لم يكن هناك شك في أن الفوز برئاسة اليمن سوف يكون من نصيب نائب الرئيس لواء الجيش السابق القادم من الجنوب عبدربه منصور هادي. في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت في اليمن يوم الثلاثاء. والسبب بسيط للغاية وهو انه كان المرشح الوحيد الذي يخوض هذه الانتخابات كمرشح توافقي حظي باختيار الحكومة والمعارضة. وسوف يتولي هادي الرئاسة لمدة سنتين فقط وفقا للمبادرة الخليجية لاحلال السلام في اليمن وانهاء المواجهات العنيفة التي تشهدها منذ عام والتي سقط من جرائها مئات أو آلاف القتلي وأصيبت البلاد بما يشبه الشلل.. وبعد ذلك تجري انتخابات تعددية. وكانت هذه الانتخابات بمثابة اعلان لرحيل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح عن السلطة رسميا بعد ان تشبث بها لثلاثة وثلاثين عاما. وقبلها كان صالح يعد رئيسا للبلاد من الناحية الرسمية. وكان هادي البالغ من العمر 66 سنة مجرد قائم بأعمال الرئيس منذ يناير من العام الماضي. ومن المفارقات انه لم يكن يستطيع ممارسة عمله من قصر الرئاسة الذي احتله أحمد نجل علي صالح. واكتفي بممارسة عمله من مبني وزارة الدفاع. وقد يري البعض الانتخابات بمثابة اعلان لخروج هادي من دائرة الظل التي ظل حبيسا لها منذ اختاره صالح نائبا له قبل 18 عاما كمكافاة له علي المشاركة في التصدي للانفصاليين في الجنوب رغم انه من ابنائه. لكن البعض الآخر يشفقون عليه من التحديات الصعبة التي يتعين عليه ان يواجهها خلال العامين. وهذه التحديات سبق ان أجملها هو بنفسه في حديث أدلي به قبل حوالي الشهر. فهناك اقتصاد ينهار. وتهديدات متزايدة مما يقال انه تنظيم القاعدة والاتجاهات الانفصالية في الجنوب والمتمردون الشيعة المعروفين باسم الحوثيين في الشمال. ومضي في حديثه فذكر ايضا الطرق المغلقة وانابيب البترول التي توقف الضخ فيها والاحوال المعيشية الصعبة التي يمر بها ابناء البلاد بسبب الاحداث والنشاط التجاري والصناعي الذي يكاد يكون قد توقف تقريبا. لكنه في الحقيقة لم يجرؤ في الحديث أو مجرد الاشارة إلي تحد رئيسي يواجهه وهو ابناء علي صالح واقاربه وانصاره الذين يحتلون المناصب الحساسة في الجيش والشرطة وكافة المواقع. وكما يقول المحلل السياسي اليمني عبدالغني الايرياني فانه يتعين علي هادي- الأب لخمسة ابناء- ان يثبت انه ليس امتدادا لصالح من خلال استبعاد هؤلاء أو تقليم اظافرهم وتحييدهم علي الاقل وهي معادلة صعبة يتعين عليه تحقيقها. ويعبر الايرياني عن هذا الوضع بقوله "ان صالح له ظل ثقيل علي السياسة في اليمن. ويحاول انصاره الدفاع عن هذه النقطة بالذات فيؤكدون ان هادي ليس تابعا يسير خلف صالح كظله وكثيرا ما كان يختلف معه. وكانت آخر الخلافات في مطلع العام الحالي حيث رفض عودة عدد من اقارب صالح وانصاره إلي المناصب التي ابعدوا منها بمقتضي اتفاق تفويض السلطة في يونيو الماضي. ويقول محلل آخر ان هادي يتميز بأنه مرشح قومي يرفض القبلية. وهو ينتمي إلي فئة اصحاب الخبرة "التكنوقراط". وهو يتمتع بعلاقات طيبة مع كافة الاتجاهات.. لكنه ضعيف سياسيا. وهادي سبق له دراسة العلوم العسكرية في بريطانيا عام 66 عندما كانت عدن لاتزال مستعمرة بريطانية. وقد درس العلوم العسكرية ايضا في مصر والاتحاد السوفيتي السابق وكتب رسالة عن الدفاعات الاستراتيجية في المناطق الجبلية.