عندما يبلغ الإنسان قمة النضج في التفكير والفكر. وتصبح رؤيته للأمور انعكاساً لمخزون معرفي وثقافي عميق. فإن كل لفظ يخرج من فم هذا الإنسان يحسب له أو عليه إيجاباً أو سلباً. ولا شك أن الدكتور محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين عالم جليل تسنده خلفية ثقافية وأخلاقية كبيرة وتربية إسلامية أصيلة ورصينة. من هنا فإن أي كلام يصدر من الدكتور عاكف يجب- من وجهة نظري- أن يتوافق مع هذا الرصيد الكبير من تفكيره وثقافته وآدابه حتي لو كان في معرض دفاعه الحماسي ودعايته لمرشح الجماعة للرئاسة الدكتور محمد مرسي. لقد صدرت من الدكتور عاكف بعض الجمل والألفاظ التي كنت أتمني أن ينأي بنفسه عنها.. فقد وصف ما أسماهم بالنخبة ب "الفقاعات الصغيرة التي لا يتعدي عددهم ال 100 فرد".. فإذا كانت النخبة كما سماهم فضيلة المرشد السابق "فقاعات" فماذا عن مخالفيه في الرأي من غير النخبة؟! ماذا يعتبرهم وقد يكونون من الناس البسطاء؟! هل يعتبرهم مجرد حفنة من التراب؟! أم يعتبرهم كماً مهملاً؟! كما وصف الدكتور عاكف كلام المهندس حسب الله الكفراوي حول موضوع تأجير قناة السويس لقطر بالكلام "التافه".. يمكن فعلاً أن يكون موضوع تأجير القناة غير صحيح.. بل إنني أؤكد أنه غير صحيح لأن الإخوان فصيل وطني مشهود له ولا يمكن لا عقلاً ولا منطقاً أن يقدموا علي مثل هذا التصرف.. لأن القناة رمز للسيادة المصرية وهي ملك للشعب كله وليست لفئة محددة أياً كانت ولا يمكن للشعب ان يفرط في سيادته عليها ولا ملكيتها لها. لكن كنت أود أن ينتقي الدكتور مهدي كلمة أخف من هذه التي ذكرها تحمل في معناها عدم صحة هذا الكلام الذي جاء علي لسان المهندس حسب الله الكفراوي.. والغريب أن الدكتور عاكف يقول: إن علاقتي بحسب الله قوية.. ثم يضيف بما يشبه السخرية منه فيقول له: أنت غلبان غلبان!! نحترم الدكتور محمد مهدي عاكف لتأكيده علي احترام نتيجة الانتخابات الرئاسية لأنها ستكون من اختيار الشعب.. وقد اتبع هذا بالدعاية للدكتور محمد مرسي وهذا حقه وحق كل مواطن يدعو لمن يراه أصلح لهذا المنصب. نحن الآن مقبلون علي فترة الصمت التي تمتنع فيها الدعاية للمرشحين لمنصب الرئيس. وسيقف كل مواطن في مصر أمام ربه وضميره يومي السبت والأحد القادمين ليختار من يراه أصلح لقيادة دفة الوطن في فترة عصيبة من فترات التاريخ. مسئولية الحاكم في الفترة القادمة ستضعه أمام التاريخ ليحكم له أو عليه.. وكل ما نرجوه أن يقبل كل مواطن علي أرض هذا الوطن النتيجة التي تسفر عنها صناديق الانتخابات.. لأنها كما قال الدكتور عاكف ستكون معبرة عن إرادة الشعب.. وعلينا مؤيدين أو معارضين لهذا أو ذاك أن نتكاتف ونضع يدنا مع يد الرئيس من أجل صالح الوطن الذي عاني طويلاً وآن الأوان أن يخرج من محنته.