عندما دخلت طائرة استطلاع أمريكية الأجواء الصينية في بداية عهد بوش الابن. حاصرتها طائرتان صينيتان من الجانبين وأجبرت الطائرة الأمريكية علي الهبوط اضطرارياً في مطار جزيرة "هايتان" ترافقها طائرة صينية بعد سقوط الأخري التي اصطدمت بطريق الخطأ بالطائرة الأمريكية. القوات الصينية كانت في حالة استعداد قصوي وطالبوا طاقم الطائرة بالخروج والاستسلام. ولم يمهلوهم وقتاً لتحطيم أجهزة الطائرة وحذف جميع بياناتها المسجلة حتي لا تقع هذه الأسرار بيد العدو! الكونجرس الأمريكي لوح بعدد من أوراق الضغط لكن موقف الصين ظل ثابتاً ومتماسكاً وطالبت بكين بضرورة تقديم أمريكا لاعتذار رسمي. في مقابل اطلاق سراح طاقم الطائرة ال .24 انصاع الرئيس بوش للطلب وقدم اعتذاراً رسيماً. ومن ثم افرجت الصين عن أفراد الطاقم وابقت علي الطائرة. الأشد ضراوة في الموقف الصيني أن بكين رفضت محاولات أمريكا إرسال طاقم فني لإصلاح الطائرة واقلاعها مرة أخري. ولم تجد واشنطن بداً أو خياراً غير التسليم مرة أخري لشروط الصين. التي اشترطت نقل الطائرة بعد تفكيكها عبر وسيط ثالث. العلاقات بين الصين وأمريكا متينة ووثيقة والصين تحظي لسنوات طويلة بالدولة الأولي بالرعاية التجارية. والأسواق الأمريكية مفتوحة علي مصراعيها للبضائع والصادرات الصينية. كل هذا لم يمنع الصين ان تذود عن نفسها بصرامة وقوة في غير ضعف أو لين. ولم تعقد صفقة من أي نوع مع أمريكا ولا قطعت شعرة معاوية أو سحبت سفيرها لكن استمرت العلاقات القائمة علي المصالح المشتركة والاحترام المتبادل دون تغيير واعتبر الحادث أمراً عارضاً غير قابل للتكرار! وليس ببعيد ما حدث في ديسمبر الماضي بعد استيلاء إيران علي طائرة تجسس أمريكية. ورغم التوتر المحتدم بين الجانبين لم تتردد إيران في الذود عن نفسها. ولم تنفع النداءات ولا الاستجداءات الأمريكية في استعادة الطائرة. وتعاملت إيران مع الموقف بكل صلابة وبما لديها من أوراق لعب. وما لديها من قدرات عسكرية رادعة حقاً! أما نحن فقررنا عقد صفقة رديئة وعطلنا مجاملة وعمداً حظر سفر المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي للجمعيات المدنية. ولا أحد يستطيع ان يكتم غيظه ازاء مسألة تتعلق بسيادة واستقلالية وطن وقضاء. كان يكفينا ان نعلن للطرف الآخر أن الأمر يقع في سلطة وقبضة القضاء. ونعفي انفسنا من أي حرج أو مسئولية. ولكي يدرك الآخرون أن مصر دولة مؤسسات وتتمتع بالفصل بين السلطات وبالسيادة الكاملة علي أراضيها. لكن.. ماذا نقول فيما حدث؟!