"مخربشات الأودية البهيمة". عنوان الديوان الأول للشاعر أحمد علي منصور. صادر عن إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي. ويضم عشرين قصيدة تجمع بين الذاتي والموضوعي. والخاص والعام. خاصة قضايا الوطن. والتي تمثل الجانب الأكبر من موضوعات قصائده العشرين. التي اتخذت من الشكلين التفعيلي والخليلي مجالاً للدفق الشعري المترع بالإيقاع الدال. والصور الشعرية الرشيقة. يذكر الدكتور أحمد محمد حنطور أن قصائد الديوان في بنائها الموسيقي علي نظام الشعر العربي القديم وشعر التفعيلة. بأداء محكم يدل علي امتلاك الشاعر للأدوات الفنية القادرة علي التعبير عن التجارب الشعرية الجديدة. والتصوير الحي لما يدور في داخله من رؤي وصور دالة معبرة عن واقع الإنسان العربي المعاصر بكل ما يحيط به من هموم ومشكلات ذاتية واجتماعية وسياسية. ومع مغالاة الشاعر في التناص حيناً. ووقوعه في أسر الواقعية التعبيرية الرتيبة التي تستمد كلماتها من رحم الموقف والأحداث. إلا أنه استطاع - بحسه الشعري - أن يبث في كثير من قصائده وهج الفن. ودفق التعبير الشعري الناهض بحق التجربة في التفكير والتصوير. أما الدكتور أحمد عبدالحي يوسف. فيري أن القارئ لهذا الديوان لا يملك إلا أن يقول بعد أن يفرغ من قراءته: هذا هو الشعر. حيث صفاء اللغة. ونقاء الصورة. وسطوع العبارة. ووضوح الفكرة. وجودة الهدف والمسعي. فالشاعر يحمل علي كاهله هموم أمته. وهو يعبر عن هذه الهموم بلغة فنية بعيدة عن التقرير والشعارات. لغة يلتحم فيها الواقع بالخيال. تولد ولادة طبيعية لا قنص فيها ولا ابتذال ولا افتعال. ويري الدكتور مختار عطية عبدالعزيز عن الشاعر أن شعره ضرب من الهيام والتطواف الذي لا قيمة له إلا عند نشوء القيمة. ولا فائدة منه إلا إذا بحث عن الفائدة. ولا غاية له إلا إذا كان وسيلة لهذه الغاية. راسماً شُعَب الفضيلة والخير والحق. مبلوراً بالكلمات رؤية مكتملة تكون مراساً لصاحبها عبر مساحات الإبداع الغيري. فيضع لنفسه مكاناًَ يود فيه مغايرة الآخر. ذلك الآخر الذي ربما لم تلفته القيمة بقدر ما تتجاذبه هذه الهيامات الزائفة. والتطواف الساعي نحو اللاجدوي. هذا هو الديوان الأول للشاعر. بعد رحلة مع الكتابة تجاوزت العشرين عاماً بعد نشر قصيدته الأولي بجريدة الجمهورية 1987م. وهذه الفترة الطويلة من التريث في النشر إنما كانت للحرص المبالغ فيه للاستشراف الدائم لتجربته الشعرية. واكتساب اليقين في الاستحقاق. والسعي الدائم لمحاولة صنع صوت خاص بين التيارات الشعرية الجديدة. عبر محاولات التجريب الواعية بين الأصالة والمعاصرة.