غريب أمر بعض الوزارات في حكومتنا الذكية.. لم تعد تتعامل مع الصحفيين إلا من خلال مستشاريها الإعلاميين الذين يبعثون للصحف بالأخبار المبتورة والمشوهة من خلال بيانات عبر الفاكس.. حتي أطلق علي هذه الوزارات.. وزارات البيانات والفاكسات. التعامل المباشر بين وزراء بعينهم والصحفيين اقتصر الآن علي دعوتهم لحضور الافتتاحات والزيارات لزوم الشو الإعلامي لمعالي الوزير حتي يظل اسمه وصورته متواجدين في الصحف خاصة ونحن علي أبواب تغيير أو تشكيل وزاري. لذا.. فإن كافة المسئولين في هذه الوزارات التي أعنيها يرفضون الإدلاء بأي تصريح حتي لا يطاح بهم فوراً. *** وحكاية البيانات والفاكسات هذه لها العجب.. فعندما تقرأها لا تجد فيها شيئاً.. كل الحقائق غائبة وكل المصائب والكوارث مخفية بفعل فاعل.. إنها تزييف مفضوح للواقع. ينسي هؤلاء الوزراء أن الصحفي صحفي وله مصادر كثيرة غيرهم ليس من بينها طبعاً المستشار الإعلامي الحريص علي أكل عيشه وفي سبيل ذلك تغافل عن كونه صحفياً ورضي بأن يتعامل علي أنه موظف حكومة. ويتناسي هؤلاء الوزراء أن الصحفي سيصل إلي الحقيقة مهما حاول معالي الوزير التعتيم عليها أو وضع متاريس أمامها.. فصحافة البيانات والفاكسات لسنا منها وليست منا. *** بالأمس.. تضاربت المعلومات حول مصير سفينة بضائع إيطالية.. بل إن معظم الأقوال أكدت أنها غرقت أمام سواحلنا بالإسكندرية. من المؤكد أن كل الصحفيين حاولوا معرفة الحقيقة من مصادرها.. ولكن لم يجرؤ أحد من المسئولين علي الحديث في الموضوع.. بدليل أن القبطان أحمد سمير مدير حركة السفن بالإسكندرية رفض في اتصال تليفوني مع الزميل معتز الدمرداش في برنامجه أن يقول كلمة واحدة عن الواقعة متذرعاً بأن الوزارة ستصدر بياناً وأن هناك مختصين بهذا الموضوع. ولا أدري من هؤلاء المختصون الذين يقصدهم رغم أنه أول هؤلاء المختصين.. فوظيفته هي "مدير حركة السفن" بالميناء. لقد كان موقف القبطان سيئاً جداً أمام المشاهدين.. ولذا أتمني أن يغلق كل المسئولين تليفوناتهم في مثل هذه المواقف حتي لا يتعرضوا للإحراج. *** بالفعل.. صدر بيان من إدارة الإعلام بوزارة النقل أكرر إدارة الإعلام تؤكد فيه هيئة ميناء الإسكندرية استئناف حركة الملاحة في الميناء رغم جنوح السفينة "جولي أمار انتو" الإيطالية المعطلة أثناء قطرها لدخول الميناء لإصلاحها.. وأن السفينة جنحت عن مسارها بسبب سوء الأحوال الجوية أمام الميناء. هذا كل ما في البيان الذي أرسل للصحف بالفاكس حول السفينة دون أن يتطرق إلي الجهة التي كانت قادمة منها وحمولتها.. وماذا كانت تحمل بالضبط.. وهل تحمل مواد عادية أم سامة.. وكيف فقدت اتزانها ومالت ثم شحطت.. وهل سقط من حمولتها شيء في مياهنا أم لا.. وما هو عدد أفراد طاقمها وجنسياتهم وكيف تركوا السفينة.. وكيفية انقاذها بالضبط.. هل أرسلت إشارات استغاثة أم لا.. ومن أنقذها؟!! أسئلة كثيرة كان لابد أن يتضمن البيان إجابات عليها لو كانت هناك شفافية فعلاً. والآن.. هل علم د. أحمد نظيف رئيس الوزراء لماذا نطالب بسرعة إصدار قانون المعلومات؟ نريد توفير المعلومات أمام كافة الصحفيين حتي لا تكون حكراً علي الوزراء أو علي مستشاريهم الإعلاميين.. يفرجون عنها. أو عن بعضها. أو يفرضون تعتيماً عليها. فهل هذا طلب عسير.. أم أن الحكومة تخشي الحقائق؟!!