالجيش وتدرب ليصبح محلل معلومات وبعدها تم الحاقه بالفرقة العاشرة المرابطة قرب بغداد وفي الجيش اصطدم ماننج صاحب "الملامح الطفولية" بالقاعدة المعروفة في الجيس باسم "لا تسأل ولا تخبر" التي تمنع الشواذ من الاعتراف بشذوذهم علنا وتحدي ماننج القانون وتحدث مع زملائه علنا في هذا الموضوع مما عرضه للاضطهاد وبدا الضباط يسندون إليه أعمالا تافهة لا تتفق والتدريب الرفيع الذي تلقاه فزادت من شعوره بالظلم. وكان ذلك مدخلا للشعور بالتعاطف مع الشعبين العراقي والأفغاني ومعاناتهما من السياسات الأمريكية. وكان سبب التعاطف أنه ينتمي إلي اقلية تتعرض لسوء المعاملة في الجيش!!! واحتجاجا علي سوء المعاملة اعتدي بالضرب علي أحد الضباط وعوقب بخفض رتبه إلي جندي عادي واستطاع ماننج الوصول إلي شبكة الكمبيوتر السرية الخاصة بالجيش والحصول منها علي الوثائق وتقديمها إلي مؤسس الويكيليكس. كما قال في التحقيقات فقد أراد من تسريب الوثائق أن يعرف الناس الحقيقة لأن المعرفة هي أساس القرار السليم. واهتدي إلي كلمات السر الخاصة بهذه الوثائق وكان يدخل غرف الكمبيوتر ومعه قرص مدمج يحمل اسم أغان مشهورة ثم يقوم بمسح ما عليه وتحميل وثائق بدلا منها. وينزل ماننج حاليا في حبس انفرادي في انتظار المحاكمة عن ثماني تهم منها تهمتان عسكريتان ومن التهم نقل معلومات سرية إلي جهاز كمبيوتر شخصي واقتحام شبكة كمبيوتر محظورة. وقد تشكلت جماعات من معارضي احتلال العراق وإيران للدفاع عنه باعتباره بطلاً!!!