كان الأمس يوماً غائماً مترباً إلا ان خبراتي الحياتية في صعيد مصر والخليج دفعتني للتفاؤل بهذا اليوم فبعد الغيم صحو وبعد التراب قليل من المطر يغسل الشجر والحجر والابدان والنفوس. بدأت الأمس بزيارتي السنوية إلي إدارة مرور المعادي لتجديد رخصة سيارتي وبعكس غبار الجو كانت بشاشة رئيس وحدة المرور المقدم خالد شوقي الذي وجد شخصا أجنبيا وزوجته جاءا لتجديد رخصة سيارتهما في هذا الجو المترب أصر علي استقبالهما في مكتبه وانهي لهما الإجراءات في دقائق فهو يدرك انه عنوان مصر ومثل هذه اللفتة الكريمة والبسيطة ستترك اثراً طيباً في نفسيهما شكرته علي مافعله واستبشرت خيراً بهذا اليوم الغائم المترب إلا ان المطر الذي كنت انتظره لم يهطل. المطر الذي يغسل النفوس والابدان وإذا بنفسي ادرك معني جملة قرأتها كثيراً إلا انني لم أكتبها في حياتي المهنية الطويلة وهي "وتنفس فلان الصعداء" اعرف المعني وهو ان شخصاً أخذ نفساً عميقاً شهيقا وزفيرا بعمق وطول وعرض صدره تعبيراً عن الارتياح الذي يكون قد سبقه فترة من الزمن المليئة بالتوتر والتوجس والريبة تنفست اخيراً الصعداء عندما صدر قرار اللجنة العليا للانتخابات واستبعدت عشرة مرشحين من قائمة مرشحي الرئاسة. لم تذكر اللجنة ان هذا بفلول وان الآخر ليس فلول كان الاستبعاد بسبب عدم توفر الشروط اللازمة للترشح كان قرار اللجنة فيما يبدو هو المطر الذي كنت انتظره سبقه رذاذ بسيط في شكل بيان صادر من جهاز المخابرات العامة المصرية يوضح فيه ان الجهاز يقف علي مسافة واحدة من كافة مرشحي الرئاسة باعتبارهم مواطنين شرفاء ويوضح الجهاز انه سيظل دائما ملكاً للشعب المصري يحمي تراب الوطن ومصالحه الحيوية في مواجهة اية تهديدات ومخاطر وداعيا الله ان يحفظ مصر دائما ويحميه من كل سوء رذاذ سبق المطر وانتهي الأمر وعلي القوي السياسية جميعها ان تعيد النظر في مواقفها نحن في حاجة إلي البناء الحقيقي ليعود لمصر رونقها وجمالها ومكانتها نحن لسنا في زمن المغانم وتقسيمها وإذا كان بعد الغيوم والغبار جو صحو واشراق فقد انحسر الغيم وبأيدينا من الممكن ان ننفض التراب دون انتظار مزيد من الأمطار.