تتميز محافظة قنا التي طالما اتخذت رمزا للإبداع بكافة أنواعه. باحتضان العديد من مفردات التراث الشعبي وأشكاله التي تميز الإقليم ليمتلك طابعا خاصاً. لاسيما مع تناقل الأجيال المتعاقبة لتلك الأشكال علي مر العصور بمراحل التي أبرزها "العدودة" و"لعبة العصا" والعمائم كبيرة الحجم التي تنسدل ذؤابتها حتي الكتف و"الجبة" التي تتزين بها عجائز النساء. يقول مروان حسن موسي إن هناك حرصا من جانب الرجال علي ارتداء العمائم البيضاء كبيرة الحجم التي ربما تفوق حجم الرأس بمراحل وتنسدل ذؤابتها حتي الكتف ولا يخرج الرجال بدونها. وفي المقابل نجد النساء داخل القري وحتي المدن بحكم سيطرة القبلية يرتدين "الجبة" وهي نوع من أنواع الملابس التي تشبه جلباب الرجال. إلا أنها مصممة كزي للنساء ولا تخرج المرأة دون ارتدائها في كافة المناسبات السعيدة والحزينة وإن كان البعض منهن في المراحل العمرية ما بين 20 - 40 عاما يرتدين العبايات الواسعة الفضفاضة وربما تختفي الجبة بعد عشرة أعوام مع تغيير طبيعة الحياة وارتفاع نسبة التعليم عن الماضي حيث إن الفتيات المتعلمات يرفضن ارتداء هذا الزي المقترن بكبار السن. أوضح محمد صلاح إسماعيل أن لعبة العصا تمثل تراثا بالنسبة لأبناء الصعيد بشكل عام التي يحرص عليها الصغار والكبار في كافة المناسبات والأعياد وحفلات الزفاف علي أنغام المزمار البلدي والتي تجذب إليها العديد من الهواة.. ويتحدث ادل صابر - أمير شعراء فن الواو. حول "العدودة" كأحد أبرز وأهم مفردات الأدب الشعبي والتراث القديم حيث تتردد في كل مكان رغم اختلاف الثقافات التي يدين بها أبناء المجتمع. مشيرا إلي قيامه بجمع 4000 عدودة فمن مختلف محافظات مصر منها ألف عدودة حصل عليها من والدته بقرية الدير الشرقي بمركز قنا. لافتا إلي العدودة انتقلت قديما من قنا لخارجها إما عن طريق صناعة الفخار التي تشتهر بها المحافظة. حيث كان التاجر يسافرون إلي بلدان أخري لترويج منتجاتهم وقد تستمر رحلتهم شهرا يحضرون خلالها الجنائز فنقلوا في تلك المدة فن العدودة. كما انتقلت عن طريق "الحلب" الذين كانوا يحضرون للمحافظة ونقلوا عنها العدودة بعد مشاركتهم في المناسبات التي تتردد خلالها. أوضح أن العدودة أوشكت علي الانقراض بسبب تحريم رجال الدين لها باعتبار أن بها نماذج تمثل تطاولا علي الذات الإلهية وهي عكس ذلك تماما إذ تتناول صفات الميت ورسولنا الكريم - صلي الله عليه وسلم - يقول "اذكروا محاسن موتاكم". كما أن سيدات العصر ممن يطلق عليهم "جيل الزراير" بفعل التكنولوجيا لا يحرصن علي حفظ العدودة مما أسهم إلي حد بعيد في انقراضها تدريجيا. وأشار إلي أن العدودة هي أهم ما يهز وجدان الإنسان وتجعل دموعه تسيل في الجنائز وقد لا تستخدم في وقت تشييع جثمان الميت بل في أعقاب عملية الدفن وهي عبارة عن أربعة أبيات كل شطرين منها علي بحر البسيط وينتهيان بحرف الروي. وتختلف قافية أول شطرين عن الشطرين الآخرين كما تعتمد علي مفردات صعيدية قحة لتمثل الغناء الحزين في جنوب مصر. ويقول عادل صابر: إن العدودة لها أهداف تختلف طبقا للظروف الذي تستخدم فيه. ومن بين الأبيات التي كتبها أمير شعراء فن الواو عادل صابر كعدودة ترددها الأم وهي تبكي يُتم طفلها بعد فقد والده: بكي اليتيم واتطلع في الحيط قال بختكم يأبواتكم في البيت بكي اليتيم وأتطلع بره قال بختكم بأبواتكم جوه ومن الأبيات التي كتبها وترددها النساء في بكاء الرجل الذي مات دون أن يكون لها أولاد: قليل الخليفة لفوه في سرواله ما عادت الجلسة تجيب ساله قليل الخليفة لفوه في برشة ما عادت الجلسة تجيب ذكره يا ريت كان له ولد وكان متهبل يمسك خشبة النعش ويسبل يا ريت كان له ولد وكان هابيل يمسك خشبة النعش لما يميل لموا الحصيرة وكحرتوا الجرة مالوش ولد يأخد العزا بره لموا الحصيرة وكحرتوا البلاص مالوش ولد يأخذ العزام الناس من جانبه قال الأستاذ الدكتور قرشي عباس دندراوي عميد كلية الآداب بقنا جامعة جنوبالوادي إن الكلية أنشأت مركزا لتحقيق التراث يتم تجهيزه بشكل جيد خلال الفترة الحالية . وأكد سعد فاروق - رئيس إقليمجنوب الصعيد الثقافي - أن الهيئة العامة لقصور الثقافة لديها مشروع "أطلق المأثورات الشعبية المصرية" الذي يضم مجموعة من الباحثين يقومون بجمع التراث الشعبي من أزياء ولهجات وغيرها من المفردات وأشكال الفلكلور. إلي جانب قيام قصر ثقافة قنا بتنفيذ مشروع "مسرح الجرن" داخل قرية أبومناع بمركز دشنا منذ ثلاث سنوات ويعمل علي جمع المفردات والألعاب والحكايات الشعبية وتقوم فكرة مسرح الجرن علي أساس التفاف أبناءالقرية حول مؤدي السيرة الشعبية أو الراوي في أماكن مفتوحة تسمي الجرن أووسط الزراعات في القرية .