لو أن د. كمال نشأت حضر هذا المؤتمر. لوقف "كالأسد" الذي يزأر مهاجما تيارات شتي. وناسا كثيرين.. كأن يتهم مثلا وهو علي حق المجلس الأعلي للثقافة بظلمه وتجاهله لأنه حجب عنه كل جوائزه حتي جائزة التفوق التي فاز بها تلاميذه. حرمه المجلس منها. حين تقدم لها. بدافع احتياجه المالي إليها للإنفاق علي علاجه!! لو أن د. كمال مشاركا في مؤتمر اليوم الواحد الذي عقد بروض الفرج مؤخرا تحت عنوان: "كمال نشأت.. مسيرة قصيدة" تقدم عتابا رقيقا أو مرا لبلده الذي أحبه. وموطنه الذي عاش داخله دائما: مدينة الإسكندرية .. فالقاهرة هي التي بادرت بإقامة مؤتمر ولو لليوم الواحد عنه ولم تتحرك الإسكندرية لهذه الخطوة التي نظنها ستتداركها مديرية الثقافة هناك في ظل وجود مثقف محترم علي رأسها هو سعيد الهمشري. وبالتعاون مع جامعة الإسكندرية وكمال نشأت أحد خريجها وغيرها من جهات الثقافة بالإسكندرية. كمال نشأت غادر الإسكندرية في الخمسينيات واستقر بالقاهرة مدرسا بأكاديمية الفنون بعد حصوله علي الدكتوراه. ومن القاهرة يأسا من الأوضاع الثقافية والإدارية المتردية في أكاديمية الفنون غادر مصر كلها إلي العراق أستاذا في جامعاتها. ومنها إلي الكويت.. وقضي حوالي عقدين من عمره خارج الوطن .. وفي كل لحظة لم ينس الإسكندرية.. كم من مرة جلس معنا. بعد عودته إلي القاهرة واستقراره بها. وحرصه الكامل علي التواصل مع جماعة الجيل الجديد وحضور ندوتها الأسبوعية. ثم بعد الندوة يحكي لنا عن أيام دراسته في جامعة الإسكندرية وعن رحلاته الجامعية. وعن عبثه مع زملائه وزميلاته. إلي حد كتابة قصيدة زجل "بيرمية جدا" في إحدي زميلاته هؤلاء. كانت هجاء مفزعا لها. بعد أن اشتبك معها قبل إبداع قصيدته هذه !! ويستفيض كثيرا في الحديث عن أساتذته في الجامعة. وعن جيرانه في السكن. وعن أصدقاء المقهي والندوات الأدبية في الثغر الجميل.. هكذا لم تغب عنه الإسكندرية لحظة حتي وفاته. القاهرة التفتت إلي الشاعر الرائد والمجدد الكبير وأحد أركان القصيدة التفعيلية التي نقلت الشعر العربي نقلات إلي الأمام. ومعه أركان أخري كالدكتور حسن فتح الباب أمد الله في عمره والراحل عبد المنعم عواد يوسف. وصلاح عبد الصبور ومحمد مهران السيد وغيرهم .. وأقامت هذا المؤتمر "البسيط" لأن نخبة من الأدباء كانوا قريبين من الراحل العظيم مباشرة. ولم ينسوه بعد رحيله وخاصة القاص حمدي عبد الرازق أمين عام هذا المؤتمر. والذي رافق د. كمال نشأت في عضوية جماعة الجيل الجديد. رغم التفاوت العمري الضخم بين الشاعر الرائد والقاص الشاب.. كما أن شبابا أخرين أدباء لاشك تحمسوا لهذه اللفتة في نادي الأدبي بقصر ثقافة روض الفرج. وكذلك الفنان محمد الشبراوي مدير عام ثقافة القاهرة. المؤتمر الذي عقد برعاية سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة ود. عبد القوي خليفة محافظ القاهرة. وبرئاسة د. حسين حمودة . بدأ بمعرض للفنون التشكيلية وضم جلسة أولي بعنوان : "كمال نشأت .. مسيرة ابداعية" تحدث فيها الباحثان د. أمجد ريان ود. خالد البوهي وأدارها حسن خضر. وجلسة ثانية بعنوان: "نبوءة الثورة.. قمر الوطن الذي لا يغيب" تحدث فيها د. خالد فهمي ورمضان أحمد عبد الله. وأدارها حمدي عبد الرازق.. ثم أمسية شعرية علي هامش المؤتمر شارك فيها رجب محمد ومحمد الدالي وعبد الباسط الغرابلي ومحمد الشحات وأدارتها أمل عامر.. مع جلسة شهادات تحدث فيها إيهاب البشبيشي وناصر صلاح وسعيد الصاوي.. كما تم تكريم أسرة المبدع الكبير الذي عاش مضطهدا ومات مظلوما. وكذلك د. عبد القوي خليفة ود. حسن حمودة ومحمد كشيك وخميس عطية وأنس الوجود عليوة.. وصدر كتاب ضم عناوين : "كمال نشأت أستاذي الأول" لحسن توفيق. و"كمال نشأت: الشعر فن جماهيري لا يكتب للنخبة فقط" لنبيل فرج. و"كمال نشأت في آخر حوار قبل رحيله" لهالة فهمي. و"شاعر مفصلي مازال يضيء" لبهاء جاهين. و"قراءة في شعر كمال نشأت" للدكتور خالد فهمي. و"من الرومانتيكية إلي الواقعية" للدكتور أمجد ريان. و"اللا محطة واللا نقطة للمسافر كمال نشأت" لرمضان أحمد عبد الله. و"كمال نشأت مسيرة إبداع" للدكتور خالد البوهي. والمعروف أن كمال نشأت الذي عاش حتي منتصف العقد التاسع من العمر. ظل رحمة الله متمتعا بروح الشباب والمغامرة والحماس حتي السنوات الثلاث الأخيرة من عمره. حينما أقعدته بعض امراض الشيخوخة في بيته. وقبل هذا ظل شريكا منتظما لمدة عشر سنوات في ندوة جماعة الجيل الجديد بنقابة الصحفيين. وظل يبدع قصائد الومضة التي ضم عددا منها في ديوان بعنوان "ومضات" وكذلك استمر في دراساته النقدية. وخاصة في مجال نقد الحداثة. وله كتاب قيم جدا في هذا المجال. وبسبب صراحته في كشف سطحية بعض تبارات الحداثة وكتاب النثر. وتوجهاتهم التغريبية كان يتعرض لهجوم شديد من هذه التيارات التي يصفها بالهدامة . وهي تتهمه بالجمود!!