ظهرت قبل جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية مجموعة ظواهر مقلقة وخطيرة فقد انقسم المصريون الي فصائل وشيع فهناك الثوريون ضد الفلول والمسلمين يخالفون الأقباط مما يعصف بالديمقراطية التي من أجلها اندلعت ثورة 25 يناير. رجال السياسة وخبراء القانون أدانوا الظاهرة مؤكدين أننا نعيش مأساة حقيقية تبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد مشيرين الي أن النخبة تسعي للمصالح الضيقة في انتهازية واضحة. قالوا: علينا أن نتفرغ للإصلاح وليس لتصفية الحسابات لأن البديل سيكون خطيراً وسيدفع الجميع الثمن باهظاً. د.عمرو الشوبكي الخبير بمركز الدراسات الاستيراتيجية يشير الي أن الدولة لابد أن تكون كيانا راسخاً حتي لو كانت بحاجة الي اصلاح وتغيير واعادة هيكلة وتطهير ولكن الهدم والتفكيك أمر مرفوض. أكد أن التحدي الحقيقي الذي يواجهنا الآن هو اصلاح الدولة وليس الانتقام أو تصفية الحسابات بسبب أخطاء النظام السياسي السابق. قال إن الدعوات التي يطلقها البعض بالانتقام أو الاحتجاج بخلاف تقسيم المصريين وتصنيفهم طبقاً لتوجهاتهم الانتخابية يضرب الديمقراطية الوليدة في مقتل علي الرغم من أن النظام الديمقراطي هو النظام السياسي الوحيد القادر علي تصحيح نفسه من الداخل دون حاجة لما يحدث من القوي السياسية المختلفة. شرائح عريضة السفير أحمد حجاج رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان.. يطالب كل مصري بوضع مصر ومصلحتها العليا فوق كل شيء مشيراً الي أن الديمقراطية الناشئة تحتاج الي وقت كي تترسخ في نفوس الكثيرين أما استعداد شرائح عريضة من الشعب والعمل علي تقسيمه الي ثوريين وغير ثوريين ونظام قديم وفلول يؤدي الي غياب مفهوم المصلحة العامة لدي الكثيرين ويثير كذلك الفتنة بين الناس مما يضعف الدين والوطن ويخلق أجواء التشاحن والفرقة وبالتالي تصبح الفرصة سانحة أمام أعدائنا لتنفيذ مخططاتهم لتفتيت مصر. أكد علي ضرورة أن يترفع الجميع ويبتعد عن الانتهازية والمصالح الضيقة لأن البعد عن الوسطية واللجوء الي المغالاة والتطرف الفكري أمر خطير. د.مصطفي كامل السيد عضو اللجنة الوطنية للتغيير السلمي وأستاذ العلوم السياسية يري أن الديمقراطية تعاني من مأزق خطير يهددها بعد أن تم تقسيم المصريين الي شيع وأحزاب وغابت المواطنة التي يجب أن تكون الأساس في أي اختيار بغض النظر عن اللون والجنس والدين. أضاف أن استمرار التقسيم يخالف تماماً حقوق الإنسان التي تدعو الي المساواة في الحقوق والواجبات وعدم حرمان الشخص من أي حقوق لأسباب خارجة عن إرادته وهذا ما يجب أن يكون المنهاج في حكمنا علي الأمور. أوضح أن اللجوء الي صندوق الانتخاب قد لا يأتي بالأفضل في كل الأحوال بالتأكيد ولكنه في نفس الوقت البداية لتطبيق الديمقراطية الحقيقة فلا يوجد أي بديل آخر حتي الآن ومن ثم علينا أن نلتزم بما تفرزه الانتخابات طالما خضناها من البداية وإذا لم يكن الأداء بعد ذلك علي المستوي المطلوب فمن الممكن التغيير بعد ذلك من خلال الصندوق الانتخابي مرة أخري. إحباط الشعب سعد عبود عضو مجلس الشعب ووكيل مؤسسي حزب الكرامة يؤكد أن الوحدة الوطنية والتوافق بين الفصائل المختلفة هما الملاذ الأخير لنا وضربهما يؤدي الي حالة من الفوضي وفي نفس الوقت الاحباط للشعب الذي أيد عن بكرة أبيه ثورة 25 يناير ودعمها. أضاف أن التشيع لأي مرشح علي أساس الدين أو العقيدة شيء خطير يؤدي الي الفرقة بين عنصري الأمة اللذين ظلا منذ فتح مصر نموذجاً للترابط والتكامل والعيش في محبة وسلام ولا يمكن أن يختلفا علي أمور سياسية مسموح فيها اختلاف الرأي ولكن مع حفاظنا علي الثوابت التي تحكم المجتمع. أوضح أن الاختيار يجب أن يكون علي أسس عقلانية وبناء علي دراسة عميقة للبرنامج المستقبلي للمرشح وتاريخه النضالي ومدي قدرته علي إدارة دفة الأمور في وقت تعصف بنا أعاصير المشكلات وتهدد مستقبل مصر وشعبها..أشار الي أن تقسيم المصريين الي فرق وشيع هو هدف القوي الخارجية والداخلية الراغبة في عدم الاستقرار وانطلاق مصر الي ما تستحقه من مكانة وعلينا اليقظة لهذه الخطورة ولا نسمح بها أبداً. د.يوسف أبو النصر أستاذ العلوم السياسية يقول: إن تقسيم المصريين علي أساس طائفي شيء في منتهي الخطورة فقد سمعنا أن الكنيسة قامت بتوجيه الناخبين الي اختيار مرشح ما وأن المرشح الآخر قدم نفسه علي أنه المعبر عن الإسلام وهذا شيء في منتهي الخطورة ويتنافي مع أبسط قواعد الديمقراطية. أضاف أن دعم السياسة متاح فيه كل شيء كما يقولون ولكن في نفس الوقت هناك محددات لا يمكن المساس بها كوحدتنا الوطنية التي ظلت صامدة لمئات السنين ولا يمكن أن تنهار الآن بسبب انتخابات رئاسية أو غيرها. أوضح أن احترام الرأي والرأي الآخر شيء مهم في الديمقراطية ولا يمكن أن نخالفه ونحن نسعي جاهدين الي تطبيق الديمقراطية بعد سنوات طويلة من الكبت وتقييد الحريات فلا يصح أن نفرق بين الشعب ما بين ثوريين وفلول ففي كل الأحوال يجب أن نحترم ما يأتي به الصندوق الانتخابي. أشار الي أنه رغم سوداوية الصورة والقلق الذي ينتاب جميع فصائل الشعب من هذا الوضع إلا أنني أشعر بالتفاؤل فالديمقراطية قادرة علي استيعاب كل هذه الأوضاع وفي نفس الوقت تصحيح نفسها بنفسها.د.شوقي السيد المحامي يري أن هناك مأساة حقيقية يعيشها المصريون تمثلت في انتشار الاتهامات وتوزيعها بلا حساب مما يهدد المجتمع ويبث الفرقة بين أبنائه. قال إن الثورة 52 عندما قامت أصدرت قانونا كان هدفه الاستقرار وازالة الاحتقان في المجتمع وأصدرت مرسوما بالعفو عن الجرائم السياسية.. أما ما نحن فيه الآن ينذر بعواقب وخيمة وبالتالي فنحن في حاجة لنشر ثقافة القيم واحياء التسامح وقبول الخلاف في الرأي والتوجه لأن مباديء الثورة تمثلت في الحرية والديمقراطية وحق الاختلاف.. أما الاقصاء والانتقام تخلق أجواء الاحتقان والتوتر وفي نهاية الأمر فإن فلسفة الديمقراطية هي الحكم للأغلبية أياً كان وزنها وعددها. أزمة ثقة ممدوح رمزي مساعد رئيس حزب الإصلاح والتنمية يشير الي أن الواقع يفرض علي الجميع تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن أزمة الثقة الموجودة بين كل ألوان الطيف السياسي. أوضح أن التكريس المستمر لسياسة الاقصاء والتخوين تمزق وحدة الوطن ويدل علي أننا نعيش مرحلة التصحر الفكري بكل مساوئها ولا يصح علي الاطلاق ما تفعله النخبة أو القوي السياسية بتحليل نتائج الانتخابات بالشكل الذي توصلت اليه حيال تصنيف المصريين وتوجهات أصواتهم نحو المرشحين ففي النهاية كلنا شركاء في الوطن وينبغي أن ترتفع القومية فوق المعتقد لأن المعتقد علاقة بين الخالق والمخلوق لا ينبغي أن يتدخل أحد فيها. من الضروري ألا نستدعي الماضي في كل لحظة لأن مصر الآن في أمس الحاجة الي تكاتف وتكتل القوي السياسية والوطنية والدفع نحو الدولة المدنية الحديثة بكل مقوماتها دون النظر الي الجنس واللون والعقيدة. أكد أن اللعب المستمر علي وتر السياسة والدين لن يؤدي إلا إلي تمزيق وتفتيت وحدة الصف والوطن. قال إن وحدة مصر وتركيبتها الاجتماعية خط أحمر ينبغي عدم الاقتراب منه أو المساس به كذلك مصادرة أفكار أو توجهات المصريين مرفوض ولابد من المضي في تجربتنا الديمقراطية حتي نهايتها ولابد أن يعتاد الجميع احترام الصندوق باعتباره الشرعية ورأي الشعب. لا نريد ارهابا فكريا يخلق أجواء الفوضي والاضطرابات ويفتح أبواب العراك والقتال. طالب الأحزاب بأن تعمق الفكر الوطني لدي المواطنين وتعمق القومية حتي تكون مصر في طليعة الدول باعتبارها دولة محورية في المنطقة وكفانا ما فعله النظام السابق من تفتيت للدور الطليعي والقيادي. ممارسات غير مسئولة * المستشار محمد حامد الجمل.. نائب رئيس مجلس الدولة السابق أكد ان غزو عقول الناس وغسلها أمر خطير ومبدأ بعيد عن الوطنية تماماً كما أن التقسيم الذي نسمعه الآن حول المصريين بعدانتهاء المرحلة الأولي من الانتخابات مبدأ غير وطني ومؤامرة سيدفع الجميع ثمنها كثيراً. أضاف ان كل ما يحدث من ممارسات غير مسئولة هي بمثابة محاولات صارخة لإلغاء الواقع المصري والقضاء علي المستقبل الذي يأمله الشعب للتقدم نحو النهضة والديمقراطية. قال إنه لابد من مواجهة كل هذه التصريحات والسلوكيات المتطرفة بالقانون لأنه القادر علي العقاب حيال كل هذه المخالفات التي تدمر الثورة وأهدافها. * د.حمدي عبدالرحمن عميد حقوق المنوفية السابق: ما نعيشه الآن في أعقاب انتهاء الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية يعكس حالة من الفوضي الفكرية والسياسية ويعكس أيضاً ضحالة ضخمة في المفاهيم السياسية لدي المواطن بصفة عامة وهذا نتيجة طبيعية لغياب الديمقراطية في الحياة المصرية منذ عام .1952 أضاف ان مرور 60 عاماً دون حياة أو مدارس سياسية بالمعني المفهوم في الديمقراطية الحديثة أوجد الحالة الملتبسة لدي الجميع سواء النخبة أو المواطن البسيط مما أدي إلي ضعف الوطن فكرياً وثقافياً وسياسياً فضلاً عن ارتفاع نسبة الأمية وانتشارها أيضاً بين صفوف المتعلمين والأخطر من كل هذا الأمية السياسية. قال ان ما يحدث من تراشق أو تصنيف للمصريين سيكون له مردود كارثي علي المواطنة ومستقبل الوطن والأجيال القادمة. أكد ان الشعب المصري لن يرضي بالتقسيمات أو التصنيفات علي أسس دينية أو توجهات سياسية نظراً لأنه معروف بسماحته ووسطيته الدينية علي طول تاريخه. لابد ان يعي الجميع ان وضع المصريين بين مطرقة الدين وسندان السياسة أمر خطير ينبغي اصلاحه وخلق التطرف بين الديانات ينال من مصر وثورتها. أشار إلي أنه من العبث ان تصدر تصريحات وأقوال غير مدروسة ولم يتم بناؤها علي أسس واضحة فالكل يجب ان ينضبط في توجهاته وإلا فإن حالة اللانظام في الممارسات الفكرية لن نجني منها إلا الاضطراب والتراجع. ينبغي ان نتوقف ونعد أنفسنا للمستقبل فمصر في حاجة لبعث وميلاد جديد.