إذا كان ما نشرته اليوم السابع حول النبت الشيطاني المسمي بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صحيحاً .. ويقيني أنه صحيح .. فإننا نكون قد بدأنا فعلاً حرب الشوارع. قالت الصحيفة إن عدداً من الشباب الملتحي يرتدون جلاليب بيضاء ويحمل كل واحد منهم عصا من الخيزران مروا علي صالونات الحلاقة في بورفؤاد وحذروا أصحابها من حلق لحي المسلمين أو استخدام الخيوط في تسوية حواجب الرجال باعتبار ذلك من "التنمص" المخالف للشريعة الإسلامية. لم تذكر الصحيفة شيئاً أكثر من ذلك اللهم إلا خلفية معلوماتية عن تلك الهيئة المزعومة التي انطلقت علي الفيس بوك وتبرأ منها حزب النور السلفي حتي أن نادر بكار المتحدث الرسمي للحزب أكد أنه لا حاجة لمثل هذه الهيئة لأن الناس في مصر يعتبرون شرع الله فوق رءوسهم مما دفع هؤلاء الشباب إلي الاستقالة من الحزب الذي خذلهم. واقعة بورفؤاد كما نشرت هي تطبيق عملي لما سبق أن أعلنته تلك الهيئة في بيانها الثاني علي الفيس بوك الذي قالت فيه إنها تنظم صفوفها وسيكون لها مندوبون في كل محافظة وحي وشارع .. رغم رفض الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية إنشاء مثل هذه الهيئة. الواقعة تفرض أسئلة مهمة وتعليقات لا تقل عنها أهمية : * أولاً .. ما دخل أفراد أو حتي الدولة في أن أطلق لحيتي أو أحلقها؟ .. هذه حرية شخصية "وسنة" يمكن أن أفعلها وأثاب عليها أو لاً أفعلها ولا أعاقب عليها .. والثواب والعقاب هنا من الله وحده. * ثانياً .. من الذي سمح أصلاً بإنشاء هذه الهيئة؟ .. ان الهيئة الأم بالسعودية إنشأتها وتدعمها الدولة نفسها في حين أن الدولة في مصر لم ولن تسمح بإنشائها .. والكل علم برفض الأزهر والإفتاء لها .. كما أن حزب النور السلفي المفترض أنه "الأب الروحي" لها قد تبرأ منها وأعلن رفضه لها. * ثالثاً .. من الذي أعطي لهؤلاء الشباب الحق في أن يسلبوا الحاكم اختصاصاته؟ .. إذا كانوا يستندون إلي الآية الكريمة : "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" أو إلي الحديث الشريف الصحيح "من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان" فإننا نقول لهم : إنكم للأسف تلبسون الحق بالباطل .. وسواء فعلتم ذلك عن علم وغرض أو عن جهل ومرض فإن النتيجة واحدة .. لا حق لكم فيما تفعلون .. ويجب أن تتخذ الدولة موقفاً منكم وفق القانون. * رابعاً .. كيف سيجبر أعضاء هذه الهيئة المزعومة الناس علي التحجب أو التنقب أو عدم حلق اللحي أو غير ذلك؟ ..هل سيكون باليد أي بالقوة المخصصة للحاكم أي سيكونون دولة داخل الدولة مثلما هو الحال في السعودية؟ .. أم سيكون بالأدب والنصح واللين التي هي الحالة الوسطي في الحديث الشريف والتي تتطابق مع الآيتين الكريمتين : "وادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" و"كذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً؟! إذا كان بالقوة أو بالسلاح .. فإنني أقسم بالله العظيم ثلاثاً أن الناس وأنا أولهم سيواجهونهم بنفس القوة وذات السلاح ابتداء من الشومة حتي السلاح الناري وبالتالي ستكون الدماء بحوراً في الشوارع. وإذا كان بالحكمة والموعظة الحسنة .. فأهلاً وسهلاً بهذا الأسلوب المحترم الذي يعتبر فرض عين علي كل مسلم ومسلمة لتهيئة المجتمع كله ورفع استعداده لتطبيق الشريعة الإسلامية علي مراحل مثلما فعل المولي سبحانه وتعالي في تحريم الخمر والقمار .. لكن السؤال : وأين تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة؟ الاجابة بمنتهي الصراحة والوضوح والتحديد : في المساجد "أصلاً" ومن خلال وسائل الإعلام "فرعاً" باعتبارها أداة توصيل وتواصل مع الناس. أما الشوارع والطرقات وأماكن العمل والإنتاج ..فإنها ستكون فوضي ما بعدها فوضي .. تنتهي حتماً بحرب أهلية لن تبقي ولن تذر إذا لم تبادر الدولة وتوقف هذه المهزلة. ولكم الخيار .. يا أعضاء من تسمي "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"