محمد مرسى نصف الرئيس يهدد بسحق بقايا النظام تحت قدميه مهدى عاكف فى حوار 2006: عندما نصل إلى السلطة سنضرب المعارضين بالجزمة الجماعة الوطنية متفقة على أن ندوس بالأقدام على بقايا النظام البائد».. تصريح منسوب للدكتور محمد مرسى الذى يمكن التعامل معه الآن على أنه نصف رئيس.. فهو الطرف الثانى فى جولة الإعادة مع الدكتور أحمد شفيق.. ورغم أن التصريح يعكس حالة من الثقة المفرطة فى النفس.. إلا أنه يعكس هزة وقلقا واضطرابا من المواجهة التى وجد مرسى وجماعته فيها مع أكثر من 5 ملايين صوتوا لأحمد شفيق فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.. ومن المؤكد أنهم سيزدادون فى الجولة الثانية. دعك من التهديد الذى يعكس استخفافا بالمواطنين لمجرد أنهم يعارضون الإخوان.. من بين الملايين التى اختارت شفيق هناك من يراه المناسب لمصلحته، وهذا لا يمكن أن يعيب أحد عليه.. فالديمقراطية أن تحترم آراء الآخرين التى تعبر عن انحيازاتهم لمصالحهم.. ودعك من التهديدات المنفلتة التى تصل إلى درجة التهديد التى أطلقها صفوت حجازى أحد تابعى محمد مرسى إلى صندوق الانتخابات بإحسان حتى باب اللجنة.. عندما قال إن دماء الملايين التى صوتت لشفيق لا تساوى عنده دماء دجاجة. فالمهم الآن هو حكاية الأقدام والجزم التى يصر الإخوان على استخدامها فى تهديداتهم لمعارضيهم. يقولون إن استخدام الحذاء فى التهديد ليس معناه الضرب فقط ولكن الإهانة والازدراء والتقليل من شأن الخصم.. وقد يكون هذا تحديدا ما قصده محمد مرسى عندما هدد من يعتبرهم بقابا النظام الفاسد بأنه سيدوسهم بالأقدام. لكن يبدو أن نصف الرئيس الإخوانى تنقصه الشجاعة الكاملة ليقول إنه سيفعل ذلك وحده .. أو أن جماعته هى التى ستفعله، ولذلك ورط الجماعة الوطنية كلها بأنها ستشارك الإخوان فى دهس بقايا النظام البائد بالأقدام.. وهو تصور فيه من الإهانة ما فيه، فهؤلاء من خصوم الإخوان بالدرجة الأولى لا يستحقون مواجهة شريفة .. بل يستحقون السحق بالأحذية. مرسى خرج عن هدوئه بالطبع.. لم يكن يتصور، أو تتصور جماعته من خلفه أن أحمد شفيق يمكن أن يحقق هذه الملايين، الفارق الفعلى بين مرشح الجماعة وأحمد شفيق يزيد بالكاد على 200 ألف صوت فقط.. أعتقد أن الجماعة عملت حسابا لعبد المنعم أبو الفتوح.. خافت قليلا من عمرو موسى .. ترقبت صعود حمدين صباحى فى الأيام الأولى التى سبقت الجولة الأولى.. لكنها كانت تعتقد أن الشعب سيرفض أحمد شفيق رجل مبارك فى الانتخابات الرئاسية، والرجل الذى يقولون إنه متورط فى موقعة الجمل.. لكن ما جرى فعلا أن شفيق أحرج الإخوان بشدة ووضعهم فى خانة يك ضيقة للغاية.. تهديد مرسى بالجزمة يؤكد انفلات أعصابه وتخوفه مما تحمله له المواجهة مع شفيق.. وبدلا من أن يفكر بهدوء كان قد لجأ إلى السلاح الإخوانى المفضل وهو الحذاء. فى تراث جماعة الإخوان المسلمين أكثر من جزمة فى واقع الحال.. أخفها الجزم التى رفعت فى مجلس الشعب.. فى العام 2008 وعندما كانت إسرائيل تدك غزة، انفعل نواب الإخوان وهاجوا وماجوا فى المجلس، وهو ما جعل نواب الحزب الوطنى يواجهونهم بعنف، من بين ما جرى أن أحد نواب الوطنى سب الإخوان ولعنهم ووجه لهم شتائم بالأب والأم.. لم يستطع النائب أشرف بدر الدين (الآن هو وكيل لجنة الخطة والموازنة فى البرلمان الجديد) خلع حذاءه وحاول أن يضرب به أحد أعضاء الوطنى.. وكان عقابه الحرمان من حضور بقية جلسات الدورة كلها. لكن أعتقد أن المعركة الأهم والأكبر فى تاريخ جزم الإخوان كانت عند مرشد الجماعة السابع مهدى عاكف.. وهذه قصة أعتقد أنها تستحق أن تروى.. 1 _جزمة مهدى عاكف فى العام 2006 كنت أشرف على عدد من مشروعات التخرج بقسم الصحافة فى كلية الإعلام، وكان من بين هذه المشروعات مجلة اسمها «الرئيس».. طلبت من بعض الطلبة إجراء حواراً مع مرشد الإخوان المسلمين وقتها مهدى عاكف. أجرى الطلاب الحوار بسهولة، وعندما جاءنى ما كتبوه وجدته كلاما عاديا إنشائيا لا جديد ولا مهم فيه على الإطلاق.. ولما رفضته قال لى أحدهم إن عاكف قال حاجة غريبة جدا فى حواره معنا ولكننا لم نكتبها.. كان الغريب الذى قاله عاكف هو «عندما نصل إلى الحكم سنضرب المعارضين بالجزمة».. اعتبرت ما قالوه محاولة لإثبات أنهم حصلوا من مهدى عاكف على صيد ثمين، ليؤكدوا أهمية حوارهم، طلبت شريط الكاسيت الذى سجلوا الحوار عليه واستمعت إليه بنفسه.. ولم يخب مهدى عاكف ظنى، كان الرجل قد قال الكلمة بنصها.. وبحماس منقطع النظير.. وربما بعقيدة مؤكد أنه تربى عليه فى جماعته. كان الحوار من حق الطلاب ومن حق مشروع تخرجهم، لكننى أخذت الحوار ونشرته بأسمائهم وصورهم.. فكان أن تلقفته الصحف الحكومية وقتها.. ولا أبالغ إذا قلت إن عبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف سطا على الحوار.. وتعامل معه الآخرون على أنه صاحب السبق فى هذا الحوار، رغم أنه كان حوار مجموعة من الطلبة لم يدركوا فى البداية أهمية ولا خطورة ما قاله مهدى عاكف فحذفوه.. كان اهتمام الصحف الحكومية وقتها بجملة مهدى عاكف التى لم تكن عابرة ضمن مشروعها الكبير لتشويه جماعة الإخوان المسلمين لحساب النظام، لكن اهتمامى بما قاله كان تأكيدا على حقيقة الجماعة التى تتصارع مع نظام مبارك على السلطة.. رغم إنكارها ذلك تماما.. وكانت المفاجأة التى كشفتها كلمة مهدى عاكف أن الجماعة لا تختلف كثيرا عن الحزب الوطنى .. فرجال مبارك فى الحزب يقمعون معارضيهم ويضيقون عليهم كل السبل.. ورجال المرشد عندما يصلون إلى الحكم لن يقمعوا معارضيهم فقط، ولكن سيضربونهم بالجزمة. لم تنكر الجماعة ما قاله مرشدها وقتها، تفرغوا فقط للهجوم وقلة الأدب ورمى معارضيهم بما فيهم.. فقد كشفهم مرشدهم الذى كان الأصدق بين مرشدى الجماعة وقادته، فقد كان مهدى عاكف يقول الحق دائما ولا يخفى شيئاً مما تريده أو تخطط له جماعة الإخوان المسلمين. حذاء الجماعة رغم أنه يعكس ضعفا وهزالا نفسيا، إلا أنه يؤكد أيضا أننا أمام جماعة تتعالى على الجميع.. إنها تعتبر نفسها جماعة ربانية صرفة.. لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. ولذلك فهى الأولى بالحكم وليس للآخرين إلا أن يخضعوا لها.. وإلا فإن لهم الحذاء وحده.. ليتحول شعار الإخوان الذى لم يتحقق حتى الآن ولو لمرة واحدة من «نحمل الخير لمصر» إلى «نحمل الجزم لمصر». 2 _ كلب صبحى صالح وابنه وربما يكون الوجه الأكثر تعاليا فى جماعة الإخوان المسلمين هو صبحى صالح الذى تحول بقرار من المجلس العسكرى من مجرد محام إلى فقيه دستورى.. صبحى عبر عن تعالى الجماعة عندما قال إن الإخوان لو رشحوا كلبا ميتا فسيختاره الناس. كان هذا الكلام مقبولا جدا من سعد زغلول عندما قال إن الوفد لو رشح حجرا لاختاره المصريون.. فالوفد وقتها كان حزب المصريين جميعا، وقد يكون سعد زغلول قالها من عشمه، لكن صبحى صالح قالها من غفلته واعتقاده أن المصريين يصدقون جماعته. لم يرشح الإخوان فى انتخابات الرئاسة كلبا ميتا.. بل رشحوا دكتور جماعة وخبيراً فى ناسا كما يقولون ووقفوا وراءه جميعا.. والآن يدورون حول أنفسهم حتى يصلوا به إلى كرسى الرئيس. لكن الأكثر تعاليا.. هو ما أقدم عليه صبحى صالح بعد الثورة بفترة وجيزة.. وقتها كان الإخوان يشعرون بالنشوة، لاعتقادهم أنهم الورثة الشرعيون والوحيدون لنظام مبارك.. وحتى يؤكد صبحى نقاء الجنس الإخوانى قال إن الإخوانى لا يتزوج إلا إخوانية.. ومن يفعل ذلك فإنه يستبدل الذى هو أدنى بالذى هو خير. كان التصريح صادما ومقرفا فى الوقت نفسه، لكن دارت الأيام وجاء الدور على صبحى صالح، طعنه نشطاء الفيس بوك بصورة لابنه أحمد يجلس إلى جوار أبيه ومعه والدته وخطيبته غير المحجبة.. ليدللوا على كذب الرجل، ففى الوقت الذى يطالب الإخوان ألا يتزوجوا من خارج الجماعة، إذ به يزوج ابنه من خارجها وفتاة غير محجبة وهو فى عرف الجماعة أمر خطير. ترنح صبحى صالح.. فى رده على أمر الصورة قال إن نشر الصورة يعتبر خوضا فى عرض ابنه، ونسى هو أنه خاض فى أعراض غير الإخوانيات عندما وصفهن بأنهن الأدنى.. لكن ليس هذا هو المهم.. كى يتخلص صبحى صالح من ورطته قال إن ابنه ليس إخوانيا وزوجته كذلك ليست إخوانية، وهو أمر تعجب له.. فكيف لرجل فشل فى أن يجعل زوجته التى تعيش معه تحت سقف واحد وابنه الذى هو من صلبه يقتنع بفكرته ومشروعه.. يريد أن يدخل الشعب المصرى كله فى طاعته. الأكثر تدنيا بالفعل كان ما فيما قاله صبحى عن ابنه، قال مخففا من هول التناقض الذى وقع فيه إن سيدنا نوح وهو نبى كان ابنه كافرا.. وهنا لا يمكن أن تجد كلاما تقوله.. بقدر ما تبحث عن تعبير صوتى يتناسب مع اسكندرانية صبحى صالح.. لقد جعل الرجل من نفسه نبيا.. ولم يهتم بأنه جعل من ابنه كافرا.. وهو ما يعنى أيضا أنه فى عرف الجماعة كل من لا ينتمى إليها كافر حتى لو كانوا أبناءهم وزوجاتهم.. فاللهم احفظنا. 3 _ التاريخ لا يكذب والهضيبى أيضاً على صفحات الفيس بوك يتداول الآن نشطاء الشبكة الاجتماعية حوارا لمرشد الجماعة الثانى المستشار حسن الهضيبى، عنوانه بوضوح ودون لبس أو مواربة «المرشد العام للإخوان المسلمين يقول: إذا ولينا الحكم فلن نتخلى عنه». الصورة الزنكوغرافية منزوعة من سياقها، لا أحد يعرف وقت نشر الحوار ولا مكانه، وهو ما جعلنى أبحث قليلا عن هذا الحوار، لأجده منشورا فى مجلة المصور العدد الصادر فى 24 أكتوبر 1952 أى بعد أقل من أربعة شهور على قيام الثورة. فى هذا الحوار سأل المحاور حسن الهضيبى عن الإصلاحات التى يراها مناسبة للنظام الجديد، فقال: أن تكون الصلة بين الحاكم والمحكوم مبنية على أساس علاقتهما بالله عز وجل.. أى على أساس روحى لا على اعتبار أنها مجرد نظام مادى، وهذا الجانب الروحى هو الذى يجب على الحكومة أن تستند إليه فى كل ما تهدف إليه من إصلاح، لأن كل إصلاح لا يقوم على ما يقتضيه من هذه الناحية، فمصيره حتما إلى الانهيار. وعاد المحاور ليسأل الهضيبى: ولكنهم يقولون إن الإخوان جند بلا قادة وأنه لو أتيحت لهم فرصة الحكم فلن يجدوا من بينهم العدد الكافى من الساسة الأكفاء للولاية. ويرد الهضيبى: وهل من الضرورى أن يكون الوزراء من الساسة المحترفين، وعلى كل حال ليس صحيحا أننا تنقصنا الكفاءات، فبين صفوف الإخوان كثيرون ممن تخصصوا فى مختلف العلوم وستنجلى كفاءتهم عندما تتاح لهم الفرصة. فى الوقت الذى تحدث فيه حسن الهضيبى بهذا الشكل.. كان الإخوان مقربين من ثوار يوليو.. كانوا يعتبرون أنفسهم شركاء فى الحكم.. وهو ما كان سببا مباشرا فى انقلاب الثوار عليهم.. فقد أرادوا أن تكون لهم الكلمة العليا على الجميع. شىء من هذا يفعله الإخوان الآن.. وليس خافيا أن الإخوان إذا ركبوها فلن ينزلوا عن ظهرها أبدا.. لن يتيحوا فرصة لآخرين أن يزاحموهم فى السلطة.. ولم يكن حسن الهضيبى يكذب أو يختال بقوته وعلاقاته بثوار يوليو عندما قال إن الإخوان إذا تولوا السلطة فلن يتخلوا عنها أبدا.. فهذا دينهم الذى به يؤمنون.. ولا يؤمنون بغيره.. فالإخوان يعبدون الجماعة من دون الله.. والقادم وحده سيؤكد ذلك.